رمسيس الثالث
رمسيس الثالث


حكاوي الحضري.. أقدم محاولة لقلب نظام الحُكم فى التاريخ

ننشر حيثيات إدانة ابن رمسيس الثالث وكبار المسئولين فى «مؤامرة الحريم»

إيهاب الحضري

السبت، 09 أكتوبر 2021 - 08:56 م

بعد شهور من التحقيقات والمحاكمات، أصدر القضاة أحكامهم على المتهمين فى أقدم محاولة لقلب نظام الحُكم فى التاريخ. وأخيرا تم إسدال الستار على القضية، التى شهدت مفاجآت مثيرة، بمحاولة تقديم رشوة جنسية لأكثر من قاض للتأثير فى مساراتها، مما جعل قائمة المتهمين تتسع، وتشمل القضاة الذين رضوا بأن يبيعوا ضمائرهم. انتهت القضية بأحكام رادعة، تراوحت بين الإعدام وبين التوبيخ بشدة بكلمات سيئة، للأسف لم تذكرها البردية التى سجّلت تفاصيل الواقعة! وبينما حصل البعض على البراءة، كانت مناصب آخرين تكفل لأصحابها حصانة ضد الإعدام، غير أن هذا لم يُنقذهم، فقد صدر الحُكم عليهم بأن ينتحروا.

وعلى رأس هؤلاء الأمير بنتاؤر ابن الملك، وغالبا أمه التى دبّرت المؤامرة لتطيح بزوجها رمسيس الثالث، وتضمن العرش لابنها بدلا من رمسيس الرابع ولى العهد!

قبل فترة كتبنا عن «مؤامرة الحريم»، لكن الجديد هنا هو صدور الأحكام على المتهمين مرفقة بالحيثيات، التى تحدّثت عن محاولة لقلب نظام الحكم، وتأجيج حركات الاحتجاج فى البلاد قبل نحو 3200 سنة، بالإضافة إلى الشروع فى قتل الملك. وثّقتها بردية مصرية قديمة محفوظة بمتحف تورينو الإيطالى، ورغم أن هناك أجزاء كثيرة مفقودة من البردية، إلا أن الباقى منها كشف تفاصيل خلّدت هذه الحادثة، التى انتهت بإصابة الملك، لكنه لم يمت إلا بعدها بشهور.
فى موسوعته «مصر القديمة»، نشر العالم الكبير سليم حسن ترجمة البردية، وأشار إلى أنها تضمّنت عدة قوائم اتهام، كان المتهم الأول فى القائمة الأساسية موظف كبير فى القصر اسمه» ييبككامن»، وجهتْ إليه المحكمة تهمة التآمر مع الملكة تى ونساء الحريم، «وقد أخذ فى إذاعة كلماتهن لأمهاتهن وأخواتهن اللاتى كن هناك قائلا: هيّجوا الشعب. حرضوا على العداء لشبوب فتنة على سيّدهن»، والسيّد المقصود هو رمسيس الثالث. كما تمت إدانة رئيس الحريم «بنوك» لأنه شارك المتهم الأول فى التحريض على الثورة، وهى التهمة نفسها التى واجهها «بندوا» كاتب الحريم الملكى. ورغم أن عددا من مفتشى الحريم لم يشاركوا فى الدعوة للعصيان، إلا أنهم أدينوا لأن كلا منهم سمع الأمور التى تآمر عليها الرجال مع نساء الحريم ولم يُبلغ عنها، أوردت البردية أسماءهم ومناصبهم، وسبق كل اسم وصف «المُجرم الكبير»، بينما كانت الصفة التى التصقت بالمتهمين من الأول إلى الثالث هى «المُذنب الكبير». كما أدانت المحكمة ست نساء، بالإضافة إلى ضابط رماة ببلاد النوبة، كانت أخته من حريم الحاشية، وكتبتْ له رسالة تطلب فيها تحريض الناس على الفرعون العظيم.
وفى قائمة متهمين أخرى انضم الأمير بنتاؤر إلى المتآمرين الأساسيين، وقضى الحُكم بأن ينتحروا، وذكرتْ قائمة ثالثة تهمة الأمير بوضوح أكبر، فقالت: «كان متآمرا مع تى والدته عندما دبّرت المؤامرة مع نساء الحريم بخصوص إثارة فتنة على سيده». أما متهمو القائمة الرابعة فلم يشاركوا فى الجريمة، بل تمثّلت المفارقة فى أنهم من بين القضاة المسئولين عن التحقيق فى المؤامرة وإصدار الأحكام، لكن المتهمين تلاعبوا بهم لتغيير مسار القضية، وذكرت البردية بوضوح أن عددا من المتهمات ذهبن إليهم فى مساكنهم وتعاطوا الخمور، وأقمن معهم علاقات جنسية، وشملت هذه القائمة كاتب سجلات وضابط مشاة وآخر فى الشرطة! وعوقبوا بقطع أنوفهم وآذانهم، ولم يحتمل بعضهم الفضيحة فانتحروا.
رغم مرور عشرات القرون على المؤامرة إلا أن التاريخ حفظها فى بردية مُمزّقة، ومومياء لشاب صغير معروفة باسم المومياء الصارخة، ثبت مؤخرا أنها تخص الأمير الخائن بنتاؤر الذى تآمر على والده.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة