نسرين موافي
أحلام مؤجلة
الخميس، 30 سبتمبر 2021 - 12:36 م
تتصارعني الافكار دائما عندما أحاول الخلود إلي النوم و كأنها تنتظره حتي تؤرقني ، تقف متزاحمة ، يبهرني صبرها و اصرارها فلا تغادر مكانها و تزداد تزاحما في الإنتظار لتهجم على رأسي بمجرد أن تراها استندت إلى الوسادة ، تهاجمني فأقاوم و أعود لاستسلم و اتركها ترهقني ، فتهزمني و قبل أن تقتلني تتركني للنوم لأهرب فيه لكن على وعد بتزاحم جديد مع ما يستجد منها لتتنظر دورها في مشهد يومي يُعاد بلا ملل ، لم تخلف يوما معي موعدا الا باستثناءات قليلة .
منذ فترة اجمعوا جميعا على فكرة واحدة تداهمني منفردة و بقوة شديدة ، تركوا جميعاً لها المبادرة في القضاء علي ، فهي فكرة حقيقة موجعة ، تلمس روحي و تنكأ جروحها .
ماذا لو ان أغلى و أقرب شخص عندك .. من بسمع أفكارك ، من يشعر بك ، من يهديء من روعك قد اختفى !؟
ماذا لو اختفى فعلًا و لن تستطيع الوصول اليه ابدا ؟!
اختفى قبل أن يعرف ماذا يعني لك ؟! تبخر و لم يسمع منك مكانته عندك ؟! هل افصحت لمن تهتم حقاً لأمرهم عن مكانتهم عندك ؟!
ماذا لو اختفى السند و لم يسمع منك كلمة عرفان و تقدير ؟!
ماذا لو كان الصديق يحتاج لأكثر من فرصة و أكثر من عتاب؟! يحتاج لأكثر من تفهم يحتاج لأكثر من تحمل و صبر و هو يستحقه ؟! هل أعطيتهم ما يستحقون و وفيتهم عهودهم ؟!
أم أجلت كل هذا و تواكلت أنهم من المؤكد يشعرون و يعرفون و تناسيت أنك لا تقبل هذا العذر ؟
الفكرة هل حقاً أعطيت شعورك الفرصة ليظهر فلا تندم عندما يفوت أوانه ؟
هل أعطيت شعورك وقته أم أجلته تحت بند الوقت المناسب و عندما لم يأت الوقت المناسب و ضاعت فرصتك أطلقت الجمل المعتادة الجوفاء " الظروف و الدنيا و القدر و تصاريفه " و حملتها فشلك و ضعفك ، و وضعت عذر جديد يبرر تخاذلك في الحفاظ على شعورك و ضياع فرصته في جعلك أكثر سعادة
مؤجلات كثيرة تملئ حياتنا … نؤجل السعادة ، نؤجل الفرح ، الاعتذار و نؤجل حتى العناق ، نؤجل الكلمة الطيبة و نؤجل جبر الخاطر ، نؤجل حتى كلمة شكراً
مؤجلات كثيرة بدوافع شتى ، فتارة عِند و كبرياء ، أخري ظروف ، ثالثة انتظار لاشارة و رابعة حتى يكبر الصغار و خامسة و سادسة
و النتيجة صفر ..
و التساؤل الذي يجتاحني بسيط ، ماذا سيضرنا ان لم نؤجل … ؟!
من منا مات عندما اعترف بالحب و لم يبادله من يحب الشعور ، من منا هُزت كرامته عندما اعتذر و لم يتكبر ،
من منا مرض أو فقد شيئاً عندما راضي و طيب خاطر
من منا انتظرته سعادته بعد ان كبر الصغار ، أو حتي وجد الوقت و الرغبة .
الحقيقة انه لم يندم أحد ابدا عندما أزاح عن كاهله ما يؤرقه ، لكن ندمنا جميعاً علي فرص ضاعت و فات أوانها … ندمنا جميعاً علي تركها ، ندمنا علي وقت ضاع مع من نهتم لهم دون أن يعلموا كم يعنون لنا حتي يختفوا .
لماذا نتركها تضيع ؟! هل هي الفغلة ام استحلاء الندم و الفقدان
ام أننا فقط لا نملك شجاعه المواجهة و اقتناص الفرص
هل فعلا نخاف من الفرصة و نترك كل هذا علي شماعه الظروف فتأتي او لا تاتي فهذا قدر .
ظلمنا الظروف و حملناها اختيارانا و هي بريئة منا و من أفعالنا فلو أنها تتحكم فينا فكيف سنحاسب علي ما نفعل ، هي فقط خُلقت لتتحمل بؤسنا و استسلامنا و ضعفنا في مواجهة أحلامنا ، تقاعسنا عن السعي لأمتلاك ما نريد و تخاذلنا في طلب ما نستحق
كمن يسمع ليل نهار عن فوائد العسل و حلاوة طعمه و يمنعه مشقه الوصول اليه و الخوف من لسع النحل
الا انه إن ذاق حلاوته يوماً و طلبه شفاءاً ، سيفعل المستحيل للحصول عليه .
كذلك هي أحلامنا و مشاعرنا نخاف من امتلاكها من مواجهتها ، من تطويعها بل نخاف من احساس السيطرة عليها و نكتفي بتأجيلها حتي يتم اعفائنا منها مع تقادمها و استحاله تحقيقها فنرضي أنفسنا بالعجز و قلة الحيلة و هزيمة اقدارنا لنا و ما هزمتنا ، لكن انفسنا هزمنا .
نحن ندمن أحلامنا فهي تخدر كل آلامنا ، نعرف جمالها ، نفرح بتخيلها ، لكن لا نتحرك في اتجاهها …حتي نخاطر و نتجه لتحقيقها و حقاً نذق حلاوتها هنا تتغير الأشياء و نستعجب من افكارنا القديمة و كيف و لماذا أضعنا كل هذا الوقت في التفكير و لم نحاول .
لا تؤجلوا أحلامكم علي أمل موتها فحتي السعي في اتجاهها له لذته و تحقيقها عمر جديد ، لا تتنازلوا عنها ، و لا تؤجلوا مشاعركم و الإفصاح عنها بانتظار أن تعتادوها أو أن يفهمها غيركم .
لا تؤجلوا حياتكم حتي يفوت أوانكم ، فطالما ينبض القلب فالأمل مشروع و الحلم حقيقة بأيديكم .