منزل الزعيم
«آخرساعة» زارته فى الإسكندرية : هنا منزل الزعيم
السبت، 02 أكتوبر 2021 - 10:33 ص
ياسين صبرى
تستوقفنا محطات عديدة فى حياة الزعيم جمال عبدالناصر كان لها أثر بالغ فى تشكيل شخصيته لاحقاً، وقد كانت الإسكندرية شاهدة على بداية كل شيء.. المولد وبداية الاحتكاك بالنشاط السياسى فى عام 1930م، رغم صغر سنه فى تلك الفترة، وذلك بعد أن التحق بمدرسة رأس التين لانتقال والده للعمل فى الخدمة البريدية هناك، فشارك فى مظاهرة كانت تمر من ميدان المنشية نظمتها جمعية امصر الفتاةب تنديداً بالاستعمار الإنجليزى لمصر عقب قرار رئيس الوزراء إسماعيل صدقى بإلغاء دستور 1923، وأُلقى القبض عليه فيها وتم احتجازه لمدة قصيرة قبل إطلاق سراحه.
حكايات كثيرة رصدتها آخر ساعة بعد أن قامت بجولة فى حى اباكوسب الشعبى (شرقى الإسكندرية) الذى شهد مولد وطفولة أحد أهم القادة المؤثرين فى تاريخ مصر الحديث.
لا تزال ذكرى عبدالناصر عالقة فى أذهان سكان شارع القنواتى الذى يضم منزله ومن بينهم مجدى إبراهيم الذى يفخر بأنه يقطن فى الشارع ذاته الذى شهد ميلاد زعيم الأمة ويحدثنا عن تاريخ المنزل قائلاً: االبيت تم شراؤه فى الأساس من والد عبدالناصر الذى كان يعمل موظفاً بمصلحة البريد بمحافظة الإسكندرية وظل مقيماً به مع أسرته عدة سنوات إلى أن انتقل من مقر عمله كموظف فى بوسطة باكوس إلى القاهرة، وحينها باع المنزل بمبلغ 3 آلاف جنيهب.
ويمتدح مجدى ما حققه عبدالناصر للمصريين من عدالة اجتماعية: اكانت ظروف والدى المعيشية صعبة، حيث كان يتقاضى 7 جنيهات فقط شهرياً من خلال عمله كناظر فى هيئة النقل العام، وكان ينفق منها علىّ وستة إخوة آخرين، لكن الوضع تبدَّل بعد تولى الزعيم جمال عبدالناصر الحُكم وقيامة بإصلاحات عديدة منها رفع أجور الموظفين وتثبيت المعاشات، ما حسَّن أوضاعنا المعيشية بصورة كبيرةب.
فى نهاية حديثه معنا أشار إلى منزل مطلى باللون الأصفر ملاصق لمنزل عبدالناصر ومكوَّن من أربعة طوابق، وقال: اهذا بيت أسرة الصاوى التى اشترت بيت الزعيم من والده بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه بعد انتقاله من (باكوس) إلى منطقة (سموحة)، وما زال العديد منهم يسكن به حتى الآنب.
فيما أشارت عزة شعبان التى تقطن فى المنزل المواجه لـمركز عبدالناصر الثقافي إلى أن بيت الزعيم تم بيعه لأسرة الصاوي، بعد إتمام عبدالناصر مرحلة التعليم الابتدائى ورحيله مع أسرته من الإسكندرية ليظل ملك هذه الأسرة فترة من الزمن، وبعدها قامت الحكومة فى عهد الرئيس أنور السادات باتخاذ إجراءات للحفاظ على القيمة التاريخية للمنزل ولذلك قامت محافظة الإسكندرية بشراء المنزل من مالكه بغرض تحويله إلى متحف.
تتابع: افى فترة من الفترات كان يتم فتح البيت للمدارس الأجنبية، وكانت تقام احتفالات لهذه المدارس به، لذلك كان هناك اهتمام بتشجير ونظافة الشارع المحيط به، ثم انقطع هذا الأمر تدريجياً إلى أن أُعيد افتتاحه للجمهور مرة أخرىب.
اكان حاسس بالغلابة هكذا يصف سعيد السيد أبو الليل، أحد سكان المنزل المجاور لمنزل عبدالناصر، موضحاً أن الرئيس الراحل قام بالعديد من الإصلاحات التى حسّنت من أوضاع الفقراء، ورفعت أعباء المعيشة عن كاهلهم قائلاً: اعملت بوزارة الكهرباء لمدة 36 عاماً وشهدت إنجازات عبدالناصر لتحقيق العدالة الاجتماعية، ومن بينها إصلاح نظام التأمينات والمعاشات ورفع أجور الموظفينب.
يضيف: اكان معروفاً عن عبدالناصر تقديمه المساعدة لكل من يلجأ إليه طالباً فرصة عمل، ومن بينهم صديقى عبده الذى روى لى قصة مقابلته عبدالناصر بالمصادفة، حينما كان يمر بسيارته المكشوفة فى شارع جليم، وحينها نادى عليه صديقى هاتفـــاً(يا ريس)، فالتفــت إليـــه الرئيس وســـأله عمّــا يريد، فطلب منه توفير فرصة عمل له فى مدرسة (نوتردام دى سيون) فوافق عبدالناصر على مطلبه.
بعد ذلك توجهنا مباشرة إلى منزل الزعيم، لنجده لا يزال محتفظاً بطابعه المعمارى وسط عدد كبير من المبانى المتهالكة والأبراج، وهو عبارة عن مبنى مشيد من طابق واحد تبلغ مساحته 160 متراً، تم بناؤه على قطعة أرض تصل مساحتها إلى 380 متراً، وجرى تجديده بعد الانتهاء من عمليات الترميم التى استغرقت عامين وتكلفت حوالى مليون و350 ألف جنيه ليتحول إلى مركز ثقافي.
المنزل عبارة عن أربع غرف وصالة استقبال، إضافة إلى فناء يستخدم كمسرح مكشوف، وتصل سعته إلى 70 فرداً، فيما تضم القاعة الرئيسية - وهى أكبر الغرف مساحة - مكتبة، كما تم تزويد المركز بالوسائط التقنية المتعددة والأفلام الوثائقية عن الحقبة الناصرية.
فيما يقول الدكتور وليد أنوش، أستاذ ورئيس قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة ومدير مركز جمال عبدالناصر الثقافي: اإن ملكية المنزل آلت إلى الدولة فى عهد الرئيس الأسبق أنور السادات، ونُقِلَت تبعيته إلى وزارة الثقافة بقطاع الفنون التشكيلية تمهيداً لتحويله إلى متحف، لكن أثناء البدء فى تنفيذ الفكرة رأت الهيئة المكلفة بالعمل أن المنزل لا يصلح كمتحف بسبب مساحته الصغيرة وعدم وجود مقتنيات به ليظل على حاله فترة من الزمن، ثم كان القرار بتحويله إلى مكتبة سُميت بمكتبة والد الزعيم جمال عبدالناصر، وعند افتتاحها فى نوفمبر عام 2016 رأى وزير الثقافة الأسبق حلمى النمنم نقل تبعيتها من قطاع الفنون التشكيلية إلى صندوق التنمية الثقافية ليتحول اسمها إلى مركز جمال عبدالناصر الثقافيب.
وتابع: اعندما قمنا بتولى مسئولية مركز جمال عبدالناصر الثقافي، اطّلعنا على خطة التطوير، وكان المكان يحتوى آنذاك على مكتبة للتاريخ المصرى المعاصر ومكتبة سمع بصرية، ومسرح مكشوف، وبعد فترة من الافتتاح واختبار مدى التجاوب مع الأنشطة به، تبين ضرورة وجود نشاط مخصص للفئات العمرية الصغيرة، فأنشأنا مكتبة للطفلب.
من جانبها، أوضحت أسماء مصطفى، باحثة تنمية إدارية بصندوق التنمية الثقافية، أن المكتبة الملحقة بمركز جمال عبدالناصر الثقافى تعتبر مصدراً وفيراً لكل مَنْ يريد إجراء بحوث عن حياة الزعيم لما تحتويه من معلومات ووثائق وكتب عن الحقبة الناصرية، كما أنها تضم 12 مجلداً تتناول خطب ورسائل ومقالات الزعيم الراحل، ومجلدا آخر يحتوى على صور نادرة له.
أما قاعة اطلاع الأطفال داخل المركز فتضم 1600 كتاب مخصصة للفئات العمرية الصغيرة بمختلف المجالات، بينما تحتوى قاعة الكمبيوتر على خطب ووثائق مسجلة لعبدالناصر ومعلومات عن الضبَّاط الأحرار وثورة 23 يوليو 1952.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة