آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

هل يتحقق حلم «السادات»؟

آمال عثمان

الجمعة، 08 أكتوبر 2021 - 08:57 م

فى حياة الأمم أحداث عظيمة وبطولات لا تُنسى، تستحق أن تدوَّن وتُروى للأجيال، وهناك قرارات غيرت مجرى التاريخ، وسطرت صفحات مشرقة فى سماء الأوطان، ما زالت حروفها محفورة فى وجدان الشعوب، تستوجب التوثيق ليظل أبطالها وشخوصها أحياء فى الضمير الوطنى عبر الأجيال. 


وقرار العبور الجسور الذى اتخذه الزعيم أنور السادات منذ 48 عاماً، يظل أعظم القرارات فى تاريخ مصر، وعنواناً لملحمة بطولة وفداء عزفتها قواتنا المسلحة الباسلة، ولأسطورة أبهرت العالم وغيّرت مفاهيم راسخة فى مناهج الكليات العسكرية الدولية، ولمعركة كرامة وعزة وشرف، حقق خلالها الجنود المصريون المعجزات وتحدوا المستحيلات، اجتازوا الألغام والقنابل الحارقة، والأنابيب المعبأة بأطنان ‏النابالم‏ و‏»الجازولين» فى وضح النهار، وعبروا شط القناة داخل مراكب مطاطة، وأصداء تكبيرات الرجال البواسل ترهب جنود العدو، وتزلزل أوصالهم وعتادهم، اقتحموا الساتر الترابى المنيع، لينهوا أسطورة «خط بارليف» أقوى تحصين دفاعى مائي، استعادوا الأرض والشرف والكرامة، ورفعوا علم مصر فوق أرض سيناء الحبيبة خلال 6 ساعات، وأعطوا للعدو درساً قاسياً لا يُنسى، وكتبوا كلمة النصر بدمائهم وأرواحهم الطاهرة.


استعدت تلك الصور الوطنية التى عاشها المصريون لحظة العبور، وكأنها حدثت بالأمس القريب، حينما وصلتنى رسالة صوتية من الأصدقاء، تتضمن البيانات الصادرة عن القيادة العامة للقوات المسلحة، وفاضت دموع السعادة والفخر حينما سمعت المذيع يلقى بالبيان رقم «5» قائلاً: جاءنا البيان التالي، نجحت قواتنا فى اقتحام قناة السويس واستولت على نقاط العدو القوية، ورفع علم مصر على الضفة الشرقية للقناة. هنا القاهرة».


واسمحوا لى أن أقول إنه بقدر ما عبرت الأغنية عن انتصارات أكتوبر المجيدة، وجسدت معانى التضحية والفداء، لم يستطع الإبداع السينمائى توثيق تلك الملحمة الوطنية وبطولاتها بالصورة التى تليق بها، باستثناء عدد قليل جداً، ولولا تصدى المبدع الراحل أحمد زكى لإنتاج فيلم «السادات» والخسائر الفادحة التى تكبدها، لما أصبحت لدينا وثيقة مصورة عن صاحب قرار العبور، وخطة المكر والدهاء والخداع الاستراتيجي، وعمن أعاد لنا الكرامة والعزة والأرض، ورفض أن يذكر اسمه منفرداً فى أغنية عبد الحليم حافظ «عاش اللى قال»، واشترط وضع أسماء كل الزعماء والأبطال الذين شاركوا فى حرب أكتوبر!
إن الذكرى الخمسين لانتصارات أكتوبر تحل علينا بعد عامين، لذا أتمنى أن يقدم السينمائيون أفلاماً توثق لتلك الملحمة العسكرية الخالدة بالتقنيات السينمائية الحديثة، ويتحقق حلم السادات قائد الحرب والسلام، ونروى لأبنائنا ما فعله كلٌّ فى موقعه، وكيف خرج الأبطال من الشعب والأمة فى فترة حالكة، ساد فيها الظلام ليحملوا مشاعل النور، وليضيئوا الطريق حتى تستطيع أمتهم أن تعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة