« اعتبره النواب قانونا حكوميا ورطت الحكومة فيه رئيس الجمهورية.. وكان من الأفضل أن تنتظر الانتهاء من تشكيل مجلس النواب »
لم يحظ قانون في مصر من جدل وصخب واعتراضات بمثل ما حظي به قانون العاملين بالدولة والمسمي بقانون الخدمة المدنية.
رفض مجلس النواب للقانون فتح أبوابا جديدة.. فبعيدا عن القانون نفسه.. فقد أكد الرفض أن مجلس النواب ليس كما أشيع عنه بأنه مجلس الموافقين.. لكنه في الواقع مجلس لا يمكن التنبؤ باتجاهاته.. وهو ما يجعله محل ثقة الشعب.. وازدادت تلك الثقة بعد الموقف من قانون الخدمة المدنية.
الحقيقة هي أن هذا القانون يختلف عن كل القوانين التي علي مجلس النواب إقرارها في المدة القانونية.. وهي نحو خمسمائة قانون وافق المجلس علي أكثر من ثلثيها بعد مناقشتها في لجان نوعية متخصصة.. لأنه قانون أعده مجلس الوزراء ودافع عنه وأقره رغم اعتراض الكثير من الجهات التي سيطبق عليها القانون.. ورغم ملاحظات الكثير من النقابات العمالية التي حددت العديد من الاعتراضات. يختلف عنها لأنه قانون لم تطلبه الرئاسة وانما تطوعت به الحكومة.. لذلك اعتبره النواب قانونا حكوميا ورطت الحكومة فيه رئيس الجمهورية.. وكان من الأفضل أن تنتظر الانتهاء من تشكيل مجلس النواب
ورغم وعد الحكومة ممثلة في المستشار مجدي العجاتي وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب بإمكانية تعديل القانون لاسيما في المواد الخلافية التي اعترض عليها العديد من النواب، إلا أن النواب أصروا علي رفض القرار بقانون.. في جلسة شهدت أربع جولات من التصويت بعد تأزم موقف المناقشات، وهو ما انتهي برئيس المجلس إلي التصويت علي إغلاق باب المناقشة علي القرار بقانون.
وجاءت الموافقة بأغلبية 428 عضواً علي غلق باب المناقشة.
بعدها طالب د.علي عبدالعال نواب المجلس بالتصويت علي مقترح الموافقة علي القرار بقانون مع تعديله لاحقاً، وهو ما رفضه المجلس بأغلبية 271 رافضاً مقابل 194 موافقاً، فما كان من رئيس المجلس إلا أن طرح القرار بقانون للتصويت النهائي لإبداء الرأي عليه من النواب، وجاءت نتائج التصويت لتعلن رفض مجلس النواب للقرار بقانون بأغلبية 332 نائباً رافضاً مقابل 150 مؤيداً، وأغلق المجلس بهذا صفحة قانون الخدمة المدنية معلناً انحياز النواب لإرادة الشارع.
وطرح رئيس المجلس التصويت للمرة الرابعة خلال الجلسة علي هذا القرار فقط،للتصويت علي اعتبار القانون نافذاً في المرحلة السابقة علي رفض البرلمان له.. وتسوية الآثار القانونية المترتبة عليه، فوافق أعضاء المجلس بأغلبية 468 نائباً.
وعند عودة الانعقاد وجه رئيس مجلس النواب، 3 أسئلة إلي الحكومة في بداية جلسة مجلس النواب الثالثة حول قانون الخدمة المدنية..وهي هل إذا تم إلغاء القانون يمكن استدعاء قانون 47 لسنة 1987 ؟ وهل يمكن صرف رواتب شهر يناير إذا تم رفض القانون؟ وهل سيتعرض الجهاز الإداري للدولة لاضطرابات جراء إسقاط القانون ؟.
وردت الحكومة علي لسان المستشار مجدي العجاتي وزير الشئون القانونية ومجلس النواب مؤكدا أن القانون 18 ألغي قانون 47 وأسقطه وهو بذلك مات.. لذلك لابد من قانون جديد يعيد قانون ٤٧ إلي الحياة. وقال : وأنا أتحدث باعتباري أستاذ قانون وليس وزيرا.. البلد مش بتاعة الحكومة بس دي بتاعتنا كلنا ولو القانون اتلغي مش هاعرف أدي الموظفين مرتباتهم وأنا دوري أوضح فقط..ولا أفرض عليكم قراراً معينا، وأرجو إثبات ذلك في المضبطة حتي تتضح الحقيقة أمام الموظفين والنواب.
وقال إذا تم رفض القانون سيؤدي ذلك لاضطرابات داخل الجهاز الإداري للدولة لأنه لا يوجد ترقيات أو تسيير للعمل.
وقال إن المشرع وضع حد الإعفاء للموظف من 5 آلاف جنيه إلي 6 آلاف جنيه وماذا عن هياكل الأجور للمعاشات وهي مرتبطة بنصوص وليس اعتباطا.
وقال إن الدولة تحملت فرق ضرائب 2 مليار جنيه.. ورفض القانون سيخلق فراغا تشريعيا.. والحكومة ستأخذ شهرا أو شهرين والمجلس لا يستطيع إقراره سريعا لأنه يجب أن تراجع وفقا للدستور.. وعلي الرغم من كل تلك التحذيرات التي أطلقها الوزير.. أصر النواب علي رفض القانون.
ويبقي لمجلس النواب أن يسرع في اعداد القانون بمشاركة الحكومة خلال أيام.. أو تقبل التعديلات المطروحة حتي لا يحدث فراغ قانوني يتعلق بأوضاع العاملين في الدولة.. وحتي لا تتفاقم المشاكل.. فالمسألة تهم ملايين الموظفين بالدولة وأسرهم والموازنة العامة أيضا.. وهو ما يجعل القانون في غاية الأهمية.