«ما حدث لتوفيق عكاشة كان من فعله.. وبيده لا بيد أحد آخر.. هو من قتل نفسه»
حسنا فعل مجلس النواب أول أمس عندما حسم موقف النائب توفيق عكاشة بأن سحب منه لقب النائب وأعاده إلي صفوف المواطنين الغلابة اللي زي حالاتنا.. وكسر رقبته المعوجة علينا تعاليا وغرورا.. وأطفأ نار التهديدات التي كان يطلقها في كل وقت وحين ضد من يتصور أنه يناصبه العداء لأنه لم يساهم في دعم قناته الحائرة.
الرجل خرج عن كل ما هو مألوف أو معقول.. وقال كلاما لا يخرج من فم عاقل.. وكان مدعيا بغير علم في كل قضية يخوض فيها.. لقد صدق الرجل نفسه.. وأوهمه المحيطون به وأولهم المذيعة الأولي للقناة بأنه جهبذ الجهابذة وخبير الخبراء فازداد غروره الذي قتل به نفسه.. الكل كان يتعامل معه كفقرة فكاهية في برنامج يومي علي قناة تليفزيونية يمتلكها ولا أحد يعرف مصادر تمويلها.. والكثير مما يقوله يحمل مغالطات مهنية وتاريخية وسياسية.. وهو إن كان - كما يدعي - يحقق مشاهدة عالية.. نعرف أسبابها في الطبقات متوسطة الثقافة.. إلا أنه بعيد تماما عن كونه خبيرا.. ورغم ذلك فهو يعلن بكل جرأة أنه مطلوب لإلقاء المحاضرات في كبري الجامعات والمعاهد البحثية.
.. ما حدث لتوفيق عكاشة كان من فعله.. وبيده لا بيد أحد آخر.. ومع ذلك فعندما رفع النائب البرلماني المخضرم كمال أحمد حذاءه ليضرب به عكاشة علي فعلته النكراء بمقابلة السفير الإسرائيلي في منزله متحدثا معه في قضايا ترتبط بالأمن القومي.. قلت إن هذا الأسلوب في الحوار والتعبير عن الرأي مرفوض في كل الأحوال.. المسألة ليست مجرد خلاف في الرأي.. لكنها تتعلق بتقاليد الحوار داخل البرلمان.. حتي لو كنت في قرارة نفسي أتفق مع ما فعله.. وطالبت أن يتحرك المجلس استجابة للشعب.
وطالب الشعب من مجلس النواب.. نواب الشعب.. أن يصدر قراره بشأن العضو المخالف للإرادة الشعبية.. فضلا عن أي نقابة هو عضو بها.. وتحرك أبناء الدائرة الانتخابية للنائب في اتجاه مساءلته وعقابه وسحب الثقة منه. المسألة لا تتعلق برأي شخصي نحترمه في أي شخص حتي لو اختلفنا معه.. إنه مخالفة لإرادة شعبية.. وقرارات ولابد لمن خالفها من حساب.. وعقاب.
القضية حسمها الشارع المصري والعربي كله عندما رفض التعامل بأي شكل من الأشكال مع ما يسميه العالم « دولة إسرائيل « ومازلنا نسميه نحن « الكيان الصهيوني «.. العالم يدعم الدولة التي زرعها في الجسد العربي ويساندها ويحميها ويسلحها بما يفوق تسليح أي دولة.. ليس هذا فقط.. بل ويعمل علي تدمير وتقسيم وانهيار كل ما حولها من دول.. سواء بشراء الحكام في ١٩٤٨.. أو تكوين تحالف استعماري في ١٩٥٦.. أو بتدبير خديعة كبري في ١٩٦٧.. أو بالتوسع في الاستيطان علي حساب الأرض والشعب.. ثم تدمير العراق واحتلال لبنان بعد ذلك.. وأخيرا وليس آخرا الطامة الكبري والمؤامرة الواضحة المسماة بالربيع العربي التي راحت فيها دول وجيوش وقسمت وتحاربت فيما بينها لتكون إسرائيل فيها الرابح الوحيد.
وعلي الرغم من وجود اتفاق سلام موقع منذ خمسة وثلاثين عاما.. ووافق عليه الشعب وتحترمه الدولة حتي الآن إيمانا بالسلام ورغبة في أن يكون سلاما عادلا يحترم حقوق كل الأطراف خاصة الشعب الفلسطيني ويؤسس لقيام دولته علي أرضه ويعود إليها اللاجئون من كل شتات الأرض ويحترم الأراضي المقدسة.. إلا أن الشعب منذ اللحظة الأولي لم يوافق علي أن تكون العلاقة بين الطرفين خارج إطار القنوات الدبلوماسية.. وألا تنتقل منها إلي العلاقات الشعبية وهو ما يسمي بالتطبيع.
لقد رفض الشعب المصري بكل اتجاهاته وتياراته هذا التطبيع.. وهو لن يقبل به إلا بعد أن يتحقق الهدف الأكبر من اتفاق السلام.. وكل النقابات والهيئات والتجمعات استجابت لإرادة الشعب ورفضت التطبيع.. وقررت الجمعيات العمومية لكل النقابات فصل أي عضو يخالف تلك الإرادة الشعبية.
٤٦٥ نائبا.. صححوا ما فعله عكاشة.. وأعطوا رسالة إلي الشعب بأن إرادته هي التي تحكم وتتحكم.. ورسالة إلي إسرائيل واضحة وضوح الشمس.. نحن لن نكون كما تريدون.. والرسالة الأخيرة هي للنواب أنفسهم.. سيد قراره أصبح خادما للشعب.
عكاشة اتعكش.. هو الأول.. ولن يكون الأخير.