من يحمى الأطفال المحتضنين
من يحمى الأطفال المحتضنين


بعد واقعة إعادة طفلة إلى الملجأ .. من يحمى الأطفال المحتضنين؟

آخر ساعة

الأحد، 03 أكتوبر 2021 - 09:29 ص

كتبت.. آية فؤاد

البيت والأسرة والعائلة، هم السند والداعم لكل طفل، فهم الطمأنينة بالنسبة له، وأحد الأسباب الهامة لجعله طفلا سويا نفسياً واجتماعياً، ولكنهم بمثابة حلم لأطفال حكمت عليهم الظروف بفقدانهم، وتخلى الأهل عنهم بمحض إراداتهم أو طواعية لظروف فرضتها عليهم الحياة، لكن المؤلم أن يتم التخلى عنهم مرتين الأولى من أسرهم الحقيقية، والثانية من الأسر المحتضنة.

 مثلما حدث مؤخرًا فى واقعة تخلى أسرة عن طفلة احتضنتها منذ نعومة أظافرها حتى أتمت عامها الثالث، لكن السنوات الثلاثة لم تكن شفيعة لها فى قلوبهم فأرجعوها إلى الملجأ مُجددًا بعد أن اكتشفت الأم حملها، ولم تستعطفهم دموع الطفلة أو كلمة اما تسبنيش يا باباب التى كانت ترددها.

تلك الواقعة القاسية تفتح الباب لعدة تساؤلات أبرزها كيف نحمى حقوق الأطفال المحتضنين؟ وكيف تعى الأسر أن الاحتضان مسئولية لا يمكنهم التبرؤ منها؟

لم تكن تلك الواقعة هى الأولى من نوعها، ولكنها ألقت الضوء على جانب هام من الاحتضان، وهو أن تكون الأسرة المُحتضنة على قدر من المسئولية، تعى أنها أصبحت كل شيء لطفل له متطلباته النفسية والمادية، طفل يلهو ويغضب ويضحك ويبكى مثله مثل أى طفل آخر تتحمل أسرته تقلباته وطلباته معاً بصدر رحب وصبر وطول بال.

فى صدد ذلك، ظهرت يمنى دحروج، المدير التنفيذى لمؤسسة الاحتضان فى مصر، وهى فى الأساس أم محتضنة، فى فيديو، تسبق دموعها فيه كلماتها، وهى تتساءل عن وضع الطفلة وشعورها بعد فقدانها للأب والأم والبيت، وأطلقت حملةت"الاحتضان مسئولية"، التى تهدف إلى نشر عدة مفاهيم عن الاحتضان للأسر قبل اتخاذ القرار بضم طفل أو طفلة إلى الأسرة، والتأكيد على أن الأطفال مسئولية كبيرة على الجميع تحملها.

وأوضحت يمنى، أن الحملة تدعو لمشاركة الأسر الكافلة أو الأسر التى تفكر فى كفالة طفل المشاركة فى حملة الاحتضان مسئولية، لتكوين معلومات عن الكفالة وأنها ليست مجرد وسيلة للشعور بالأبوة أو إرضاء لغريزة الأمومة، وأن الطفل المحتضن ليس مجرد لعبة فهو إنسان لديه احتياجات لابد أن تعمل الأسرة المحتضنة جاهدة على توفيرها، ونضع فى المقدمة إحساسه بالأمان والاهتمام.

 وإذا كان الطفل له إخوة بيولوجين من الأسرة المحتضنة يجب أن يراعى عدم التفرقة بينه وبين أشقائه، لافتة إلى أن الأسر الحاضنة تواجه الكثير من التحديات منها التعامل مع الطفل على أنه من أولادهم بالفعل، وثانياً مواجهة الطفل بالحقيقة التى نؤكد أنها أفضل فى الصغر، وليس فى سن المراهقة وغيرها من المفاهيم التى نعمل على توفيرها للأسر البديلة عن طريق ورش ودورات تدريبية متوفرة بالمجان أون لاين.

وأكدت يمنى، أن الاحتضان حياة لطفل تخلى عنه أبواه فى المرة الأولى، يجب أن نكون حريصين على ألا يتم التخلى عنه لمرة ثانية، لذلك تؤكد أن الأسر يجب أن تهتم بالدورات التدريبية حتى لا يصاب الطفل بآثار نفسية سيئة لأنه فى المرة الثانية الطفل أصبح يعرف معنى الأسرة، والبيت، ومدركاً لكل ما يحدث حوله.

من ضمن برامج الحملة التحدث عن نماذج إيجابية لأسر كانت على قدر المسئولية تجاه طفلها أو طفلتها المحتضنة، "آخر ساعة" تواصلت مع هذه النماذج التى أدركت أن للطفل المحتضن حقوقا عليهم الحفاظ عليها..

أمنية أو "أم حور"،تقالت: "بدأت معنا المسئولية منذ قررنا أن نحتضن، حينها شعرت بحجم المسئولية التى سنقدم عليها، فالقرار لم يكن سهلاً، أخذت على عاتقى المذاكرة، والقراءة فى كل ما يخص الاحتضان، والتربية، وكيفية استقبال ابنتى لأول مرة، وقررت أنى أكون مستعدة لها بحب وقوة وشغف، أكون لها سندا وعونا وضهرا، أتقبل بكاءها المستمر، وأكون متسامحة مع نفسى ومتقبلة فكرة أنها ابنتى بالاحتضان".

وتابعت: قمت باستغلال فترة التقديم والأوراق التى قاربت على العام فى المذاكرة والقراءة عن الأطفال، وبدأت أفكر فى مواجهة المجتمع، كنا تحديداً فى عام 2017، وقتها لم يكن هناك أى معلومة عن الاحتضان على السوشيال ميديا، وكانت فكرة الاحتضان مختلفة وضيقة عن وقتنا الحالى.

 ولكننا قررنا أن الحل الأفضل هو الصراحة ومواجهة الناس، وبالفعل أعلنت أننى سأكون أما محتضنة - أما لحور ابنتى بالكفالة - وعلى عكس المتوقع وجدت ترحيبا من الجميع، وبعد ذلك واجهت نوعا آخر من التحديات والمسئولية، وهو الرضاعة فبشعورى بالمسئولية تجاه طفلتى قررت أن تكون الرضاعة طبيعية على الرغم من الصعوبة التى مررت بها من جلسات كانت تستمر لمدة ساعتين، ومشوار طويل للعودة والذهاب إلى الطبيبة، ولكننى كنت مقتنعة أن الكفالة ليست أمرا سهلا، فالطفل المحتضن أمانة يجب الحفاظ عليها، ويجب المذاكرة والتعب والتأهيل قبل احتضانه واستقباله.

ورغم تخلى بعض الأسر عن أطفالهم المحتضنين عند إنجابهم لأطفال بيولوجيين إلا أن شيماء أم لـ3 أطفال بيولوجيين، قررت أن تحتضن طفلة تكون أختا لأطفالها، كما أنها أصرت على أن ترضعها كإخوتها، ولم تكتفِ بالـ5 رضعات المقررة للأطفال المحتضنين بعد جلسات العلاج، فأخذت قرار الحمل حتى تتمكن من إرضاعها مع طفلها الجديد، وعن شعورها بالمسئولية تجاه طفلتها تقول شيماء: "فكرة الاحتضان كانت موجودة منذ بداية الزواج، وحتى بعدما أصبحت أما لم يتغير تفكيرنا وقدمنا أكثر من مرة لكن دائماً كانت الظروف تمنعنا.

 فالقوانين كانت تشترط أن الطفل البيولوجى الأخير لابد ألا يقل عمره عن 14 سنة عند الاحتضان، ولكن مع مرور الوقت أصبحت الشروط أسهل فقررنا التقديم بأقصى سرعة، وفكرت فى أنها لابد أن أرضعها مثل إخوتها، لكن الطبيب أخبرنى أنى بالعلاج لم أتمكن من إرضاعها أكثر من 5 رضعات، فوجدت أن الحل هو الحمل فى طفل ثالث لإرضاعها معه وتكون أختا رابعة لأولادي".

أضافت: "حدث ما كنت أخطط له، ومن الجميل أن المجتمع والأقارب رحبوا بوجود جيداء فى وسط أسرتنا، فهى بالفعل ابنة لنا، وأخت لأولادنا، مؤكدة أن الاحتضان مسئولية ولا تختلف معاملة الطفل المحتضن عن الطفل البيولوجي، ولا يجوز أن يتم إعادة طفل أو طفلة محتضنة للدار إذا اكتشفت الأسرة وجود مشكلات صحية أو سلوكية به، أو تغير الوضع أو الظروف".

وعن كيفية حفظ حقوق الأطفال المحتضنة، توضح هبة أبو العمايم، مستشار وزيرة التضامن للرقابة والتفتيش، أن التعديلات التشريعية الأخيرة تهدف إلى تحقيق مصلحة الأطفال، حيث تتم زيارات دورية من إخصائى اجتماعى لمنزل الأسرة المحتضنة للاطمئنان على أحوال الطفل، كما أنه يتم عمل بحث اجتماعى فى البداية للتأكد أن الزوجين على قدر من النضج الفكرى والاجتماعي، وأن يتوفر لديهما ما يلزم الطفل اجتماعياً ونفسياً ومادياً، ومن أهم الشروط التى تضعها الوزارة أن تجتاز الأسرة المحتضنة الدورات التدريبية التى يتم تنظيمها، كما أنه لا يتم منح الأسرة الحاضنة الوصاية الكاملة على الطفل إلا بعد تقييم كامل لهم من الوزارة.

وأكدت هبة، أنه من الصعب سن قوانين تهدف إلى عقاب الأسر التى تتخلى عن الأطفال نظراَ للمصلحة الفضلى للأطفال المحتضنة، لأن ذلك من الممكن أن يدفع الأسرة التى تريد التخلى عن الطفل إلى التخلص منه بإلقائه فى الشارع وعدم إرجاعه مرة أخرى للدار.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة