الشهيد الحي
الشهيد الحي


رجال صنعوا النصر| الشهيد الحي بطل مصرى حارب بنسبة عجز كبيرة

سما صالح

الخميس، 07 أكتوبر 2021 - 02:57 م

 

دفتر نصر حرب أكتوبر 1973 ملئ وحافل بالحكايات لأبطال الحرب من جنود وقادة من القوات المسلحة المصرية، منهم من استشهد وآخرون قضوا نحبهم على مدار 48 عاما، وبقي منهم عدد ليس بكثير، يروون في كل عام الكثير من الحكايات التي لا تنضب عن كواليس النصر العظيم ومن بين تلك الحكايات بطل من طراز خاص.

ولد البطل «عبد الجواد سويلم» في 26 أبريل 1947 في عزبة أبو عمر التابعة لمركز أبو صوير محافظة الإسماعيلية، ولقب فيما بعد بالشهيد الحي، دفع معظم أجزاء جسده مقابل التصدى للعدو وتحقيق النصر في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر.

اشترك في 18 عملية عبور خلف خطوط العدو، وتمكن من تدمير 16 دبابة، و11مدرعة، و2بلدوزر، وعربة جيب، وأتوبيس يحمل جنودًا إسرائيليين، كما شارك رفاقه في تدمير 6 طائرات إسرائيلية خلال هجومهم على مطار المليز.

وفي أثناء عودته من إحدى العمليات بعد تنفيذ 18 عملية نوعية ضد إسرائيل رصده طيار إسرائيلي، وأطلق صاروخًا عليه، نتج عنه بتر ساقيه، وساعده الأيمن، وفقد عينه اليمنى، بالإضافة إلى جرح كبير في ظهره، وقدم البطل من جسده بعض الأجزاء حتى لا يحتل العدو الإسرائيلي ولو جزء صغير من أرض مصر، ولُقب بـ "بطل معارك الاستنزاف والشهيد الحي وشيخ المُحاربين".
وقد أجرى له أصحابه الإسعافات الأولية، ووسط وابل من الطلقات الإسرائيلية تمكنوا من نقله إلى بورسعيد، وبعد ذلك تم نقله إلى مستشفى دمياط، وبسبب إصابته الشديدة تم نقله على طائرة هليوكوبتر إلى مستشفى الحلمية العسكري بالقاهرة، ودخل في غيبوبة استغرقت 72 ساعة.

وتم تركيب أطراف صناعية للبطل، وقرر التقرير الطبي منح "عبد الجواد سويلم" إجازة لمدة شهر، وعرضه لإبعاده من الخدمة العسكرية، ولكنه رفض هذا التقرير، وقرر العودة إلى وحدته الاستشهاد أو تحرير سيناء.

وعلم الرئيس جمال عبد الناصر بقرار عبد الجواد سويلم فطلبه في رئاسة الجمهورية وقال له: "إنت الذي ضربت مطار المليز ؟".

فرد "عبد الجواد": "نعم يا ريس، والجيش يريد إنهاء خدمتي" ، فرد عليه عبد الناصر: "لاخليك مصر عوزاك".

وقال البطل فى حديثه لـ «بوابه اخبار اليوم » أنه كان في إحدى العمليات خلف الحدود يوم 20 يوليو عام 1969 وكان العدو متفوقًا وكان يضرب المدارس والمصانع والمدن، لذلك رد عليه سلاح الصاعقة ردًا قاسيًا، حيث أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قراره بتدمير المناطق الإدارية الداخلية في سيناء، التي تمول جميع الأسلحة التي تستهدفنا".

أقرأ أيضا: رجال صنعوا النصر | الإعلام شارك في الخداع الاستراتيجي واسترداد الثقة المفقودة 

ويتذكر "في 20 يوليو توكلنا على الله وتوجهت مع مجموعة صغيرة العدد من أبطال مصر وعددهم 19 بطلًا ومشينا 35 كم، وكل منا كان يحمل نحو 60 كجم مواد ومتفجرة والأسلحة، وكل ذلك لمدة 7 ساعات، إلى أن وصلنا لهدفنا في الفجر، تحت قيادة قائد عظيم".

وأوضح، أن الأفراد هاجموا الهدف ودمروا 11 مخزنًا تحت الأرض وقتلوا الحراسات الموجودة وأسروا قائد الموقع وهذا لم يكن في الخطة.

وواصل: "في طريق عودتنا إلى مكاننا، وقبل 11 كم، هاجمتنا طائرات العدو، وقتلنا طيارًا من 4 طيارين ودخلنا في معركة غير متكافئة، كانت الطائرة مرعبة وتهاجمنا بالقنابل والصواريخ والرشاشات، ولم يستطع طيار العدو أن ينال مني لمدة 5 دقائق بسبب قسوة تدريبات الصاعقة التي تعودت عليها، كنت أهرب منه لأن سيناء لم تكن محتلة واشتبكت معه بسلاحي لأنني أدركت أنه لن يتركني، كما أن أرض شمال سيناء مكشوفة وليست كجنوب سيناء، وفضلت الموت بكرامة، ولم يستطع النيل مني، فأشرت له بيدي اليمني التي كانت قد تعرضت للبتر، وقلت له لو راجل انزلي، فهم الإشارة وأطلق صاروخًا من الطائرة عليّ".

وتابع، أن الصاروخ لم يصبه مباشرة لكنه نزل بالقرب من مكانه قائلاً: "اتنطرت من مكاني ووجد أشلاء، ومكنتش حاسس بحاجة خالص لكن لما بصيت تاني لقيت ساقي الاتنين مبتورين وذراعي اليمين وعيني اليمنى فُقدت في الحال وجسمي كله كان بيجيب دم، وكنت في كامل قواي العقلية".

وعندما اندلعت حرب 1973 عبر البطل عبد الجواد سويلم مع الأبطال قناة السويس وحقق حلمه وهو الانتصار على العدو الإسرائيلي، واسترداد سيناء، ولكنه بعد ذلك خرج من الخدمة العسكرية بصفة نهائية.

وتم تكريمه من الرئيس جمال عبد الناصر، حيث منحه نوط الشجاعة العسكري، كما كرمه الرئيس محمد أنور السادات، والرئيس محمد حسني مبارك في الاحتفالات باليوبيل الفضي لانتصارات أكتوبر، فقد كُرمت الصاعقة ممثلة في شخصه.

ويعد عبد الجواد سويلم هو المجند الوحيد الذي تم استدعاؤه للاحتفال باليوبيل الفضي لنصر أكتوبر عام 1998، والحصول على ميدالية مقاتلي أكتوبر، حيث اختارته القوات المسلحة ممثلا عن مليون و200 ألف جندي، وهو عدد جنود القوات المسلحة في حرب أكتوبر.

لم تكن بطولة "الشهيد الحي" في إصابته فقط أثناء حرب الاستنزاف، بل تكمن في إصراره على مواصلة الاشتراك في الحرب بعد إصابته بعجز كلى ليصبح الجندي الوحيد بالعالم الذي حارب ونسبة عجزه 100%.

 

أقرأ أيضاً: رجال صنعوا النصر|عبقرية «سلاح المهندسين» سر العبور وتحطيم أسطورة الخط المنيع 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة