علم العراق
علم العراق


قبل انتخابات العراق.. نظرة على نظام «المحاصصة السياسية» المتبع في البلاد

أحمد نزيه

السبت، 09 أكتوبر 2021 - 08:52 م

يعيش العراق، غدًا الأحد 10 أكتوبر، على وقع الانتخابات التشريعية المبكرة، التي يتطلع من خلالها العراقيون إلى مستقبلٍ مغايرٍ للواقع الحالي، يُنتشل فيه البلاد من عثراتها المستمرة.

ودخلت البلاد مرحلة الصمت الانتخابي، ويستعد الناخبون في عموم بلاد الرافدين للذهاب غدًا إلى صناديق الاقتراع لانتخاب مجلس نوابٍ جديدٍ

وتُجرى الانتخابات بصورةٍ مبكرةٍ قبل موعدها بنحو عامٍ، وذلك انصياعًا لرغبة الحراك الشعبي، الذي بدأ في أكتوبر عام 2019، احتجاجًا على تردي الأوضاع الاقتصادية والظروف المعيشية.

ولكن قبل يومٍ من انعقاد الانتخابات، ومع دخول البلاد مرحلة الصمت الانتخابي، نُسلط الضوء على شكل نظام الحكم في العراق، الذي على أساسه تسير الأمور في بلاد الرافدين.

نظام المحاصصة السياسية

ويتبع العراق نظام الحكم البرلماني، الذي يجعل من رئيس الوزراء المنتخب من قبل البرلمان حاكمًا فعليًا، فيما يصبح منصب الرئيس شرفيًا إلى حدٍ كبيرٍ.

ومنذ زورال نظام صدام حسين عام 2003، تتوزع موازين السلطة في العراق على أساس نظام المحاصصة السياسية، فيُشترط أن يتولى منصب الرئيس أحد الأكراد، الذي يشكلون أغلبية إقليم كردستان، شمال البلاد.

وهذا المنصب يتولاه حاليًا برهم صالح، وهو كردي. ويُنتخب رئيس العراق من قبل البرلمان، وهو منصب شرفي إلى حدٍ كبيرٍ، كما أشرنا سلفًا.

أما منصب رئيس الحكومة، وهو الحاكم الفعلي في البلاد، فهو ينبغي أن يؤول لمسلم من الشيعة، باعتبار أن مسلمي الشيعة هم الأغلبية في العراق. ويتولى هذا المنصب حاليًا مصطفى الكاظمى.

أما مسلمو السنة فيحتفظون لأنفسهم بمنصب رئيس البرلمان، والذي يشغله حاليًا قبيل هذه الانتخابات محمد الحلبوسي.

وينحني كثير من الساسة العراقيين والنشطاء باللائمة على نظام المحاصصة السياسية في تأزم الأوضاع في البلاد، معتبرين هذا النظام يعزز من فكرة الطائفية في البلاد، لكن المدافعين عن هذا النظام يعتبرونه بمثابة طوق نجاة من أي نزاع طائفي في البلاد.

نفس النظام في لبنان

ونظام المحاصصة السياسية لا يُتبع في العراق فحسب، فليس بعيدًا عن بلاد الرافدين يتبع لبنان هو الآخر هذا النظام السياسي، وذلك في توزيع مناصب الحكم في البلاد.

ومنذ نحو 30 عامًا، بعدما أفضى اتفاق الطائف، الذي رعته السعودية، في نوفمبر عام 1989، إلى هذا الشكل من نظام الحكم، الذي يتقاسم خلاله المسلمون والمسيحيون بطوائفهما المختلفة مقاعد البرلمان وسلطة الحكم.

واتفاق الطائف هو الذي وضع حدًا للحرب الأهلية في لبنان، والتي دامت لنحو 15 عامًا، ودارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

ويتبع لبنان نظام المحاصصة السياسية، سواء على مستوى البرلمان أو على مستوى تقاسم السلطات، ويتألف مجلس النواب اللبناني من 128 عضوًا، مقسمين بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين، بواقع 64 مقعدًا لكلٍ منهما، ويستأثر مسيحيو المارونية بأكبر عدد من المقاعد يبلغ 34 مقعدًا، في حين يحوز مسلمو السنة والشيعة 27 مقعدًا لكل طائفةٍ منهما، في حين يتقاسم الطوائف الدينية الأخرى باقي مقاعد البرلمان.

ونظام المحاصصة السياسي في لبنان يعتمد أيضًا على تقاسم السلطات، وفي لبنان يشترط أن يكون رئيس الجمهورية مسيحي ماروني، وحاليًا هو ميشال عون، زعيم حزب التيار الوطني الحر، ورئيس الوزراء من المسلمين السنة، وحاليًا هو نجيب ميقاتي، الذي تولى مؤخرًا رئاسة الحكومة بدءًا في شهر سبتمبر الماضي، أما رئيس مجلس النواب، مسلمٌ شيعيٌ، وهو حاليًا نبيه بري، زعيم حركة أمل الشيعية.

نظام البوسنة والهرسك

وجه آخر للمحاصصة السياسية، يوجد في دولة البوسنة والهرسك، التي تملك واحدًا من أكثر أنظمة الحكم تعقيدًا في العالم، والذي يقسم السلطة بين ثلاث طوائف في المجتمع البوسني، وهم مسلمو البوشناق وصرب البوسنة وكروات البوسنة.

البوسنة والهرسك هي جمهورية تأسست بعد انفصالها عن يوغسلافيا عام 1992، وأدى ذلك الانفصال إلى حربٍ ضروسٍ، تعتبر واحدة من أبشع حروب التطهير العرقي في العالم، حيث خاض العرق الصربي حربًا ضد مسلمي البوشناق والكروات، بدعمٍ من بلجراد، بعدما كان صرب البوسنة يرفضون الانفصال عن يوغسلافيا.

وأدى الصراع العرقي إلى مقتل ما يربو على 100 ألف شخصٍ، خلال حربٍ دارت رحاها بين عامي 1992 و1995، ووضعت أوزارها بتوقيع معاهدة دايتون للسلام عام 1995، والتي تعتبر بمثابة ملحقٍ لدستور البلاد.

ودارت مفاوضات معاهدة دايتون في قاعدة رايت بيترسن الجوية قرب مدينة دايتون الأمريكية، في نوفمبر عام 1995، واستمرت لثلاثة أسابيع قبل أن تفضي إلى بلورة اتفاقية سلام بين طرفي النزاع في البوسنة والهرسك.

ونصت المعاهدة على تقاسم السلطة بين طوائف المجتمع الثلاث، بالتساوي فيما بينهما، رغم اختلاف تمثيل كل طائفة داخل البوسنة من حيث الكتلة السكانية.

ويمثل مسلمو البوشناق الأكثرية في جمهورية البوسنة والهرسك، ونسبتهم 48%، ثم صرب البوسنة يمثلون 37.1% من إجمالي السكان، والكروات تبلغ نسبتهم 14.3%.

نظام معقد

ونظام الحكم في البوسنة والهرسك هو مختلطٌ بين الرئاسة والبرلمان. وللبلاد ثلاثة رؤساء يشكلون المجلس الرئاسي، حيث تُمثل كل طائفة برئيسٍ لها في المجلس الرئاسي، وتنتخب كل طائفة ممثلها في المجلس.

مدة ولاية المجلس الرئاسي 4 سنوات، ولا يجوز إعادة انتخاب ممثل الرئاسة عن كل شعبٍ من الشعوب الثلاثة إلا لمرةٍ واحدة فقط.

ويتناوب الرؤساء الثلاثة على رئاسة المجلس كل ثمانية أشهر، بواقع مرتين لكل ممثل، إلى حين انقضاء الولاية الرئاسية.

أما بالنسبة للبرلمان، فهو يتشكل من مجلسي النواب والشعب، فمجلس النواب يتألف من 42 عضوًا، ينتخبون جميعهم بنظام التمثيل النسبي، وتبلغ حصة كل طائفة 14 مقعدًا، ويتم انتخاب صرب البوسنة لحصتهم البالغة 14 مقعدًا بمفردهم، في حين يُنتخب الـ28 عضوًا، الممثلين لكيان اتحاد البوسنة الكرواتي، الذي يضم مسلمي البوشناق والكروات، مجتمعين على حدٍ سواء، بمنأى عن صرب البوسنة.

وبالنسبة لمجلس الشعب، فهو يتألف من 15 عضوًا، تبلغ حصة كل طائفة عرقية خمسة أعضاء، بالتساوي بين الطوائف الثلاث.

ومسألة اتخاذ أي قرار في البرلمان سواء في مجلس النواب أو مجلس الشعب تبقى من الأمور المعقدة، ففي مجلس النواب، علاوةً على ضرورة تصويت الأغلبية المطلقة لصالح أي قرار (نسبة الـ50%+1")، والتي تبلغ 22 عضوًا على الأقل، ينبغي أن يُصوت ثلث كل طائفة على الأقل لصالح هذا القرار، بواقع خمسة أعضاء من كل شعبٍ كحدٍ أدنى.

أما في مجلس الشعب، فينبغي موافقة تسعة أعضاء على الأقل على مشروع أي قرار من أصل خمسة عشر، على أن يكون كل طائفة قد صوت ثلاثة من ممثليها لصالح هذا القرار أو مشروع القانون.

يشار إلى أن الكيانين الممثلين لدولة البوسنة والهرسك سواء الاتحاد البوسني الكرواتي وجمهورية صرب البوسنة لهما برلمانهما الوطني المستقل لكلٍ منهما، ويبلغ أعضاء برلمان الاتحاد البوسني الكرواتي 98 عضوًا، وجمهورية صرب البوسنة 83 عضوًا.

وخلاصة القول أن نظام المحاصصة السياسية في البوسنة والهرسك لا يتمتع فيه المسلمون، أصحاب الأكثرية، بأي ميزةٍ بالنسبة لعددهم، سواء في التمثيل داخل البرلمان أو تصدر مشهد الحكم.

اقرأ أيضًا: استعدادًا للانتخابات.. الحشد الشعبي العراقي يعلن رفع «حالة الإنذار» بين صفوفه

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة