الملك عبدالله الثاني - بشار الأسد
الملك عبدالله الثاني - بشار الأسد


بعد الاتصال النادر بين قيادة البلدين

«الأردن» يقود تحركًا لإعادة تأهيل النظام السورى «وعودته» عربيًا

أسامة عجاج

الأحد، 10 أكتوبر 2021 - 08:26 م

القراءة الصحيحة للعلاقات الأردنية السورية منذ مارس ٢٠١١ حتى الآن تودئ الى نتيجة مهمة تجعل التحرك الأردنى باتجاه اعادة التعامل العربى والدولى مع الحكومة السورية التى خلقت امر واقعا مع قدرتها على الصمود وإعادة سيطرتها على معظم الأراضى السورية وتقليص مساحات تواجد المعارضة وتراجع عمليات تنظيم داعش.

الأردن بحكم الجوار الجغرافى واعتبارات آخرى كان الأقل من حيث التدخل فى الشأن الداخلى السورى بين الدول المحيطة سوى ما يمنع تأثيراته السلبية على أمنه القومى خاصة فى ظل  وجود حدود مشتركة بينهما وكان الاتصال الذى تم قام به الرئيس السورى بشار لأسد لملك الأردن الملك عبدالله الثانى هو ترجمة لعمل طويل واتصالات مستمرة ولقاءات بين مسئولى البلدين للتوصل الى تفاهمات هدفها تعزيز التعاون فى مجال التجارة والزراعة والمياه والنقل وفى الشهر الماضى التقى وزير الدفاع ورئيس الأركان العماد على أيوب مع رئيس الأركان المشتركة يوسف الحنيطى حيث تناول اللقاء آليات ضمان امن الحدود والأوضاع فى جنوب سوريا ومكافحة الإرهاب ووقف تهريب المخدرات، كما التقى وزيرى خارجية البلدين أيمن الصفدى الأردني ونظيره فيصل المقداد السوري فى نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضى.

وتكشف أحداث الأشهر الماضية عن وجود رؤية متكاملة وتحرك مخطط للتعامل مع الملف السورى وإعادة التعاطى مع الحكومة هناك تم مناقشته مع عواصم القرار الدولى فى واشنطن اثناء زيارة الملك عبدالله الثانى الى العاصمة الامريكية ولقائه مع جو بايدن فى يوليو الماضى التى أعقبها زيارة مماثلة الى موسكو واجتماعه مع الرئيس فلاديمير بوتين فى أغسطس حيث أعلن الملك عبدالله الثانى ان التوصل الى حلول لمساعدة سوريا سيساعد كل المنطقة والأردن على وجه الخصوص كاشفا عن بلاده تسعى الى التعاون مع دول عربية وأجنبية بهذا الخصوص وتتلخص المقاربة الأردنية فى عدد من الخطوات منها اعادة التركيز على الحل السياسى وفق للقرار الدولى ٢٢٥٤ ومعالجة الأزمة الإنسانية وانعكاساتها الأمنية على سوريا وجوارها الجغرافى تقوم على سلسلة من الخطوات التراكمية تركز على محاربة الإرهاب واحتواء النفوذ الإيرانى مع تغيير تدريجى فى سلوك الحكومة السورية كما تتضمن الرؤية الأردنية دفع الولايات المتحدة للمشاركة بفاعلية فى لجنة تضم روسيا ودول آخرى فى مقدمتها مصر بهدف العمل للاتفاق على أفق للحل السياسى ورفع العقوبات المفروضة على النظام السورى بموجب قانون قيصر مع الإقرار بوجود مصالح لروسيا فى سوريا نتيجة دورها منذ منتصف عام ٢٠١٥ الذى ساهم فى تثبيت أركان النظام وتحقيقه لإنجازات على الصعيد العسكرى.

الرؤية الأردنية - أولًا -  تتوافق مع جهد ومقترحات المبعوث الأممى لسوريا جير بيدرسون التى تعتمد على تفاهم ثنائى روسى أمريكى والسير باتجاه خطوة من النظام تقابلها خطوة من المجتمع الدولى خاصة الدولة الفاعلة  هناك تعويل كبير على نتائج الحوار بين مبعوثى روسيا وأمريكا اللذان عقدا جولتين فى جنيف فى يوليو وسبتمبر الماضيين للتوصل الى صوغ موقف مشترك يمكن ان يفتح الطريق أمام صدور قرار دولى والتعامل معه على انه مظلة للحل السياسى المنشود فى سوريا كما ان الرؤية الأردنية - ثانيا - تعتمد على قراءة صحيحة لواقع عربى قد يكون كله مع عودة سوريا الى ممارسة دورها فى إطار الجامعة ودليل ذلك ارتفاع عدد الاجتماعات على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بين وزير خارجية سوريا فيصل المقداد ونظرائه من مصر سامح شكرى والعراقى فؤاد حسين والأردنى أيمن الصفدى والتونسى عثمان الجرندى بينما فشل وفد المعارضة السورية فى التواصل مع أى جهات العربية يضاف الى ذلك زيادة عدد السفارات العربية التى استأنفت عملها فى دمشق والتمايز فى المواقف العربية فقط هو بين جزء يؤيد ذلك بدون أى مطالب والآخر مع المبدأ ولكنه ينتظر فقط بعض الخطوات من الجانب السورى ولعل ابلغ مثال لذلك الموقف المصرى الذى عبر عنه الوزير سامح شكرى اثناء لقائه منذ أيام فى موسكو مع نظيره الروسى سيرجى لافروف حيث أشار شكري «نترقب ما تتخذه سوريا من إجراءات لدفع الحل السياسى وتفعيل عمل اللجنة الدستورية والتخفيف من معاناة الشعب السوري» كما ان المبادرة الاردنية - ثانيا - تحظى بدعم روسى كامل لانها وببساطة تساعد فى جهده موسكو الساعى الى اعادة سوريا الى محيطها العربى وتعويمها سياسيًا واقتصاديًا ومن ثم البدء فى مرحلة الإعمار وهو ما كان الموضوع الرئيسى فى جولة وزير الخارجية الروسى فى دول الخليج فى مارس الماضى.

وتتعدد الفوائد والمكاسب فى حال نجاح المبادرة الأردنية وخاصة على صعيد تخفيف العقوبات الأمريكية على سوريا من خلال عودة العلاقات الاقتصادية بين البلدين الى سابق عهدها وتعزيزها فى قطاعات الطاقة والكهرباء والمياه خاصة وان الأردن من أكثر دول الجوار دفعًا لفاتورة حالة عدد الاستقرار من خلال بوابة تحمله اعباء استضافته لمليون ونصف سورى يضاف الى ارقام آخرى من العراقيين والفلسطينين كما سيكون لها تداعياتها الإيجابية على المنطقة العربية والإقليم لوضع وانهاء التوتر وحالة عدم الاستقرار.
 ونتوقف عند بعض مؤشرات نجاح المبادرة الأردنية ومنها من خلال الموافقة الأمريكية على مشروع مد الغاز المصرى الى لبنان عبورا بالأردن وسوريا دون خضوعه لعقوبات قانون قيصر والأيام القادمة ستشهد مزيد من الخطوات الإيجابية لحل عقبات تواجه ضمانات النجاح للمبادرة لعل فى مقدمتها الوجود الإيرانى فى سوريا وانخراط واشنطن الكامل فى الجهد الساعى الى تسريع الحل السياسى فى سوريا.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة