قدراً كنت هنا وقت خرجت مصر الواعية كلها طلباً لرحيل النظام الحاكم الأسوأ والأشد فساداً وجهلاً وتبعية وخنوعاً في تاريخنا قديم النشأة ـ قدم التاريخ الإنساني المعروف والمدون نفسه ـ قدراً عشت كل التفاصيل التي قادت لهذا الخروج العظيم لشعبنا الصبور الحمول ومنذ سنوات كثيرة سبقت 25 يناير 2011..
علي مدي الأسابيع الماضية اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي ( فيس بوك ـ وتويتر وغيرهما ) وحتي المواقع الصحفية التي تتيح الخدمات التفاعلية مع القراء حملات بعضها يعلن أصحابه عن مشاركتهم في ثورة 25 يناير. ومؤسف أن كثيرا من المشاركين فيها اتخذوا مواقف أقرب للدفاعية عنوانها الشرح عن يناير والتبرير لمن شاركوا فيها. وكأنما الثورة الأعظم في تاريخ البلاد صارت محل طعن يمكن القبول به من أي أحد. والبعض الآخر يجهر بغباوته وجهله وعماه عن واقعنا ويهاجم من شاركوا فيها وبضراوة.. تليق بنذالة الضباع التي لا تعرف إلا التطفل وأكل الجيف...
و لست في معرض دفاع عن ثورتنا الأعظم. ولكن من باب التذكرة لهؤلاء الذين لاذوا بالفرار واختفوا ساعة النزال الوطني.. سكوا عليهم البيوت وغابوا عن المشهد المصري لنحو العامين في أعقاب يناير لم يجرؤ خلالهما. تافه ولا وغد منهم علي الإساءة للثورة بشبابها ونسائها ورجالها. إنما سكروا أفواههم سنين بعدها إلا عن كل تملق وتزلف لما لم يفهموا ويؤيدوا يوماً..
من باب التذكرة لهؤلاء.. أقول لو لم تسفر يناير عن أكثر من الخلاص من اللص مبارك.. كما شهدت الدنيا وأكد القضاء لكان في ذلك الكفاية. لو لم تفعل يناير غير أنها أوقفت حلم توريث هذا الشعب من الحرامي الأب للحرامي الابن بكل ما ينطوي عليه التوريث من إهانة لهذا الشعب لكفي. ولو لم تخلصنا يناير من كل زبانية مبارك وعصابته لكفاها ذلك ـ ففعلياً اسقطت يناير مبارك ونظامه وحزبه وحكومته. وهي لا تتحمل مسئولية عودة وجوه هذا النظام الفاسد الكريه وإنما يتحمل المسئولية كل من حكموا مصر وأداروا شئونها منذ إسقاطه وحتي اليوم.. فالصحيح أن شعب يناير ائتمن هؤلاء.. لكنهم ولسبب أو لغيره.. اختاروا طريقاً غير طريق الشعب...
والأهم لو لم تفعل يناير أكثر من أنها نقلت مصر من موقع التابع لأمريكا.. والخاضع بالكلية لتوجيهات إدارتها. فتحولت إلي استقلال القرار والإرادة لكفاها ذلك... ولو لم تمكنا الثورة غير من تطوير وتحديث قواتنا المسلحة وبناء قوتها التي ارتهنها المخلوع مبارك لدي سادته الأمريكان. ولو لم تسفر يناير غير عن واحد فقط من هذه التغييرات الجذرية الأساسية.. لكفاها لتوصف بأعظم وأشرف وأجل ثورات الشعوب..
و للمجاهرين بالعداوة لشعب يناير والطاعنين في ثورتنا العظمي كفانا غباوة.. فالواقع أن شعب يناير لا يري فيكم غير ما رأي الشاعر العراقي مظفر النواب في بعضهم ... شعبنا ليس خجولاً حين يخاطبكم !!