عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

روح أكتوبر الخالدة

عمرو الديب

الأحد، 03 أكتوبر 2021 - 07:38 م

 

ليست كسائر الأيام، ولكنها بصمات محفورة فى الوجدان، ذات عبير أخاذ لا يخفت، ولا تندثر آثاره، هى أيام تتردد أصداؤها بين جنبات النفس، وكأنها مؤذن يرتفع صوته كلما حان وقت الصلاة، ولمَ لا وتلك الأيام هى التى شهدت انتصارات أمة رفضت الهزيمة، وأبت أن تتجرع مرارات العار؟ وعلى الرغم من جلال هذه المعانى التى تصطبغ بها ذكرى ملحمة أكتوبر المجيدة، فإننى - وكنت حينها صبيا لم أزل يتلمس خطواته على دروب الحياة، ارتشفت رحيق الانتصارات باستمتاع بالغ، واستنشقت عبير الكرامة بملء الصدر، ففى أجواء أسرة تعى جيدا حتمية تشكيل الوجدان على حب الأوطان، تلقيت بشرى العبور العظيم وسط تهليل العائلة، وكلماتها المنهرة، ووجدت وأنا تقريبا لم أتخط السابعة من عمرى من يشرح لى بصورة مبسطة تلائم سنى، كيف عبرت مصر.. بلدى الحبيب محنتها، وغسلت عارها، ومنحتنى الأقدار والدا كريما -رحمه الله- ،آمن أن من حق طفولتى أن تسعد بمذاق النصر وحلاوته، وأن تستمتع كالكبار تماما بشعور العزة التى ملأت أركان الأوطان، لذا أخذ  فى صبر وأناة يشرح لى أبعاد الحدث العظيم، ويحاول تبسيط المسألة لذهنى الصغير، إلى جانب شقيق كريم كان عاشقا للقراءة مثلى، سمحت له سنه حيث يكبرنى بأعوام عديدة، أن يستوعب جلال اللحظة، وفرادة الحدث، فامتلأ بالزهو والكبرياء الوطنى، وحاول أن يسهم فى نقل ذلك الشعور الفريد إليَّ، وإنارة ذهنى بتفاصيل ما جرى، عبر أساليب بالغة الذكاء لتقريب المعانى إلى وعيى الغض، فكان يتوسل بنماذج من الطائرات والدبابات ليشرح لى كيف جرت هجمات الطيران الممهدة، وأحداث معارك الدبابات الضارية، بصورة مشوقة، استطاعت أن تنفذ إلى الوعى والوجدان، وتستقر فى القلب متربعة فى شغافه، وقد سرت فى أجوائنا روح شفيفة عجيبة رفرفت على أيامنا وليالينا تشع البهجة، وتنشر البشارة، وقد ظلت هذه الأحاسيس منقوشة فى الذاكرة والشعور، تلهمنى دائما الثبات فى لحظات الانكسار، وتمدنى بالقدرة على التحمل فى أوقات الخذلان، وقد تحولت انتصارات أكتوبر إلى مدد دائم لا ينفد للأجيال، تستقى منه طاقة النور الدافعة، وقوة المضى الهائلة، فمهما اشتدت المحن، وتكاثفت الظلمات، وتوحشت التحديات، فهذا الوطن قادر على عبورها جميعا، وهذه الأمة الجسورة كفيلة بقهر الاشواك فى طريقها، ألم تعبر مستنقعات العار فى معارك 1973؟، ألم تتخط عقبة «بارليف» أضخم الخطوط الدفاعية فى وقتها؟، ألم تلقن أعداءها درسا لم ينسوه حتى الآن ؟، وها هى تعبرعقبات الحاضر الرهيبة، وتجتاز تحديات الواقع الشرسة، وتصعد إلى قمم المجد الشاهقة، فلا تزال تلك الروح العجيبة تسرى فى المخلصين من أبنائها.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة