لم يكن يناير 2011 تاريخا مفصليا بالنسبة لمصر فقط..لكنه أيضا كانت تاريخا مفصليا لي علي المستوي الشخصي قلب حياتي رأسا علي عقب فتغيرت الدنيا من حولي وتغيرت معها نظرتي للحياة..مرت مصر بمخاض صعب وخرج الشعب الذي ظنوه خانعا مستسلما ليعلن رفضه لكل ما تعرض له من ظلم اجتماعي وسياسي ومحاولات تمرير مشروع التوريث..معترضا علي الفساد وتزوير الانتخابات المستمر الذي بلغ مداه في انتخابات 2010..ظن الجميع أنها مجرد مظاهرات محدودة سيحتويها الأمن بعصاه الغليظة وقوات الأمن المركزي ليتم وأدها سريعا ولكن فتيلة الغضب اشتعلت مع غباء النظام وصلافته ونزل الملايين ليتصدوا بأجسادهم لعربات الشرطة ويواجهون خراطيم المياه في عز الشتاء وتتحول معاركهم مع الشرطة إلي كر وفر تحت وابل قنابل الغاز المسيل للدموع..هي ثورة عفوية شعبية لم تكن لها قيادة لأن الشعب خرج بدافع رغبته في التغيير.. ولم يفلح الخطاب العاطفي لمبارك في اول فبراير ثم محاولات انقاذه بما عرف بموقعة الجمل التي دبرها كبار الحزب الوطني..أما الاخوان فبعد أن اعلنوا عدم مشاركتهم نزلوا بعد أن مالت كفة الميزان لصالح الثوار.. نزلوا مسلحين بالطوب والعصي مستعينين بخبرتهم في مقاومة الشرطة وضاع الشباب الانقياء وسط حسابات سياسية انتهت بالانقضاض علي الثورة.. من كان يتصور ان يسقط حكم مبارك الذي ظنناه مسيطرا راسخا ؟ولكنه هوي بعد 18 يوما فقط من الاصرار الشعبي ورأيناه ماثلا امام القضاء هو وابناه وأدينوا في بعض اتهامات منها قضية القصور الرئاسية.
كانت الثورة علي مبارك واسقاطه حلم ملايين المصريين - وأنا منهم - لكني تعرضت لكسر في ساقي قبل الثورة بأيام وأجريت عملية جراحية..ومنعتني ظروفي المرضية من المشاركة الفعلية وكذلك زوجي الذي كان خارجا لتوه من المستشفي بعد شهر من العلاج وهكذا تحولنا إلي أعضاء بحزب الكنبة - رغما عنا - ونحن المحبون لبلدنا بكل قوانا - تابعنا الأحداث لاهثين من محطة لأخري وأولادنا طوافون علينا يخدموننا ويمرضوننا،غضبنا من المرض الذي حال بيننا وبين المشاركة الفعالة وتحول حزننا إلي سعادة مع رحيل نظام مبارك..
يظل يناير 2011 تاريخا هاما في حياتي وحياة بلدي التي عانت لتصبح في حال افضل وعانيت وتذكرت كيف تواضعت احلامي في وقت ما لأتمني فقط أن أمشي علي قدمي حتي منً الله علي بالشفاء، أما بلادي فنفضت غبار سنين التسلط والجمود وتتطلع للمستقبل.
[email protected]