تعرفت عليه منذ سنوات قصيرة.. بدت لي وكأنني أعرفه منذ سنوات طويلة.. لما يتميز به من سماحة وقبول وعلم غزير وسعة صدر

بوفاة الدكتور محمد المختار المهدي «الإمام السابع» للجمعية الشرعية الرئيسية.. تكون الدعوة الإسلامية قد فقدت أحد أهم دعاة الوسطية التي حملت لواء الدعوة الصحيحة بعيدا عن التطرف والتعصب.. قاد الجمعية الشرعية في فترة صعبة مرت بها البلاد خاصة بعد ثورة ٢٥ يناير ومحاولة إلصاق التهمة بانتمائها لجماعة الإخوان.. للقضاء علي الأنشطة الاجتماعية والصحية التي تقدمها بالمجان للجميع بغض النظر عن دياناتهم أو انتمائهم.. فكل من يلجأ إليها يجد يد العون تمتد إليه دون السؤال عنه أو دينه أو ماله.. وقاد الإمام المهدي حملة جبارة من أجل تحسين الصورة الذهنية للجمعية واقناع الجميع بأنها لاتعمل بالسياسة ولا دخل لها بها ومن يثبت من أعضائها أنه ينتمي لجماعة الإخوان أو احزاب أخري يتم فصله فورا.. فنشاط الجمعية في الأساس هو الدعوة الوسطية للإسلام بعيدا عن التطرف والتعصب.. متخذة من الأزهر الشريف قدوة في الفعل والعمل.. بالاضافة إلي الأعمال الخيرية المجانية مثل حضانات الأطفال ومستشفي أحمد عرابي للحروق والأورام ومركز المصطفي للأشعة.
ورعاية الأسر الفقيرة وكفالة اليتيم ومشروعات الأسر الصغيرة ولم يقتصر عملها علي أنحاء البلاد فقط.. بل امتد إلي بعض الدول الأفريقية التي تقدم لها خدماتها من خلال وزارة الخارجية وكل هذه الأعمال تمول من رجال مصريين دون أن يعلنوا عن أنفسهم.. بعيدا عن التمويل الخارجي الذي ترفضه الجمعية الشرعية ونصت عليه في لائحتها الداخلية.
تعرفت عليه منذ سنوات قصيرة.. بدت لي وكأنني أعرفه منذ سنوات طويلة.. لما يتميز به من سماحة وقبول وعلم غزير وسعة صدر.. أصدر مجلة التبيان لسان حال الجمعية الشرعية الرئيسية ودافع عنها بكل بسالة.. جعلها تحمل لواء الدعوة الوسطية.. ونظراً لأنه عضو بنقابة الصحفيين فكان اهتمامه بالمجلة بشعور واحساس الصحفي الذي يهتم بعمله.. فكل كلمة تنشر لابد أن يقرأها.. حتي تخرج للقارئ وتحمل المعني الصحيح لها.. زرته في منزله وفي المستشفي في آخر أيام المرض وكذلك أصدقائي حسين أحمد ومحمد سعد الحداد ومحمد جمال والسنوسي محمد السنوسي وهيثم عرفة.. فريق عمل مجلة التبيان.. وجدناه في منتهي النشاط.. قوي الذاكرة.. يحكي لنا عن تاريخ الجمعية الشرعية الرئيسية وعن رجالاتها وكيف واجهت الظروف السيئة التي قابلتها.. مع التأكيد بأنها بعيدة عن العمل السياسي بكل تفاصيله.
والدكتور المهدي عمل استاذا للدراسات العليا بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الاسلامية وهيئة كبار العلماء.. والفقيد إذا كان قد رحل عنا بجسده إلا أن ذكراه ستبقي عطرة بما ترك من تراث أثري به المكتبة العلمية والدعوية واللغوية.. وترك الجمعية الشرعية الرئيسية في أيد أمينة بقيادة الأمام الجديد الدكتور عبدالفتاح البربري استاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر.. لتؤدي دورها ورسالتها الدعوية والخدمية بكل أمانة.. مهما قابلها من صعوبات مالية ومحاولة البعض النيل منها.
الختام.. هناك مثل يقول.. كل ما يفادي حفرة.. يقع في دحديرة.. هذا ما ينطبق علي وزارة الداخلية حاليا.. فكلما حاولت تحسين الصورة الذهنية لها أمام الرأي العام.. يخرج أحد المنتمين إليها... ويرتكب أحد الأخطاء ليعود التوتر من جديد بين المواطن وأجهزة الشرطة.. مطلوب اتخاذ اجراءات رادعة علي من يعتقد أنه أعلي وأهم راجل في البلد.. ويتخذ من كلمة الشرطة وسيلة لارهاب أي فرد يقابله.. فهو لخدمته وليس لإرهابه وإلا ستكون العاقبة أكبر مما يتصور البعض.