سلمى‭ ‬قاسم‭ ‬جودة‭ ‬                          
سلمى‭ ‬قاسم‭ ‬جودة‭ ‬                          


لحظة وعى

خريف بطعم النصر

آخر ساعة

الثلاثاء، 05 أكتوبر 2021 - 10:20 ص

 

سلمى‭ ‬قاسم‭ ‬جودة‭ ‬تكتب‭                           

هو‭ ‬نهار‭ ‬لا‭ ‬يشبه‭ ‬النهارات‭ ‬الخريفية‭ ‬الشاحبة‭.. ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬توقفت‭ ‬أنفاس‭ ‬التاريخ‭ ‬اللاهثة‭ ‬ليخلِّد‭ ‬الحدث‭ ‬المهيب،‭ ‬وتشرق‭ ‬تجليات‭ ‬محو‭ ‬الانكسار‭ ‬الذى‭ ‬كان‭.. ‬فها‭ ‬هى‭ ‬معجزة‭الجيش‭ ‬المصرى ‬العظيم‭ ‬يعبر‭ ‬ويحقق‭ ‬الانتصار‭.. ‬أكتوبر‭ ‬يحظى‭ ‬بمكانة‭ ‬مجوهرة‭ ‬فى‭ ‬قلب‭ ‬كل‭ ‬مصرى‭ ‬وكل‭ ‬عربى‭.. ‬فها‭ ‬هو‭ ‬الخريف‭ ‬الذى‭ ‬أزهر‭ ‬ركائز‭ ‬المجد،‭ ‬هى‭ ‬الحرب‭ ‬المفضية‭ ‬إلى‭ ‬السلام‭ ‬القائم‭  ‬على‭ ‬الحق،‭ ‬الكرامة‭ ‬والردع‭ ‬المنشود،‭ ‬تلك‭ ‬الأقانيم‭ ‬الأبدية‭ ‬المتجذرة‭ ‬فى‭ ‬أعماق‭ ‬الشعب‭ ‬المصرى‭  ‬الذى‭ ‬منح‭ ‬العالم‭ ‬ذات‭ ‬فجر‭ ‬بعيد،‭ ‬التاريخ،‭ ‬الحضارة‭ ‬وأنوار‭ ‬الضمير‭.. ‬يقول‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭: ‬اإن‭ ‬الأوطان‭ ‬تحيا‭ ‬بموت‭ ‬الأبطال‭.

 

الآن‭ ‬أرتد‭ ‬إلى‭ ‬إرهاصات‭ ‬المراهقة‭.. ‬الساعات‭ ‬والأيام‭ ‬تزحف‭ ‬وكأنها‭ ‬دهر‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬الرهبة‭ ‬والصخب،‭ ‬الزهو‭ ‬والخوف،‭ ‬الانتظار‭ ‬المنهك،‭ ‬الأمل‭ ‬المجدول‭ ‬بالقلق،‭ ‬لحظات‭ ‬مدمجة‭ ‬تفوق‭ ‬أعوامى‭ ‬الشحيحة،‭ ‬أحاول‭  ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬هول‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬حولي،‭ ‬الأديب‭ ‬الرائع‭ ‬يوسف‭ ‬السباعى‭  ‬يمنحنى‭ ‬الطمأنينة،‭ ‬هو‭ ‬بمثابة‭ ‬الأب‭ ‬الروحى‭ ‬لي،‭ ‬عام‭ ‬١٩٧٣‭ ‬كان‭ ‬وزيرا‭ ‬للثقافة‭ ‬والإعلام،‭ ‬المعركة‭ ‬دائرة‭ ‬والأعصاب‭ ‬بمثابة‭ ‬أسلاك‭ ‬شائكة‭ ‬مشتعلة‭.. ‬يوسف‭ ‬السباعى‭ ‬هو‭ ‬دوما‭ ‬المسكون‭ ‬بقضايا‭ ‬الوطن،‭ ‬فكانت‭ ‬رواية‭ ‬االعمر‭ ‬لحظةب‭ ‬الصادرة‭ ‬عام‭ ‬١٩٧٣‭ ‬تروى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الصحفية‭ ‬نعمت‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬فى‭ ‬بلاط‭ ‬صاحبة‭ ‬الجلالة‭ ‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬على‭ ‬جبهة‭ ‬القتال‭  ‬فى‭ ‬آن،‭ ‬حكايا‭ ‬البطولة،‭ ‬البسالة‭ ‬والتضحية،‭ ‬أذكر‭ ‬أن‭ ‬فارس‭ ‬الأدب‭ ‬يوسف‭ ‬السباعى‭ ‬أهدانى‭ ‬مخطوط‭ ‬الرواية‭ ‬قبل‭ ‬صدورها‭ ‬ليجعلنى‭ ‬أدلف‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬الإبداع‭ ‬من‭ ‬بوابته‭ ‬الذهبية،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إبداعاته‭ ‬يسجل‭ ‬ويؤرخ‭ ‬أحداث‭ ‬الوطن‭ ‬الجسام،‭ ‬ففى‭ ‬اأقوى‭ ‬من‭ ‬الزمنب‭ ‬كانت‭ ‬قصة‭ ‬بناء‭ ‬السد‭ ‬العالي،‭ ‬اناديةب‭ ‬بتأميم‭ ‬القناة،‭ ‬ارد‭ ‬قلبىب‭ ‬ثورة‭ ‬١٩٥٢،‭ ‬اجفت‭ ‬الدموعب‭ ‬الوحدة‭ ‬مع‭ ‬سوريا،‭ ‬وفى‭ ‬اأرض‭ ‬النفاقب‭ ‬وايا‭ ‬أمة‭ ‬ضحكتب‭ ‬هما‭ ‬بمثابة‭ ‬منشورين‭ ‬ثوريين‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬يحدث‭ ‬قبيل‭ ‬ثورة‭ ‬يوليو‭. ‬

فى‭ ‬مدرستى‭ ‬ليسيه‭ ‬باب‭ ‬اللوق‭ ‬أذكر‭ ‬آنذاك‭ ‬الاحتفاء‭ ‬بنصر‭ ‬مصر،‭ ‬البهجة‭ ‬عارمة،‭ ‬صخب‭ ‬الفرحة‭ ‬والروح‭ ‬الوطنية‭ ‬تتعملق‭ ‬وتزهو‭ ‬بهذا‭ ‬الجيش‭ ‬الاستثنائى‭ ‬والمعركة‭ ‬الفاصلة‭ ‬الحافلة‭ ‬بالبطولة‭ ‬والدهاء‭ ‬السياسي‭.. ‬سطّر‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬فى‭ ‬اكفاح‭ ‬طيبةب‭: ‬اإن‭ ‬السلام‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬يقظة‭ ‬النفوس‭ ‬وتوثب‭ ‬العزائمب‭.. ‬الرائع‭ ‬إحسان‭ ‬عبدالقدوس‭ ‬كتب‭ ‬االرصاصة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬فى‭ ‬جيبىب،‭ ‬فإبداعات‭ ‬مؤثرة‭ ‬فى‭ ‬جدارية‭ ‬الحرب‭ ‬لجمال‭ ‬الغيطانى‭ ‬ويوسف‭ ‬القعيد‭.. ‬أما‭ ‬الأعمال‭ ‬السينمائية‭ ‬والدرامية‭ ‬فشديدة‭ ‬الثراء،‭ ‬وتلك‭ ‬التى‭ ‬تناولت‭ ‬أحداثا‭ ‬حقيقية‭ ‬من‭ ‬ملفات‭ ‬المخابرات‭ ‬العامة،‭ ‬فكان‭ ‬فيلم‭ ‬االصعود‭ ‬إلى‭ ‬الهاويةب‭ ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬كمال‭ ‬الشيخ،‭ ‬عن‭ ‬قصة‭ ‬الجاسوسة‭ ‬هبة‭ ‬سليم,‭ ‬التى‭ ‬أُعدمت‭ ‬بسبب‭ ‬الجاسوسية‭ ‬وخيانة‭ ‬الأوطان،‭ ‬وهناك‭ ‬راقصة‭ ‬مغمورة‭ ‬كانت‭ ‬تعمل‭ ‬فى‭ ‬ملهى‭ ‬درجة‭ ‬ثالثة،‭ ‬والمؤلم‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬القضية‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تكتفِ‭ ‬بالانحراف‭ ‬واقتراف‭ ‬أبشع‭ ‬جريمة‭ ‬فى‭ ‬حق‭ ‬النفس‭ ‬وفى‭ ‬حق‭ ‬الوطن‭.. ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬قامت‭ ‬بتجنيد‭ ‬كل‭ ‬أفراد‭ ‬عائلتها‭ ‬وزوجها‭ ‬وشقيقها‭ ‬وأولادها‭.. ‬ولقد‭ ‬تحولت‭ ‬تلك‭ ‬القضية‭ ‬إلى‭ ‬مسلسل‭ ‬االسقوط‭ ‬فى‭ ‬بئر‭ ‬سبعب‭ .. ‬أما‭ ‬هبة‭ ‬سليم‭ ‬التى‭ ‬جسدتها‭ ‬النجمة‭ ‬مديحة‭ ‬كامل‭ ‬فلقد‭ ‬كانت‭ ‬خائنة‭ ‬جاسوسة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وقد‭ ‬حاولوا‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬عفو‭ ‬عنها‭ ‬بأى‭ ‬ثمن‭ ‬ولكن‭ ‬الرئيس‭ ‬السادات‭ ‬تغلب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المحاولات‭ ‬والضغوط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حسم‭ ‬القضية‭.. ‬هبة‭ ‬سليم‭ ‬اتسمت‭ ‬بالوقاحة‭ ‬والاستفزازية‭ ‬المنفِّرة،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬شخصية‭ ‬تشعر‭ ‬بالكراهية‭ ‬تجاه‭ ‬كل‭ ‬شىء،‭ ‬أما‭ ‬حبيبها‭ ‬الذى‭ ‬نجحت‭ ‬فى‭ ‬تجنيده‭ ‬فكانت‭ ‬آخر‭ ‬جملة‭ ‬تلفظ‭ ‬بها‭ ‬لحظة‭ ‬إعدامه‭: ‬اأنا‭ ‬أستحق‭ ‬الموتب‭.‬

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة