فلقد استشف دستورنا في هاتين المادتين خطورة أوضاع كانت قائمة تتمثل في ندب هؤلاء المستشارين لوحدات الجهاز الاداري لفترات طويلة جدا

لدينا عدد من الاجهزة الفاعلة تعمل بمثابة قرون استشعار تساعد علي اكتشاف الاخطار التي تحيق بنا وتهدد حاضرنا ومستقبلنا.. هذه الاجهزة تعمل بكل ما اوتيت من قوة علي درء هذه الاخطار سواء أكانت محلية او اقليمية او عالمية ويأتي علي رأس هذه الاجهزة القوات المسلحة والمخابرات الحربية والمخابرات العامة والرقابة الادارية والأمن الوطني.
وعلي الرغم من ان لجنة الخمسين كانت حسنة النية كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي عند صياغتها للدستور إلا أن بعض المواد- وهي قليلة جدا جدا- جاءت معبرة عن واقع اليم تمر به البلاد منذ عقود طويلة ومن بين هذه المواد المادة 186 والتي تتضمن ايقاف ندب المستشارين من الهيئات القضائية إلي وحدات الجهاز الإداري في الدولة والمادة 239 والتي تتضمن تحديد فترة انتقالية مدتها 5 سنوات لانهاء هذا الندب الأمر الذي يدعم دور القضاء في انهاء المهام المنوط بها والتي تتمثل في الفصل في الدعاوي القضائية المنظورة امام المحاكم مع اختلاف انواعها ودرجاتها.. فهاتان المادتان خاصتان بندب المستشارين اعضاء الهيئات القضائية كليا او جزئيا لوحدات الجهاز الاداري مثل الوزارات والهيئات والمصالح والمؤسسات.
فلقد استشف دستورنا في هاتين المادتين خطورة أوضاع كانت قائمة تتمثل في ندب هؤلاء المستشارين لوحدات الجهاز الاداري لفترات طويلة جدا قد تتخطي في بعض الأحيان المدة الكاملة لخدمة الموظف الحكومي في الجهاز الاداري والتي قد تصل إلي اكثر من ٣٧ عاما.. وقد أدي طول فترة الندب إلي تعارض المصالح وكان ذلك واضحا في تعارض تطبيق صحيح القانون من جانب ومصلحة الجهة المنتدب إليها عضو الهيئة القضائية من جانب آخر، وفي اغلب الاحيان تنتصر الجهة الادارية لرأيها استنادا إلي تأشيرة المستشار عضو الهيئة القضائية.
نحن نعاني من العدالة البطيئة التي هي قمة الظلم وتنفيذ ما جاء في المادة ١٨٦ من الدستور سيحقق نوعا من العدالة الناجزة وبذلك يتفرغ اعضاء الهيئات القضائية لنظر الدعاوي المكدسة في المحاكم مع اختلاف انواعها ودرجاتها والتي امتدت بعضها إلي اكثر من ١٠ سنوات.
كنت اود ان تكون المادة ٢٣٩ من الدستور والخاصة بالفترة الانتقالية والتي مدتها ٥ سنوات مقتصرة علي اعضاء الهيئات القضائية الذين لم يمض علي ندبهم اكثر من ٥ سنوات، اما من زادت مدة ندبه علي ذلك فينتهي ندبه علي الفور، ويعود لجهته القضائية ليمارس مهامه الاساسية لتحقيق العدالة الناجزة لمنع الدولة من الانهيار والاستمرار في البناء والتنمية وتصحيح المسار.. والله من وراء القصد وهو يهدي سواء السبيل.
لاشك ان هذه القواعد التي حددها الدستور هي الحل الناجع والناجح لسرعة الفصل في الدعاوي المتراكمة لدي المحاكم بجميع انواعها.. وهذا يدعم وبقوة بناء الدولة علي طريق ارتضاه الشعب لبناء مصر الحديثة مصر ٣٠ يونيو.
ومن المقترح لسرعة تفعيل ما جاء بالدستور فيما يتعلق باستئناف الاحكام الجنائية اسوة بالجنح ويكون النقض علي درجة واحدة بحيث تتصدي محكمة النقض للحكم فور الطعن عليه.