الشعب المصرى ضرب أروع الأمثلة فى التضحية
الشعب المصرى ضرب أروع الأمثلة فى التضحية


عبقرية شعب 

المصريون ربطوا على بطونهم من أجل بناء الجيش.. والجريمة اختفت من الشارع

أحمد عبيدو

الثلاثاء، 05 أكتوبر 2021 - 10:06 م

أكتوبر شاهد على عبقرية وأصالة وصلابة شعب تعرض على مدى سنوات قبل أكتوبر 73 لأكبر حملات عدائية من الشائعات والأكاذيب والكراهية..

أكبر أجهزة المخابرات العالمية عملوا على أن يبثوا بداخله روح الهزيمة والانكسار ..

وفى الوقت الذى أيقنوا فيه وقوعه وسقوطه واستسلامه ورضوخه..

اكتشفوا أنه شعب ليس له كتالوج..

يعرفون منه شفرته ويقومون ببرمجته!. فوجئوا بالشعب..

يزرع فى رحم أسوأ الأوقات..

بذرة أعظم انتصار!.


فوجئوا بالشعب يفدى مصر بأغلى ما يملك!. الشعب يقدم إلى جيشه مليونًا و300 ألف من أبنائه لأجل تحرير الأرض!.

فوجئوا بأنه شعب يستحيل خداعه أو الضحك عليه!.


على كل المستويات، كان المصريون على قدر الحدث والمسئولية، فالأرض والعرض يُضحى لهم بالغالى والنفيس من أجل استعادتهما وعودة الكرامة مرة أخرى، لذلك انتفض الشعب المصرى بعد هزيمة يونيو 1967 ووقف خلف جيشه وقواته المسلحة ضاربا اروع الأمثال فى عبقرية شعب أراد أن يسترد أرضه من عدو متغرطس، فخرج الشباب الجامعى ينادى بالحرب، وتنازلت الأسرة المصرية عن معظم سلع الرفاهية من اجل بناء قواتها المسلحة، ودارت عجلة الانتاج للتصدير وتوفير العملة الصعبة لشراء الأسلحة اللازمة، وتراجعت معدلات الجريمة من الشارع المصرى، وجسدت الدراما سنوات الاستنزاف والنصر لتبقى محفورة فى ذاكرة الأجيال القادمة، ليثبت الشعب المصرى للعالم اجمع انه يتمتع بعبقرية لا مثيل لها حتى حقق مراده ومأربه فى استرداد سيناء.

 

أبوبكر الديب، مستشار المركز العربى للدراسات، والباحث فى الاقتصاد السياسى والعلاقات الدولية أكد أن الشعب المصرى قرر بعد نكسة 1967 أن يتحمل كل الظروف الإقتصادية الصعبة وضعف التنمية وارتفاع معدلات الفقر والتضخم وتراجع مستويات المعيشة، فضلا عن حصار اقتصادى كبير من الدول المؤيدة والمساند لإسرائيل و الولايات المتحدة كل ذلك لاستعادة الأرض..

وقال الديب: إن هذه الدول المساندة لإسرائيل بدأت تضيق على مصر فى تقديم المساعدات والمنح والقروض وتراجعت الاستثمارات، محاولين القضاء على تجربة التنمية التى أطلقها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وهو الأمر الذى أدى فى النهاية الى تراجع كبير فى الاحتياطى النقدى الاجنبى بالبنك المركزى بسبب تراجع حصيلة العملات الأجنبية الداخلة للبلاد من السياحة والاستثمار واغلاق قناة السويس وتوقف آبار البترول فى سيناء وغيره، من أجل إعاقة بناء جيش مصرى قوى واسترجاع الأراضى المحتلة واجبار مصر على توقيع اتفاق لا يرضى طموحاتها مع اسرائيل.


ترشيد الإنفاق


وأشار مستشار المركز العربى للدراسات الى أن الشعب المصرى الذى كان عدده 34 مليون مواطن فقط تحمل ظروفا اقتصادية فى غاية الصعوبة بعد نكسة 1967، فضلا عن كونه ملزما بسداد الديون الخارجية التى بلغت 5 مليارات دولار، وخدمة الدين مع انخفاض معدل النمو فضلا عن تراجع المرافق العامة والبنية الأساسية وتراجع الصادرات، ورغم كل هذه الظروف القاسية قرر الشعب تحملها وبناء جيش قوى يمكنه تحقيق النصر واسترجاع الأراضى المحتلة، فلا يمكن نجاح أى حرب بدون تمويل اقتصادى يوفر متطلبات الحرب والحياة المدنية مما يعنى تأثر اقتصاد الدولة بشكل مباشر وغير مباشر بالحرب ليس وقت الحرب فقط بل وبعد انتهاء الحرب.


وأضاف أنه ومع الاستعداد للحرب بدأت حكومة الدكتور عزيز صدقى وقتها تنفيذ خطة لترشيد الإنفاق الحكومى، وتوجيه الفائض لصالح القوات المسلحة، وفى 19 يناير من عام 1973 خصصت مليار جنيه سنويا للقوات المسلحة وفى فبراير 1973 أعلن رئيس الوزراء، أمام مجلس الشعب، إجراءات التعبئة الاقتصادية التى يمكن أن تطبق فى حالة نشوب حرب من خلال تحويل الموازنة العامة إلى موازنة معركة لتوفير جميع طلبات القوات المسلحة خلال الحرب وإعادة النظر فى خطط التصدير والاستيراد لتوفير العملات الأجنبية وإحلال المنتجات المحلية بدل المستوردة، وتأجيل تنفيذ المشروعات التنموية الطويلة الأجل وتخفيض الإنفاق الحكومى وبعد الانتصار فى أكتوبر 1973 طرحت الحكومة المصرية ما عرف بسندات الجهاد وهى شهادات استثمارية الهدف منها دعم الدولة والقوات المسلحة فيما يخص الحرب والمتطلبات الناتجة عنها وتم طرحها للمواطنين، تحت شعار شارك فى ملحمة النضال الوطنى فى البنك المركزى.


اقتصاد حرب


ومن جانبه قال د.رشاد عبده استاذ الاقتصاد ورئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية انه بعد عام النكسة كان لا يوجد صوت يعلو فوق صوت المعركة، وبالتالى كل موارد الدولة كانت موجهة لدعم الانتاج الحربى والقوات المسلحة، لذا يمكن القول إن الاقتصاد المصرى تحول بعد عام 1967 الى اقتصاد حرب بمعنى الكلمة، فقد تكاتف الشعب بجميع طوائفه خلف قواته المسلحة من اجل استرداد الارض والعرض وتحمل الشعب المصرى فاتورة بناء الجيش كما اختفت الجريمة تماما من الشارع المصرى..

واضاف عبده أن الشعب المصرى صبر كثيرا من اجل دعم المجهود الحربى حتى ان الاسرة المصرية لم تكن تتناول سوى دجاجة واحدة فى الشهر، وكان الشعب يحصل على السلع التموينية من الجمعيات التعاونية بنظام الحصص، وكان يتم تحميل المواطن سلعا اخرى غير مطلوبة حتى يتم تشغيل المصانع، ورغم الحرب كنا نصدر انتاجنا ونوفر العملة الاجنبية لكى نشترى بها الأسلحة.


وتحمل الاقتصاد المصرى عبء إعادة بناء الجيش المصرى من الصفر وبدون مديونيات خارجية، وكانت المحلات المصرية تعرض وتبيع منتجات مصرية من مأكولات وملابس وأثاث و أجهزة كهربية.


وقبيل وفاة الرئيس عبد الناصر أتمت مصر بناء حائط الصواريخ الشهير.


وأضاف عبده أن الشعب المصرى كله بجميع طوائفه ومختلف ثقافاته وفئاته تحول إلى وحدة واحدة، ولا نغفل أيضا أن عالم الجريمة والمنتمين إليه قد توحدوا فى صفوف وحدة الشعب، وتمثل ذلك فى غياب جرائم القتل والسرقات وغيرها من الجرائم الجنائية الكبرى فى سبيل المعركة الكبرى وخاصة فى العاصمة ومحافظات القنال.


وأكدت كل الملفات الأمنية، التى خرجت عقب انتصارات أكتوبر أن حركة الجريمة فى الفترة التى تبدأ من ‏6‏ وحتى يوم ‏21‏ أكتوبر قد انخفضت عن مثيلتها فى العام السابق من‏95‏ جناية عام‏ 1972‏ إلى ‏71‏ جناية فى أيام الحرب وبنسبة كبيرة بلغت ‏26%.


اختفاء الجريمة


كما تراجعت أرقام جنايات السرقة الكبرى‏ والتى استعدت أجهزة الأمن لمواجهة الزيادة المتوقعة فيها من ‏11‏ جناية فى نفس الفترة من العام السابق إلى ‏7‏ جنايات وبنسبة ‏40%، وسجلت جرائم السرقة الصغيرة انخفاضا يزيد عن‏ 35%‏ فى المدة نفسها‏.‏

ولم ترصد سجلات الشرطة منذ بدء الحرب أى ظاهرة إجرامية شاذة‏ مما يقع عادة فى المدن الكبرى أثناء الحروب، ولم يقع حادث واحد يمكن أن يعد مثيرا للقلق أو مزعجا لحالة الأمن العام‏،‏ فلا عصابات تهاجم المتاجر والمساكن‏، ولا أشقياء يتعرضون للمارة فى الظلام الدامس ومن ثم كانت حياة المدينة بعد ‏19‏ يوما من الحرب يغمرها إحساس المواطنين بسيادة الأمن.


ووفقا لبيانات وزارة الداخلية فإن الجرائم السياسية والجنائية قد اختفت مع الطلقة الأولى لحرب أكتوبر، كما أن الوزارة لم تتلق أى بلاغات أو إخطارات تمثل مصدر قلق.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة