دراما المخابرات
دراما المخابرات


دراما المخابرات .. تكسب معركة الوعى

أخبار النجوم

السبت، 02 أكتوبر 2021 - 03:56 م

ريزان‭ ‬العرباوى

مهمة تنمية الشعور الوطنى فى ظل التحديات التى تواجه حصون الوعى، بالتأكيد مهمة ليست هينة خاصة أنها فى معركة لمواجهة معتقدات ومبادئ تتعلق بالأرض والهوية، إلا أن دراما المخابرات المصرية استطاعت تحقيق المعادلة الصعبة فى تقديم محتوى قادر على تفعيل الدور التثقيفى والتوعوى، واسهامها بشكل كبير فى بناء عقليات ناقدة قادرة على التلقى الفعال لمضامين تلك الصناعة المصرية، بالإضافة الى الجاذبية الخاصة التى تحققها بكشف أسرار شخصياتها محور العمل، وأحداث خفية حدثت بالفعل، ودورها فى بث رسائل موجهة للجهات المعادية.. فكانت بمثابة مدفعية ثقيلة على جبهة معارك الوعى.

 

هناك أعمال مميزة استقت مضمونها من واقع ملفات أجهزة المخابرات المصرية، استطاعت التفرد باهتمام الجمهور لما تتمتع به من أهمية فى المعالجة الدرامية لأحداث وقعت بالفعل وإظهار الخفايا منها بحرفية شديدة المهارة، فنجحت فى تعرية خيانات ترتكب باسم حقوق الإنسان عبر منظمات تلتحف بستار المجتمع المدنى لتكشف عن مخططات تحاك ضد البلد وإزاحة الستار عن زيف الإعلام المضاد وإلقاء الضوء على أبطال حقيقين واجهوا العدو بكل شجاعة وقدموا حياتهم فداء للوطن، وكانت بمثابة العميل السرى لتحريك وصناعة الوعى بنفحات وطنية.

أنتجت الدراما المصرية مجموعة من الأعمال ذات التأثير العميق فى الوجدان والراسخة فى الذاكرة يربطها عمود فقرى واحد هو كشف المخططات التى تستهدف الإطاحة بالأمن القومى للوطن وإلقاء الضوء على أبطال حقيقيين، ومن تلك الأعمال «هجمة مرتدة» الذى عرض فى رمضان الماضى وقام ببطولته أحمد عز وهند صبرى ومن تأليف باهر دويدار، ومن الأعمال الهامة والخالدة فى الذكرة على سبيل المثال وليس الحصر مسلسل «رأفت الهجان، دموع فى عيون وقحة، السقوط فى بئر سبع، الثعلب، الحفار، الزيبق وحرب الجواسيس».

أبعاد وطنية

ومن ملفات المخابرات اختار السيناريست بشير الديك، حكاية «سامية فهمى» لتناولها دراميا من خلال مسلسل «حرب الجواسيس» الذى حقق رد فعل جماهيرى كبير.

ويؤكد السيناريست بشير الديك أهمية دراما المخابرات ودورها التثقيفى والتوعوى خاصة فى الوقت الحاضر ويقول: «تحمل دراما الجاسوسية التى تنقل من واقع ملفات أجهزة المخابرات المصرية توليفة وحرفية عالية بالإضافة إلى سحرها الخاص الذى يتجلى بكشف حقائق خفية وأسرار وبطولات، فيشعر المشاهد أنه يتابع لعبة شديدة التعقيد، تحمل كل خطوة منها مفاجأة واستمتاع وذكاء مما يحرك شعورا لديه بالخطر المحدق بالبطل طوال الوقت، فيزيد من عنصر الجذب والتشويق الذى يعمل على تحريك الفكر وتشغيل العقل ليكون قادرا على انتقاء وغربلة ما يتم تصديره من أفكار هادمة، فالفن ليس للتسلية فقط بل يجب أن يكون له أبعاد وطنية تتعامل مع التاريخ المشرف للوطن لذلك فإن المسئولية الملقاه على كاهل المؤلف كبيرة، فلابد أن يتمتع بحنكة وحرفية عالية فى الكتابة لغزل أحداث حقيقة وتحويلها لعمل درامى مع الالتزام التام بالتفاصيل الموجودة فى الملف واقتصار خياله على نقاط معينة لا تلغى أو تشوه المضمون الحقيقى للعمل، لينجح فى مهمة عمل مخابراتى ناجح له دور فعال فى صناعة الوعى، وعندما اخترت موضوع الجاسوسية لمناقشته من خلال مسلسل «حرب الجواسيس» تحديدالرصد جولة من ملف الصراع بين المخابرات المصرية والإسرائيلية  فى محاولة للتركيز على فترة حرب الاستنزاف وما حدث بها من مجازر أشهرها مذبحة بحر البقر، لأننا بحاجة شديدة للعودة لهذه النوعية من الأعمال التى تفجر حماس الشباب فتحرك حسه الوطنى.

ويضيف: «تحقق تلك الأعمال مردود واستنكار إسرائيلى لما تعمل عليه من كشف للحقائق والصور، ولكن المهم بالنسبة لى هو مخاطبة الجمهور المصرى، وتوضيح أمور قد تكون غامضة بالنسبة له لزيادة وعيه تجاه المخاطر التى قد تحاك ضد البلد، وقد تكون ندرة أحداثها ودقة تلك الأعمال أهم أسباب غيابها لسنوات عن الشاشة.

لعبة الصراع

وقدم المؤلف وليد يوسف أيضا قصة حقيقة من ملفات المخابرات المصري تحت عنوان «الزيبق» قام بالبطولة كريم عبد العزيز وشريف منير، ودارت أحداثه حول تجنيد عمر صلاح «كريم عبد العزيز» من قبل المخابرات المصرية عن طريق الضابط خالد صبرى «شريف منير» ليسافر إلى أوروبا وينجح فى الكشف عن خلية الموساد الموجودة هناك، ويقول وليد يوسف: «تلعب دراما المخابرات لعبة الصراع ومن المعروف أنها أفضل لعبة تمارس دراميا لقدرتها على جذب عدد كبير من المشاهدين من خلال مباراة تمثيلية شديدة الإبداع، ومعالجة درامية تاريخية غاية فى الدقة قادرة على تعرية خيانات ترتكب باسم حقوق الإنسان وتهدد الأمنى القومى للبلد فالهدف الأساسى لهذه الصناعة هو زيادة الوعى والحس الوطنى وبث رسائل موجهة للجهات المعادية، وأيضا المغيبون المتأثرون بالدعاية المضللة وهنا يأتى دور الإعلام فى كشف زيف الإعلام المضاد فهى حلقة متصلة».

ويتابع: «مما لا شك فيه أن لتلك الأعمال تأثير داخلى وأيضا صدى لدى الأعداء لمساهمتها في معرفة الرسائل الضمنية السياسية والفكرية والاجتماعية التى تحتويها عبر قراءة نقدية تحليلة، ولها جاذبية خاصة لتسليط الضوء على بطولات خفية لم تنتظر مقابل لعطائها وتضحيتها فى سبيل الوطن، فنحن بحاجة لهذه النوعية التى تخاطب وجدان الناس بدلا من غرائزهم وتنمية قيم الانتماء وكشف كواليس المخططات الشيطانية لتظهر قوتنا فى مواجهة حرب العقول عبر سلاح الردع الدرامى.

تحتاج دراما المخابرات والجاسوسية إلى وقت لظهورها للنور على حسب ما يتطلبه قانون المخابرات لنشر تلك الأحداث فقد تتم الموافقة بعد 10 أو 15 سنة أو تظل فى طى الكتمان ولكن يجب التأكيد على أن نجاح دراما المخابرات هو تأكيد امتلاكنا لجهاز استخباراتى بالغ القوة والاحترافية وانه قادرا على تحقيق المكسب فى أشد لحظات الهجوم خطورة بفضل تضحيات أفراده.

الحس الوطنى

تشيد الناقدة الفنية خيرية البشلاوى بدور الفن فى صناعة الوعى بالرغم التحديات التى قد تهدد حصونه الا أنا الدراما قادرة على بناء عقليات قادرة على البحث والتحليل والدليل استمرارها فى تقديم هذه النوعية وبكفاءة، وتقول: «هى مادة موضوعية شديدة الخصوبة والتنوع ومليئة بكافة العناصر التى تنعش ذاكرة المؤلف ويحتاج إليها العمل الفنى الجذاب وأعنى الإثارة والتشويق التى تتحقق من خلال رصد أحداث غاية فى الأهمية وفى ذات الوقت مشبعة بالحس الوطنى والبطولات سواء الفردية أو الجماعية والتى تؤدى مهمتها فى الظل، ولهذه النوعية أهمية كبيرة تؤكد على أننا فى حالة حمى من قبل مؤسسات قوية جدا كجهاز المخابرات الذى يعتبر واحدا من أفضل أجهزة المخابرات فى العالم، فهى مادة خصبة لأى سيناريست ولصناع الفن قادرة على حياكة أعمال قد تطول لـ40 و50 حلقة أو قد تمتد لأجزاء، فنحن بحاجة لتكثيف هذا الخط الإنتاجى فقد ثبت أنها شديدة الأهمية وشديدة الجاذبية وفى نفس الوقت لها قاعدة جماهيرية كبيرة، ومن الضرورى الاهتمام بتنمية الحس الوطنى وتحريك الوعى لأننا نواجه معركة أساسها مشكلة لايجب غض الطرف عنها وهى أفة الجهل ومن مظاهر الجهل عدم الوعى أو الوعى الزائف، وذلك من الممكن تحقيقه من خلال المادة الموجودة فى ملفات المخابرات العامة التى تركز على مفهوم الايدلوجية للأفكار والمعتقدات الكامنة فى أنماط سلوكية معينة، كذلك سياسة التعامل مع الآخر والصراع الخفى والظاهر وكافة أنواع الصراعات التى من ضمنها الصراع على الأرض والهوية والمقومات الخاصة بالثروات الطبيعية للبلد جميعها تدخل فى نطاق أجهزة المخابرات التى تعتبر منجم ذهب للدراما فهى تقدم المعرفة والمعلومة اللازمة لبناء مشروع قومى قوى ومتكامل.

وتتابع البشلاوى قائلة: لدراما المخابرات أهمية كبيرة أيضا فهى بمثابة سيرة ذاتية لأبطال حقيقين لايعرف عنه الكثير والقاء الضوء على أحداث خفية حدثت بالفعل وكان لها تأثير قوى على أمن وسلامة الوطن لذلك يجب الاستعانة بالملفات القديمة طبعا دون الملفات الحديثة فالمسألة شائكة تمس الأمن القومى والمخابرات لن تسمح بتداول أى معلومة الا اذا كانت متأكدة مئة بالمئة أنها تدعم الأمن القومى وتبعث برسائل ضمنية للاعداء والمتربصين اننا نمتلك جهاز مخابرات قوى وان هذا الجهاز قوى ويقظ جدا وان يتضمن أبطال ثعالب ونسور محلقين أرضا وجوا قدموا أرواحهم فداء للوطن دون مقابل، بالاضافة الى انها قادرة على تعرية وكشف خيانات الدول المعادية وهذا الدور يؤكد أننا مجتمع يقظ ومنتبة لكل مصادر الخطر التى قد نواجهها فلسنا فى سبات ونتحصن بأدوات أساسها رجال وجنود بواسل وخطط وعقول فطنة، فأحذرونا.

أما عن سبب غياب هذه النوعية بالرغم من تعطش الجمهور لها، تقول: لأنها أعمال مكلفة تحتاج إمضاءات ومسارب كثيرة لكى تصل إلى استوديوهات التصوير لتعاملها مع قضية شديدة الحساسية تحتاج إلى رقابة ودقة لأن أى غلطة مكلفة،كما نحتاج الى طاقم عمل مميز من ممثلين لهم تأثير ومؤلف قوى ملم بأدواته لكى يتمكن من تحويل تلك المادة إلى دراما جاذبة لها اسقاطات على الحاضر.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة