قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «ليس الغني عن كثرة العرض ولكن الغني غني النفس».
لا ينكر أحد أهمية المال في حياة الأفراد والأمم فضرورات الفرد وكمالياته لا تتم إلا به وشئون المجتمعات لا تقوم إلا عليه ولذلك قيل أن المال عصب الحياة.. وقال التابعي سعيد بن المسيب «لا خير فيمن لا يعني بالمال يقضي به دينه ويصون به عرضه ويصل به رحمه» وإذا كان للمال كل هذه الأهمية فليس بغريب أن يهتم به الإسلام قال تعالي: (المَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) بشرط عدم طغيانه علي العمل للآخرة.. والمتأمل في حياة الصحابة رضي الله عنهم يوقن أن كثيراً منهم كانوا أغنياء ولكنهم وظفوا ثرواتهم لخدمة الدين والناس فنالوا سعادة الدنيا والآخرة فمنهم أبوبكر الصديق وعثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف وغيرهم.. فإذن المسلم عليه اكتساب المال فهذا خير بشرط أن يؤدي حق الله فيه وقام بصرفه في وجوه الخير.. أما إذا تحول المال لدي صاحبه إلي هدف لذاته وانكب علي جمعه دون رعاية الله في مصدره ومصرفه وحبسه دون أن يؤدي حق الله فهذا وبيل وشر.. وقد علمنا النبي صلي الله عليه وسلم أن كثرة المال أو قلته ليست مقياساً يحكم به علي الإنسان بأنه غني أو فقير.. فالغني ليس بكثرة المال والمفلس ليس بقلة فلوسه ومدخراته فنظرة الإسلام للغني تختلف عما تعارف عليه الناس فالأساس هو السمو بالنفس والابتعاد بها عن الدنايا والرضا بما قسمه الله والنظر إلي ثواب الآخرة، أما التنافس غير الشريف لجمع المال فهذا هو الفقر بعينه ولو جمع صاحبه مال قارون وصدق القائل أن في القلب فاقة لا يسدها إلا محبة الله والإنابة إليه ودوام ذكره والإخلاص له ولو أعطي الدنيا وما فيها