محمود عبدالمنعم شطة
محمود عبدالمنعم شطة


السوداني القصير.. «شطة» يصل القاهرة يوم اندلاع الحرب

إبراهيم مدكور

الأربعاء، 06 أكتوبر 2021 - 05:42 م

في يوم السادس من أكتوبر بدأت حكاية الشاب السوداني القصير عبدالمنعم مصطفى «شطة» في الأهلي، فمن «خضة» الساعات الأولى داخل مطار القاهرة ولدت رحلة أحد أبناء الجيل الذهبي للقلعة الحمراء.

 

حين تحدث شطة عن اللحظات الأولى له داخل مصر، قال: «وصلت مطار القاهرة في 1973، وفجأة قفلوا المطار، وكانت رحلتي من السودان إلى مصر، آخر رحلة طيران تدخل الأجواء المصرية.. في إيه يا جماعة؟!.. حرب 6 أكتوبر قامت». 

 

بعد رحلة طويلة داخل السودان، مرت الأيام، بحلوها ومرها، إلى أن حل العام 1972؛ حيث صار عبدالمنعم مصطفى طالبًا بكلية الهندسة جامعة الخرطوم، وفي العام التالي مباشرة، شارك منتخب الجامعة الخرطوم في دورة الجامعات الإفريقية بتنزانيا، لتصبح مشاركته إحدى أهم محطات تاريخه الرياضي.


متابعة دقيقة من القطب الأهلاوي والهلالي الكبير «سوريان إسكندريان» في جامعة الخرطوم، تلقى «عبدالمنعم» عرضًا للسفر إلى القاهرة، واللعب للنادي الأهلي زعيم الأندية المصرية وصاحب الشعبية الجارفة على المستوى العربي والإفريقي، فوافق على الفور لأن حلم كرة القدم بات في مكانة أخرى.

 

ظل الخوف مسيطرًا على الوافد الجديد إلى «الجزيرة» بعد هبوط الطائرة في مطار القاهرة، إلا أن الاستقبال المميز الذي حظي به من قبل رجال الأهلي ومسئوليه والترتيب غير العادي له مسح كل ملامح هذا الخوف.

 
حين عاد «شطة» بالأيام إلى الوراء بدا كل شيء فيه يتحدث عن الأهلي.. «أول يوم لي في النادي، استقبلني 3 وهم الفريق مرتجي رئيس النادي وكمال حافظ وعم عبده البقال، لك أن تتخيل إن عم عبده البقال حبسني في شقته في الهرم حتى لا أمضي للزمالك، وكان في لاعب سوداني وقع قبلي بستة أشهر اسمه جيمس وكان يلعب في مركز الظهير الأيمن طلبه هيديكوتي بالاسم وفور علم الزمالك بتوقيعه للأهلي وقع معه هو الآخر، ووقتها صدر قرار بألا يلعب جيمس للناديين».

 

اقرأ أيضًا| بعد وقوعه في الأسر.. ماذا طلب القائد الإسرائيلي من الضابط المصري؟ 


«كنت لعبت من قبل مع جيمس في منتخب السودان وفي نادي التحرير الرياضي، وأول ما رآني عبده البقال صُدم لأنه توقع أن أكون مثل اللاعبين الأفارقة الأقوياء بدنيًا وأسمر؛ حيث سبقتني أنباء أنني سريع ومراوغ وكان هناك أيضا لاعب سوداني في الأهلي اسمه أمين زكي وكان قوي وطويل فتوقع أن أكون مثله لدرجة أنه تحدث بعد ذلك أنه كان سيعيدني إلى السودان».. كلمات لا تزال يرددها شطة ودموع الذكريات تحيط بابتسامته.

 

ومن جامعة الخرطوم إلى شعبة الكهرباء بكلية الهندسة في جامعة القاهرة، تحول مسار الدراسة مع نجم الأهلي الجديد.. «كان عمري وقتها 19 عامًا، وساعدني كثيرًا أنني كنت ألعب ضمن صفوف الفريق الأول وأنا في السابعة عشر من عمري بالسودان.. الأهلي صرف لي 25 جنيهًا في الشهر كبدل انتقال، وكنت استأجر منهم شقة وأدرس في الجامعة، كما كان الأهلي يصرف لنا وجبة واحدة في اليوم للاعبين المغتربين، وهم: أنا ومحسن صالح وطاهر الشيخ وجمال عبد العظيم وأحمد عبد الباقي».

 

 إنسانية الأهلي لم تقف عند هذا الحد؛ بل يتذكر شطة جيدًا صرف غداء لكل لاعبي الفريق أحيانًا بعد التمرينات القوية مرة أو مرتين أسبوعيًا، بخلاف حوافز المباريات فكانت هناك مباريات النقطة فيها بـ20 جنيهًا أو 30 جنيهًا.

 

تدخل المايسترو وقتها لدى هيديكوتي من أجل إعطاء «شطة» فرصة فأخبره المدير الفني أنه سيعطيه الفرصة في المباريات الودية مع فريق 21 سنة، تحت قيادة محمود الجوهري، وبعد مباراتين أو ثلاثة جلس الجوهري مع هيديكوتي وأخبره بأنه لاعب جيد وأن له لمسات مميزة في الكرة وقطع الكرات والرقابة.. «أنا أعتبر الفضل الأول في كل تلك القصة لأمين زكي فهو من أخبر صالح سليم بقدراتي، فاضطر هيديكوتي لإشراكي  في مباراة ودية أمام منتخب البحرين ليرى قدراتي وفوزنا بهدفين نظيفين في هذه المباراة، وأحرزت أحدهما والآخر أحرزه شوقي عبد الشافي».
 

تظل مواجهة الأهلي والاتحاد السكندري الأقرب لقلب شطة، باعتبارها أول مباراة رسمية شارك فيها بشكل كامل، حيث كان مكلفًا بمراقبة شحتة الإسكندراني، وانتهت المباراة بفوز الأهلي بهدفين من دون مقابل.

 
«طوال العشرة سنوات التي قضيتها لاعبا كنت جيدًا في رقابة كل اللاعبين الكبار، أمثال فاروق جعفر في الزمالك وسعد سليط في المنصورة وشحتة الإسكندراني في الاتحاد وأحمد الكأس.. فاروق كان أصعب لاعب لعبت ضده لأنه كان كبيرًا وكان المفتاح الأساسي للعب الزمالك لكني نجحت في إيقاف خطورته بشكل كبير حيث أنني طوال مسيرتي وفي كل مباريات القمة التي شاركت فيها لم أخسر أية مباراة ولكنني بالمثل لم أحرز أية أهداف في الزمالك».. كلمات واصل شطة حديثه عن المباريات الكبيرة.

 
لم تكن شعبية النادي الأهلي بالحجم التي هي عليه الآن؛ لكن بعد أن وصلت مصر بدأت الصحف بمتابعة أخباري مع النادي الأهلي فاهتم بها الجمهور الرياضي السوداني، وبدأت شعبية الأهلي في الزيادة كما حدث المثل مع الزمالك بسبب عمر النوري، لكن في السودان تعتبر شعبية الزمالك أكثر من الأهلي؛ لأن النوري سبقوني إلى مصر.
 

مرت السنوات، صال «شطة» وجال بين الملاعب، كمدرب تحت قيادة الكابتن وعمرو أبو المجد لمراحل الناشئين المختلفة، خلال الثمانينيات، ثم مديرًا لقطاع الناشئين في عام 2001 إلى الالتحاق بالاتحاد الإفريقي كمدير فني في نهاية 2002.

 

أسريًا يحمل «عبد المنعم» رقم 4 في ترتيبه بين أسرته المكونة من 13 أخًا وأختًا، فيما كان الوالد يعمل فترتين صباحية ومسائية ليوفي بمتطلبات المعيشة، وتخرجوا جميعًا في جامعات، والآن يعيش كل أهله في السودان، باستثناء أولاده «محمد، ومريم، وآية»، الذين يحملون الجنسيتين المصرية والسودانية لكنهم يقيمون في مصر، حتى مع عدم حصوله على الجنسية المصرية رغم مرور 44 عامًا على وجوده في أم الدنيا.

 

«أذهب للنادي الأهلي كل يوم بانتظام حتى لو في العاشرة مساءَ؛ لأني لو غبت عنه يومًا واحدًا أحس بالغربة الشديدة».. 20 كلمة فضل «شطة» ختام حديثه عن علاقته بالأهلي.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة