اللواء على حفظي قائد قوات الاستطلاع التي كانت تعمل خلف خطــــوط العدو في 1973
اللواء على حفظي قائد قوات الاستطلاع التي كانت تعمل خلف خطــــوط العدو في 1973


اللواء علي حفظي: إسرائيل تكبدت خسائر فادحة واستغاث بأمريكا لوقف إطلاق النار

آخر ساعة

الثلاثاء، 05 أكتوبر 2021 - 10:51 ص

باعتبارك أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة، ماذا تمثل لك معركة النصر؟

ـ تمثل ملحمة انتصارات استمرت 22 عامًا منذ عدوان 1967 حتى عودة طابا فى عام 1989، بالحرب تارة والدبلوماسية والمفاوضات والتحكيم تارة أخرى، كما أن الجيش والشعب هما أصحاب الانتصار الحقيقى فى ملحمة أكتوبر، التى انتهت بتحرير الأرض واستعادة الكرامة، بالإضافة إلى حرب الاستنزاف التى استمرت ألف يوم منها 500 يوم.

قتال فعلي وعمليات عبور واقتحام للنقاط القوية والكمائن، وهي أولى الحروب التي هُزمت فيها إسرائيل من الجيش المصري، كما أن إسرائيل تكبدت خسائر فادحة، واستغاثت بالولايات المتحدة لوقف إطلاق النار بمبادرة روجرز فى أغسطس 1972، واعترف وزير الدفاع الإسرائيلى بأن حرب الاستنزاف كانت أول حرب تُهزم فيها إسرائيل، بخلاف مخازن الأسلحة والمعدات التى تم تدميرها، وأهم ما حققته هذه الحرب أنها نقلت الخوف من الضفة الغربية للقناة إلى ضفتها الشرقية، وكانت أبلغ رسالة تقول للعدو «طالما أنتم على الضفة لا بد أن تدفعوا ثمن هذا الوجود».

أين بدأت نقطة الضوء الذى شعرت فيها بأن النصر آتٍ؟

ـ أتذكر معركة «رأس العش» التى كانت بعد ثلاثة أسابيع من العدوان، وكانت المنطقة الوحيدة فى سيناء التى لم يتم الاستيلاء عليها من قبل القوات الإسرائيلية هى «بورفؤاد» (شمال شرقى القناة)، فحاول العدو بعد أن اتخذ مواضعه واستولى على «رأس العش» (جنوبى بورفؤاد) للاستيلاء على سيناء كاملة، وكانت تدافع عنها قوة مصرية محدودة من قوات الصاعقة قوامها 30 مقاتلاً من قوة صاعقة بقيادة الملازم فتحى عبدالله، لعمل خط دفاعى أمام القوات الإسرائيلية المتقدمة، وبالفعل تقدمت القوة الإسرائيلية، وكانت تشمل سرية دبابات (ثلاث دبابات) مدعمة بقوة مشاة ميكانيكية فى عربات نصف جنزير، وقامت بالهجوم على قوة الصاعقة التى تشبثت بمواقعها ودمرت ثلاث دبابات معادية. وعاود العدو الهجوم مجدداً، لكنه فشل، وكانت النتيجة تدمير بعض العربات نصف جنزير بالإضافة لخسائر بشرية، واضطرت القوة الإسرائيلية للانسحاب، وبقى قطاع بورفؤاد هو الجزء الوحيد من سيناء الذى ظل تحت السيطرة المصرية حتى نشوب حرب أكتوبر.

بعيدًا عن المعركة العسكرية كان هناك صراع فكرى ومعلوماتى بين مصر وإسرائيل.. صف لنا ملامح هذا الصراع؟

ـ كانت هناك مرحلة أخرى ضمن ملحمة انتصارات أكتوبر تمثلت فى «المعركة الفكرية» وهزيمة العقول الإسرائيلية من خلال الذكاء المصرى وتوظيفه لهزيمة العقول الإسرائيلية والغربية، فجميع أجهزة المخابرات التى تدعم إسرائيل كانت تعلم بأن منظومة السلاح الموجودة فى مصر بعد 1967 كلها دفاعية ليس بإمكانها شن هجوم موسع، وهنا برز الذكاء والعقل المصرى ولعب دوراً مهماً عندما أحسن استخدام هذه الإمكانات الدفاعية فى شن هجوم اعتبر مرجعاً للحروب فى العالم.

وتمثل الذكاء المصرى فى إحداث الثغرات فى الساتر الترابى (خط بارليف) بمدافع المياه، وأتذكر مقولة رئيس الأركان السوفيتى قبل عام 1972 عندما سأل القيادة المصرية «هل أنتم فعلا ستقومون بحرب أم أنكم تقومون بتهدئة الشعب المصرى فقط؟ فكان رد القيادة «سوف نسترد الأرض من خلال الحرب» فقال رئيس الأركان السوفيتى: «الإمكانيات المصرية لن تؤدى إلى نجاح ولا بد من حصولكم على عدد من القنابل النووية التكتيكية لتدمير هذه النقط الحصينة لتستطيعوا إقامة الكبارى والجسور لعبور الدبابات والمدفعية».

كنت قائداً لقوات خلف خطوط العدو، فماذا كان دورها فى الحرب؟

ـ الكتلة الشرقية كانت دائما تعطينا السلاح الرئيسى مثل الدبابة أو المدفع أو الطائرات، ولا تعطينا النواحى التكتيكية المكتملة فى هذا السلاح، فمثلاً الدبابة لا يوجد بها التقنية التى تحدِّد دقة التصويب فيمكننى إصابة الهدف من أول طلقة، فهم دائما يحرموننا من الأجهزة ذات التقنية العالية، كما لا تزودنا بالمعلومات عن الطرف الآخر، ما يجعلنا فى احتياج دائم لهم، لذا أوجدنا قوات خلف الخطوط عام 1969 فى القوات المسلحة لقلة الإمكانيات التكنولوجية لدينا وإمكاناتنا الردارية المحدودة التى تساعدنا على كشف عمق من 20 إلى 30 كيلومترا فقط فى سيناء، لكن كانت المشكلة فى استكشاف الأهداف الأكثر بُعداً، فاستخدمنا هذه القوات قبل الحرب وبعدها.

ما أقصى عمق دخلته قوات خلف الخطوط؟

ـ توغلنا إلى الحدود الإسرائيلية المصرية، ومن الساحل حتى جنوب سيناء، واستمر امتدادنا شرقاً لمئات الكيلو مترات. ومن المواقف التى أذكرها أن الطائرات الإسرائيلية كانت تحلق على ارتفاعات منخفضة لتجنب أجهزة الرادارات المصرية وحتى لا يتم رصدها

ولكن رجالنا خلف الخطوط كانوا يرصدونها وهى تنطلق من مطاراتها، ويرسلون إنذارًا مبكرًا للدفاع الجوى فيكون فى انتظار الطائرات الإسرائيلية.

اذكر لنا بعض المواقف التى تعرضت لها قوات خلف الخطوط؟

ـ حينما كنا ندخل للعمق فى سيناء كنا نحتاج لطائرة هليكوبتر، والطائرات وقتذاك لم يكن بمقدورها العمل ليلاً إلا إذا كان نور القمر ساطعًا، كما أن الإمكانيات الفنية للطائرات كانت ضعيفة، فلا يوجد بها إلا بوصلة لتحديد الاتجاهات، فكان الطيار ومساعده يعتمدان على الخرائط الورقية أثناء الطيران،

ولإنزال الجنود يجب استخدام الكشّافات للهبوط بالطائرة، وإذا استخدمها يمكن اكتشاف الطائرة بسهولة وضربها بواسطة الطيران الإسرائيلي، فتم التوصل لطريقة إنزال لم تستخدم من قبل مع الطائرات الهليكوبتر، وهى الإنزال بالمظلات، ولها الكثير من المخاطر،

وتم التدريب عليها وتنفيذها بنجاح.. وأيضا إبان الحرب أرسلت إلينا إحدى المجموعات الموجودة فى أقصى الشرق رسالة مفادها أن المؤن التى لديهم قد نفدت ولا يجدون أى طعام أو ماء، فكان علينا سرعة التصرف وإرسال الإمدادات لهم، وتمكَّن أهالى سيناء من نجدتهم ليواصلوا مهمتهم.

وما نسبة نجاح العمليات التى تمت خلف خطوط العدو؟

ـ من طبيعة عمل قوات خلف الخطوط أنها إذا حققت نسبة نجاح من 60 إلى 65% فإنها تكون نسبة عالية جداً، وهذه النسب عالمية، لكن قواتنا حققت 85% نسبة نجاح، وبالطبع هناك مجموعات تعرّضت للتدمير، وأخرى وقعت فى الأسر لكنها كانت مجموعة غير مؤثرة، ولأجل تأمين سلامة كل مجموعة كان يجرى الدفع بكل مجموعة بمفردها فلا يوجد مجموعة تعرف مكان الأخرى لضمان سلامة كل المجموعات حتى إذا وقعت واحدة فى الأسر لا تكشف مكان الأخرى.

ما أهم المعلومات التى أمددتم بها القيادة من مواقعكم خلف الخطوط؟

ـ كنا نبعث برسائل باستمرار عن كل هدف متحرِّك فى الضفة الغربية باتجاه الجبهة، وهى معلوماتٍ هامة لمعرفة حسابات القوى،

ومن ضمن الأمور المهمة أن رجال خلف الخطوط عثروا على إحدى الخرائط المهمة فى طائرة إسرائيلية مدمّرة فى الضفة الشرقية كانت توضح كل الأهداف المصرية والاشتباكات التى تتم بين الطرفين، فكشفت لنا الكثير من المواقع التى كان يتمركز فيها العدو ومدى رصدهم لنا، وكان لقوات خلف الخطوط تعاون دائم مع قوات الصاعقة فى رصد تحركات العدو.

كيف ترى حرب أكتوبر بعد 48 عاماً من مشاركتك فيها؟

ـ أنا لا أطلق عليها حربًا، بل أسميها «ملحمة انتصارات أكتوبر»، لأنها كانت صراعًا متنوعًا للشعب المصرى بدءًا من عدوان 1967 حتى استعادة «طابا» في 19 مارس 1989، فهذا يعد تاريخ أمة شارك فى صناعته جميع فئات الشعب، ونحن نحتاج حالياً لاستعادة روح أكتوبر لعبور مرحلة جديدة من البناء والتنمية.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة