لحظة اغتيال السادات فى حادث المنصة
لحظة اغتيال السادات فى حادث المنصة


تفاصيل اللحظات الأخيرة.. كيف نجا السفير الإسرائيلى وطاقم حراسته من حادث المنصة؟

هالة العيسوي

الأحد، 10 أكتوبر 2021 - 08:32 م

لم تمر مناسبة مرور 40 عامًا على استشهاد الرئيس السادات دون التفات من الصحف العبرية، لكن المثير أن التغطيات الصحفية الضئيلة التى تناولت الذكرى اعتمدت على ذكريات شفوية، رحل معظم أبطالها عن عالمنا، من ثم قد يجد القارئ الإسرائيلى العادى - من غير الباحثين- متعة فى قراءة ما يشبه حكاوى المقاهى، لتظل فى النهاية شهادات أموات، مثل ما جاء فى تقرير چاكى حوجى المنشور فى معاريڤ، أو رجوعًا لأرشيف المنشورات القديمة كتقرير نونا فوكس فى يديعوت احرونوت الذى اعتمدت فيه على حوار قديم أجراه يورى أڤنيرى «المتوفى فى 2018» مع السيدة چيهان السادات عقب حادث المنصة نشره فى مجلة هاعولام هازيه.

چيهان لأورى أڤنيرى: أنور رحل لكن مصر باقية

حوجى: السادات مصدر إلهام للسيسى كلاهما جرئ ومبتكر وبنّاء

يستهل حوجى تقريره بالمقاربة بين الرئيس السيسى والرئيس السادات فيكتب:إن السادات بالفعل مصدر إلهام للسيسى، هو أيضًا، كالسادات، لم يكن خائفًا من مواجهة المعارضين من الداخل، كان السادات مبتكرًا وبانيًا، مثل السيسى، وفتح اقتصاد بلاده على الغرب. وينهى تقريره بتلميحات عن اخطاء فى الحماية والتعامل مع الموقف فى جانب تأمين السادات! 

حل اللغز

أعد حوجى قصة صحفية شائقة اختلط فيها استدعاء ذكريات الطفولة، مع  تفاصيل المهنة فى النضوج، لكنه فى بعض الفقرات أغفل ذكر مصادر روايته فبدت أقرب إلى الخواطر ولم يشفعها بصورة واحدة من لقاءاته التى يذكرها ومنها مقابلته مع كاميليا السادات «المتوفاة عام 2019»، التى يذكر أنه التقاها فى منزلها بالقاهرة، وأنها على عكس أخواتها استقبلته بحفاوة واحتفظت بعلاقات جيدة مع اليسار الإسرائيلى !

يعترف چاكى حوجى عراقى الأصل بأنه كان طفلا عند اغتيال السادات لكن الحدث يظل من أقوى ذكريات طفولته على الرغم من وقوعه بعيدًا عن إسرائيل، وعدم تأثيره على الإسرائيليين بشكل مباشر: «كان عمرى 14 عامًا تقريبًا، كنت مليئًا بفضول طفولى هائل لأفهم لماذا يتوق ضابط مصرى لقتل زعيمه بعد أن صنع السلام، حين نضج حوجى وأصبح صحفيا زار القاهرة للمرة الأولى بعد 16 عامًا، وزار المنصة وأجرى حوارات ذكر منها مقابلته مع كاميليا ابنة السادات من زوجته الأولى، وزار منزله الخاص فى القرية، وطلب مقابلة الأصدقاء والأقارب، وقرأ سيرته الذاتية، وسيرة چيهان، وصحف تلك الفترة لدينا ولديهم.  يقول: «أردت أن أعرف كل شيء عنه، بعد 40 عامًا، لست متأكدًا من أننى أعرف حقًا أى شيء عن هذه القصة ظل رحيله المفاجئ لغزا، على الرغم من حسم قضية القتل وعقاب القتلة» مع تقدمى فى السن، أدركت مدى نجاحهم. اقتحم ضابط صغير و3 جنود المنصة بشجاعة ذهنية وقلبوا مجرى التاريخ مثلما غيّر اغتيال رابين مسار السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وأضر اغتيال السادات بالعلاقات الحميمة بين القاهرة والقدس، ومهد الطريق لتعيين النائب محمد حسنى مبارك الذى أفرغ نواياه من السلام الدافئ. 

الساعات الأخيرة

مع تفاصيل لعملية الاغتيال لم يذكر من أين استقاها، يحكى چاكى عن الساعات الأخيرة قبل اغتيال السادات، ويبدو انه عاد لمذكرات السيدة چيهان السادات.  

فى المساء قبل العرض، تمت دعوة مصور إلى مكتب السادات وصوره مع حفيدته ياسمين البالغة من العمر عامين، ابنة نجله جمال، فى حديقة المنزل، بعد ساعات قليلة ذهب إلى الفراش، فى الصباح الباكر أيقظته چيهان وهى تحمل عدة جرائد.. بعد دقائق أحضرت ياسمين إلى الفراش أيضًا كالعادة، حاولت الصغيرة سحب شاربه انفجر جدها ضاحكا.

عندما نهض ليحلق، تبعته إلى الحمام وضع الرغوة على وجهه حاولت ياسمين تقبيله، ومرة أخرى خرجت موجة من الضحك من فمه بعد الانتهاء من الحلاقة، استدار السادات ليرتدى زيه العسكرى واستعد للمغادرة لحضور العرض خلع قبعته، وأخذ العصا الأنيقة، وقبل مغادرته بقليل صاح فى چيهان من الباب ألا تنسى أن اصطحاب حفيدهم شريف، الذى كان يبلغ من العمر 5 سنوات، قالت لنفسها، لماذا لا، إنها عطلة.. على الأكثر، ستكون المربية قادرة على إعادتهم إلى المنزل إذا فقدوا رباطة جأشهم وهكذا انطلق الـ 6 إلى المنصة، الجدة چيهان وأحفادها الأربعة والمربية.. جلسوا جميعًا على المنصة على بعد أمتار قليلة من جدهم بعد ساعتين من بدء العرض، اخترق جسده الرصاص، وكتبت چيهان فى مذكراتها «حتى نهاية أيامى، سأسمع صدى إطلاق النار الآلى وسأرى دماء أنور تتساقط على الكراسى الخشبية المتناثرة على مكان العرض، وسأبكى. مع أحفادى الذين يبكون من الرعب لنعود إلى النوم دون كابوس ».

نجاة الإسرائيليين

عن لحظات إطلاق النار ينقل حوجى عن موشيه جى (70) ، الذى كان قائد الفرقة الأمنية للسفير الإسرائيلى آنذاك، موشيه ساسون جلس ساسون على المدرجات إلى يمين السادات وفوقه بقليل فى الصف الثالث أو الرابع، وأطلق الإسلامبولى رشقات نارية فى خط قطرى حدده بدوره.

لكن ساسون سقط على الأرض بيد جاى حتى قبل بدء إطلاق النار وبالتالى نجا. وأصيب دبلوماسى مصرى كان جالسًا إلى يساره برصاصة قاتلة على الرغم من أن هذه القصة كلها مصرية، إلا أن جاى هو الشخصية الأكثر روعة فى الحدث لدى چاكى، ليس بسبب ما فعله، فهذا هو ما تدرب عليه فى القيادة ولكن بسبب ما لم يفعله.

قال لى ذات مرة: «فى وحدتنا، لا يوجد شيء اسمه إطلاق النار عليك ولا ترد بإطلاق النار. وهناك قررت عدم الرد بإطلاق النار وكنت أخشى أن يقوم حراس الأمن المصريون بإطلاق النار على، فكما علمت أنه إذا أطلق شخص ما النار، فسيقولون إن الإسرائيلى قتل السادات».

قبل ثوان قليلة من إطلاق النار، بدأ العرض الجوى وانبثقت مسارات بألوان العلم الوطنى. نظر الجميع إلى الأعلى، واستمر حراس الأمن الإسرائيليان فقط، جاى وقائده مئير كبل، فى مشاهدة العرض تذكر الرجل أن إحدى الشاحنات توقفت؛ وخرج منها أحدهم قفز ببندقية وألقى شيئًا معينًا على المنصة، تبعه انفجار كانت قنبلة صوتية مصممة لإسقاط شاشة شفافة ضد الرصاص، لكن الستارة لم تكن موجودة، وقليلون لاحظوا القنبلة اليدوية والقاتل الذى يقترب رأى الرجل كل شيء وشك فى ما كان يحدث، ففعل ما تم تعليمه فعله، أوقع ساسون واستلقى عليه مرت ثوان طويلة ولم يحدث شيء، «قلت لنفسى، أيها الأحمق، لقد أخطأت فى حدث مثل هذا، استعد للتحقيق فى الوحدة لماذا أسقطت وماذا كنت تفكر فى نفسك بالضبط يا له من عار ثم بدأت حزم إطلاق النار، وشعرت بالارتياح»، أصيب كوبلر، حارس الأمن الثانى، بشظية فى صدره وأصيب بجروح طفيفة، لكن الرباعى الإسرائيلى، بما فى ذلك السائق غادروا المكان بسرعة.

تناقض الروايات

تتناقض روايات التقارير العبرية عن لحظة إطلاق النار، قد يرجع ذلك لاختلاف الزمن أو المصادر التى اعتمد عليها معدو التقارير، إذ تخالف رواية حوجى عن هذه اللحظات رواية الصحفى اليسارى أورى أڤنيرى التى نشرها فى مجلة عاعولام هازيه حين كان يرأس تحريرها انه التقى بچيهان السادات بعد بضعة أيام من حادث المنصة، يذكر حوجى أن السادات وقف لحظة مواجهة القتلة وكأنه يحيى ملائكة الموت ويستدعيهم، فى حين ينفى أڤنيرى هذا التفسير وينقل التقرير العبرى الحديث عن تقريره المنشور قبل 40 عاما بالقول: ليس صحيحا أن السادات وقف للتحية لكنه حين أدرك أن ثمة خطبًا ما صاح  بكلمة لا!  وكأنه أراد تنبيه  النائب محمد حسنى مبارك لكن الرصاصات لم تمهله. يواصل التقرير المنقول عن أڤنيرى أنه فى لحظة إدراك السيدة چيهان حقيقة ما حدث، استدعت النائب محمد حسنى مبارك وقالت له:«أنور مات يجب تهيئة الشعب»، لكن الكاتب أنيس منصور الذى كان حاضرًا صاح فيها: لا تقولى هذا، لكنها أجابته برباطة جأش: أنور راح لكن مصر باقية، وهى نفسها ذات الكلمات التى قالتها لأڤنيرى خلال مقابلته معها بعد الحادث بأيام.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة