كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

أكتوبر .. وروح التحدي

كرم جبر

الثلاثاء، 05 أكتوبر 2021 - 06:24 م

لم تكن حرب أكتوبر تحريراً لسيناء فقط، ولكن أيضاً رفضاً للهزيمة بكل صورها وأشكالها، وأصبحت «روح التحدى» تسرى فى وجدان الوطن، وتستنهض عزيمته فى الأزمات والملمات، وللانتصار وجوه أخرى.

بدأت المواجهة على جبهة القتال بعد الهزيمة بأقل من شهر، واستمرت حتى السادس من أكتوبر، وانطلقت القوات المصرية تقتحم خط بارليف، واسترداد السيادة الكاملة على قناة السويس، وعادت الملاحة فى ذكرى الهزيمة لتمحو آثارها، وتغيرت الاستراتيجيات العسكرية فى العالم، وانقلبت نظم التسليح وخطط الحروب.

سيناء لا تنام إلا فى أحضان مصر، وكانت الخطوات الأولى على طريق النصر واستردادها من إسرائيل، بعد أيام معدودة من هزيمة 1967، وظن المعتدى أنه لا يقهر، وأن المصريين لن تقوم لهم قائمة، وقبل زلزال أكتوبر بأكثر من ست سنوات، شهدت جبهة القتال معارك شرسة كانت نتائجها بمثابة صدمة مدوية لإسرائيل.

الأرض عند المصريين حياة أو موت، وعند الجيش قضية مصير ووجود، ويضحى من أجلها بكل غال ونفيس، لا يفرط فى حبة رمال ولا يساوم على الاستقلال والكرامة الوطنية، وهذا الجيش هو الذى نهض من الهزيمة بعد نكسة يونيو، وأعاد بناء قوته فى زمن قياسي، وقبل مرور أيام من الانكسار، لاحت فى الأفق بشائر الانتصار، حتى تحقق فى العبور العظيم.

لا يمكن أن نتحدث عن تحرير سيناء، دون أن نتذكر إرادة شعب قرر الصمود والتصدي، وما أحوجنا لذلك الآن لنستنهض روح النصر، ونسترجع أروع أيام الوطن، فمصر وشعبها وجيشها عاهدوا الله ألا يذوقوا طعم الراحة، إلا بعد تحريرها من براثن الاحتلال، وتبدلت الأحزان إلى أفراح.

كان البعض يراهن على أنه باستطاعة إسرائيل أن تفعل بسيناء مثلما تفعل فى الأراضى العربية المحتلة.. مماطلات لا تنتهى ومحاولات مستمرة لتوسيع مساحة المستوطنات، والتهام ما يمكن التهامه من أراضٍ، ولكنها لم تهنأ بالراحة لحظة واحدة، وتحولت الأرض تحتها إلى سجادة من نار، وسيناء فوهة البركان الذى يقذفها بالغضب.

لم يرتفع علم مصر فوق سيناء دون ثمن، وإنما بتضحيات غالية وشهداء من زهرات شباب الوطن، وتصلح قصة كل واحد منهم فيلماً سينمائياً رائعاً، يؤصل قيم التضحية والفداء فى نفوس أجيال جديدة، لا تعرف أن الطريق إلى عيد تحرير سيناء، مر عبر رحلة طويلة من المعارك الضارية، وأن السلام الذى ننعم به هو ثمرة للبطولات.

لم يكن فى استطاعة أحد أن يوقف ساعة التاريخ على مؤشر الصراع العربى - الإسرائيلى المعطل، وكان مستحيلاً أن يتحقق السلام ما لم تقع الحرب، وتكتوى إسرائيل بنيران الهزيمة، لتعرف أن بقاءها مرهون بالعيش فى سلام وليس بقوة السلاح.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة