أما الهدهد الذي تمنيت أن أكون مثله فهو الهدهد الذي وجعه قلبه علي الناس التي لا تريد أن تفهم الحقيقة رغم سطوعها سطوع الشمس

هل تمنيت يوما أن تكون نملة؟ أنا تمنيتها كثيرا، لكنها ظلت مجرد أمنية خيالية مثلها مثل آلاف الأمنيات التي يحلم بها الإنسان لكنها لا تتحقق.
هل حلمت يوما أن تستيقظ من النوم لتجد نفسك وقد تحولت إلي طائر مثل الهدهد؟ أنا تمنيت لكن كلما استيقظت ونظرت في المرآة وجدت نفسي مازلت علي نفس الشكل الآدمي الذي نمت عليه!
أما النملة التي هي مثلي الأعلي فهي النملة التي خافت علي قومها الذين تركوا جحورهم وخرجوا إلي الشوارع ربما ليشموا بعض الهواء النقي دون أن يدرسوا الموقف جيدا فحذرتهم من أن تدهسهم جنود سيدنا سليمان الذي سمعها وهي تطلق صيحة التحذير فتبسم ضاحكا من قولها وهي تناشد بقية النمل أن يدخلوا مساكنهم حيث إن حياتهم مهددة لو استمروا في الشوارع، وأما الهدهد الذي تمنيت أن أكون مثله فهو الهدهد الذي وجعه قلبه علي الناس التي لا تريد أن تفهم الحقيقة رغم سطوعها سطوع الشمس لكنهم تنكروا للحقيقة وراحوا يسجدون للشمس من دون الله وهو ما اعتبره الهدهد انتصارا للشيطان علي هؤلاء الغلابة الذين زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السجود لله.
وعلي الرغم من أن هذه الأمنيات قديمة عندي إلا أنني لم أفصح عنها إلا عندما وجدت علي مكتبي كتابين جديدين أحدهما بعنوان طيور القرآن يستعرض فيه المؤلف كل قصص الحيوانات والطيور التي وردت في القرآن الكريم والثاني بعنوان روحانيات يتضمن تأملات رائعة في بعض قصص الأنبياء وقد اعتقدت في البداية أنهما من مكتبة شيخنا الجليل الشعراوي رحمه الله لكن كانت مفاجأة لي أن أجد مؤلف الكتابين هو الصديق والحبيب محمد نجم الكاتب الصحفي الكبير ومدير عام التحرير بمجلة أكتوبر العريقة التي تصدر عن دار المعارف الذي يرأسها حاليا زميلنا سعيد عبده.
عرفت محمد نجم منذ دخولي عالم الصحافة حيث استقر بنا الحال في القسم الاقتصادي بعد رحلة طويلة في جميع الأقسام التحريرية كان محمد نجم فيها نموذجا للمحرر المجتهد حيث حرص وهو الحاصل علي بكالوريوس الإعلام أن يدرس الحقوق ويحصل علي الليسانس فيها عندما كان يعمل في قسم الحوادث والقضايا وكنت أداعبه قائلا طيب ما تجرب القسم الفني يا نجم يمكن تاخد بكالوريس فنون مسرحية وحد يكتشفك وتسيبك من الصحافة؟
عرفت محمد نجم في سفريات عديدة خارج وداخل مصر لم يتغير خلالها هذا الشرقاوي الطيب الشهم أو العمدة كما يحب أن نناديه صاحب التصرفات التلقائية منها مثلا عندما سافرنا واشنطن أول مرة من حوالي 20 سنة حيث سافرت زوجة محمد وأطفاله للبلد خلال سفره ولم تكن وقتها الموبايلات قد ظهرت وحتي التليفونات الأرضية كانت عزيزة المنال فوجدنا كبائن تعمل عن طريق العملة فدخل نجم الكابينة وطلب جاره في السكن وأخذ يصيح بصوت سمعه من في البيت الأبيض قائلا: أيوه يا حاج محمد أنا محمد نجم باكلمك من واشنطن دي سي ولم نتمالك أنفسنا من الضحك عندما شرح لنا نجم رد فعل الرجل الذي لم يفهم سبب المكالمة حيث لم تكن علاقتهما تستدعي أن يكلمه ليطمئنه علي وصوله لكن محمد نجم برر ذلك التصرف التلقائي بأنه كان عايز يكلم أي حد في مصر يعرفه وخلاص!
ذكّرت صديقي محمد نجم بهذه الواقعة وهو يوقع كتبه الجديدة بجناح دار المعارف بهيئة المعارض فضحك وقال فكرتني: أنا عايز أعمل كتاب عن الرحلة دي، بس تفتكر أهديه لمين؟ فقلت بدون تردد: وهي دي عايزة كلام.. للحاج محمد طبعا!.