حرب أكتوبر
فى الذكـــــــــــــــــــــــــــــرى الـ ٤٨ لحرب أكتوبر
العبور.. معجزة عسـكـرية مكـتمــلة الأركــان
الخميس، 07 أكتوبر 2021 - 02:05 م
تحقيق ــ عامر نفادى
منحت حرب أكتوبر 1973 المصريين دروسا لا تنتهى من الإصرار والعزيمة والرغبة فى النجاح بما تحويه من أحداث مثيرة يحكيها لنا الآباء والأجداد ممن خاضوا هذه الحرب أو عاشوا وقتها، فلم تنكسر أحلام المصريين المشروعة على صخرة هزيمة يونيو 1967 ولم يعجز المصريون أمام ضعف العتاد العسكرى حيث فقدت مصر أكثر من 85 % من سلاحها آنذاك وإنما كان التفكير دائما نحو البناء من جديد والذى كان حلما استغرق تحقيقه أياما وسنين من حياة المصريين امتلأت بالقصص والعبرات التى يحكيها لنا التاريخ عن شعب أصر على النجاح وحققه، فلم تكن مجرد حرب انتصرنا فيها على العدو وإنما هى منهاج حياة نتذكره كلما حل بنا كل تحدى جديد.
وها هى مصر ماضية نحو رسم مستقبلها المشرق بيد أبنائها الشرفاء، ممن لا يرضخون لإرادة مستعمر، أو ينهزمون أمام قلة من الدسائس ممن ينفذون أجندات خارجية هدفها زعزعة أمن واستقرار الوطن والنيل من مقدارته.
غيرت الفكر العسكرى
يقول اللواء محمد الغباشي، الخبير العسكرى والاستراتيجي: لقد غيرت حرب أكتوبر الفكر العسكرى الحديث، وأصبحت عملية العبور مرجعا أساسيا لكل الجيوش العالمية الحديثة، حيث وصف المؤرخ العسكرى البريطانى إدجار ابولانس عملية العبور «بأنها كانت معجزة عسكرية مكتملة الأركان»، ولأن ما أخذ بالقوة لايرد إلا بالقوة كان لزاما توفير سلاح متطور حديث مع تنظيم وتدريب القوات بشكل جيد ومتواصل، وتعبئة الجبهة الداخلية فى شتى المجالات، من أجل معركة تحرير الأرض وإزالة آثار العدوان، إلى أن قررت مصر فى سبتمبر 1968، التحول إلى استراتيجية جديدة والانتقال بالجبهة من مرحلة الصمود إلى مرحلة جديدة من المواجهة العسكرية، التى أطلق عليها مرحلة «الدفاع النشط» بهدف استنزاف القدرات العسكرية الاسرائيلية.
ضربات موجعة
مشيرا إلى أن الانخراط المباشر فى الحرب مع العدو كان على مدى ثلاث سنوات ونصف إلى أن اكتمل الاستعداد لخوض معركة الاقتحام المجيدة فى السادس من أكتوبر عام 1973، حيث كانت حرب الاستنزاف، هى حرب المعجزات لأنها استمرت ثلاث سنوات ونصف السنة متواصلة تلقت فيها إسرائيل ضربات موجعة من الجيش المصرى، كما كانت هذه الحرب أول صراع مسلح يضطر العدو للاحتفاظ بنسبة تعبئة عالية ولمدة طويلة، وهو ما ترك آثاره السلبية على معنويات الكيان الصهيونى واقتصاد الدولة بدرجة لم يسبق لها مثيل فى الحروب السابقة، خاصة أن قادة العدو كانوا قد أعلنوا لشعبهم أن جولة 1967 هى آخر الحروب فإذا بالاستنزاف يتصاعد ويحطم مصداقية القادة فى نظر الشعب
وأضاف أن حرب أكتوبر كانت معركة أسلحة مشتركة، قدمت مقطوعة متناغمة وابتكرت تكتيكات غيرت الكثير من المفاهيم العسكرية، حيث استطاع سلاح المهندسين أن يلفت انتباه العالم بمعجزة العبور، التى شملت فتح الثغرات فى الساتر الترابى بطريقة شديدة البساطة، وبناء الكبارى، وعبور الدبابات والأسلحة الثقيلة، وقالت الصحافة العالمية حينها إن «المهندسين المصريين استطاعوا بناء الكبارى لعبور قناة السويس، وأن عملية المرور فيها أكثر سلاسة منها فى شوارع القاهرة “.
سطور مضيئة
ولفت إلى أن الملحمة بعد حرب 67 قد بدأت مباشرة ببناء دشم حصينة لحماية الطائرات من ضربها على الأرض، بعد أن أدركت القيادة السياسية أهمية الصواريخ المضادة للطائرات، وهو الأمر الذى جعل المقاتل المصرى خلال حرب الاستنزاف يسجل سطورا مضيئة من الانتصارات، وللتعبير عن حجم الإنجاز الذى تحقق ببناء حائط الصواريخ قالت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك: «مواقع الدفاع الجوى المصرى كعش الغراب المشئوم، كلما دمرنا إحداها نبتت أخرى بدلا منها»، فى إشارة إلى إرادة وتصميم المصريين على استكمال حائط الصواريخ، حيث اختلت موازين القوى فى المنطقة، واستطاع حائط الصواريخ بعد تحريكه أن يوفر شريط بكامل طول قناة السويس وبعرض من 12 إلى 15 كيلو متراً شرق القناة موفرا بذلك الحماية الجوية اللازمة لعبور الأفراد والأسلحة الثقيلة .
صدمة لإسرائيل
فيما قال الدكتور أحمد الشربيني، أستاذ التاريخ الحديث: لعل أهم نتيجة إستراتيجية لحرب أكتوبر هى تنفيذ الهدف الأساسى للرئيس السادات وهى إنهاء حالة اللاحرب واللاسلم فى الشرق الأوسط، ومن ناحية أخرى كانت الحرب صدمة نفسية قاسية للشعب الإسرائيلى بعد أن أدرك الإسرائيليون أن قواتهم يمكن أن تقهر، وانتهت الحرب بالتوقيع على اتفاقية فك الاشتباك فى يناير1974 حيث وافقت إسرائيل على إعادة مدينة القنيطرة لسوريا والضفة الشرقية لقناة السويس لمصر مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية من خط الهدنة وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الاتفاقية، وتم استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، وجميع الأراضى فى شبه جزيرة سيناء.
وأشار إلى أن أهم دروس حرب أكتوبر تلخصت فيما جاء على لسان الجنرال الإسرائيلى يشيعيا جافيتش، خلال ندوة عن حرب أكتوبر فى القدس عام ١٩٧٤، حيث قال»إنه وبالنسبة لإسرائيل ففى نهاية الأمر انتهت الحرب دون أن نتمكن من كسر الجيوش العربية ولم نحرز انتصارات ولم نتمكن من كسر الجيش المصرى أو السورى على السواء ولم ننجح فى استعادة قوة الردع للجيش الإسرائيلى وإننا لو قيمنا الإنجازات على ضوء الأهداف لوجدنا أن انتصار العرب كان أكثر حسما ولا يسعنى إلا الاعتراف بأن العرب قد أنجزوا قسما كبيرا للغاية من أهدافهم، فقد أثبتوا أنهم قادرون على التغلب على حاجز الخوف والخروج إلى الحرب والقتال بكفاءة وقد أثبتوا أيضا أنهم قادرون على اقتحام مانع قناة السويس، ولأسفنا الشديد فقد انتزعوا القناة من أيدينا بقوة السلاح”.
الحرب ضد الإرهاب .. حرب من نوع آخر.
الإرهاب والطرف
وأردف د. الشربينى قائلا إن حرب أكتوبر كانت حربا بين جيشين أما الحروب الآن فتأخذ شكلا آخر بهدف القضاء على الدول من خلال الإرهاب والتطرف، وهو الأمر الذى دفع
مصر إلى مطالبة العالم بتبنى استراتيجية شاملة لمكافحة الارهاب بحيث لا تقتصر على مواجهة تنظيم أو بؤرة ارهابية معينة، لكنها استراتيجية تشمل كافة البؤر الإرهابية فى مختلف انحاء العالم، واستندت رؤية مصر فى طرحها على محورية العامل الاقتصادى والتنموي، ومحاربة الفقر العامل المؤثر فى تدشين بيئة خصبة لنمو التطرف والعنف الإرهابي، وطالبت من أجل ذلك المجتمع الدولى بالعمل على تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية لدول المنطقة التى تتعرض للموجة الإرهابية الأعتى عالميا، ورأت أن التعامل مع الإرهاب ينبغى أن يتسم بالحسم والشمول، بمعنى ضرورة مواجهة الإرهاب فى كل صوره، والعمل على قطع خطوطه للإمداد والتمويل، وعدم الاقتصار على مواجهة تنظيم دون آخر، مع أولوية مواجهة الإرهاب فى الداخل وعلى حدودنا، ورفض فكرة مشاركة تنظيمات يراها البعض تمثل الإسلام المعتدل فى الحكم.
العملية الشاملة سيناء 2018
تابع د. الشربينى أن القوات المسلحة المصرية استطاعت أن تحقق إنجازات ضخمة على الأرض فى حربها على الإرهاب، بل إن العديد من دول العالم لم تقو على تلك المواجهة، فى الوقت الذى يتم فيه الاستعداد للتنمية الشاملة فى سيناء بعد تطهيرها من دنس الإرهاب.
مؤكدا أن «العملية الشاملة سيناء 2018»، التى قادها الجيش المصرى فى فترة حرجة من تاريخ البلاد، ليست فقط لتطهير البلاد من دنس الإرهاب، ولكنها رسالة للجميع أن لمصر جيشاً يحميها ويدافع عنها ولديه القدرة والجاهزية والاحترافية فى تنفيذ المهام ويستطيع أن يجابه بشجاعة وكفاءة أى تهديدات، من خلال سيمفونية تعاون بين جميع الأسلحة والتخصصات لأداء الأدوار المحددة، فمصر ماضية فى مشروعها الذى يستهدف الأمن والأمان والخير والرخاء للمصريين وتحقيق تطلعاتهم فى وطن عظيم.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة