نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

حكومة «نجلاء»

نوال مصطفى

الأربعاء، 13 أكتوبر 2021 - 09:29 م

أدت الحكومة التونسية الجديدة اليمين الدستورية يوم الاثنين الماضى أمام الرئيس التونسى قيس سعيّد بقصر قرطاج. الحكومة تترأسها امرأة للمرة الأولى فى تاريخ تونس منذ الاستقلال، رئيسة الوزراء التونسية نجلاء بودن شكلت حكومتها بواقع تسع وزيرات من إجمالى 24 وزيراً، وهو إنجاز غير مسبوق فى أى دولة عربية حتى الآن، يستحق التوقف و الإعجاب مهما اختلفت الآراء حول خبرة نجلاء السياسية، وإمكاناتها فى إدارة دفة السلطة التنفيذية فى الدولة.


هى أستاذة جامعية، متخصصة فى الجيولوجيا، ليس لديها تاريخ سياسي، وهذا ما يثير الجدل حول قدرتها على تحمل تلك المسئولية الكبيرة، خاصة فى الظروف الصعبة التى تمر بها تونس، هذا ما أكده الرئيس قيس سعيّد فى كلمته أمام الحكومة الجديدة عندما قال: «إن أكبر التحديات التى تواجهنا هى إنقاذ الدولة التونسية من براثن الذين يتربصون بها فى الداخل والخارج، والذين يعتقدون أن المناصب غنيمة، وقسمة للأموال العمومية، أو قسمة لمراكز النفوذ».


تأتى هذه الخطوة بعد إعلان الرئيس التونسى فى 25 يوليو الماضى ما أسماه بالتدابير الاستثنائية، والتى جمد على أثرها البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب، و وضعت السلطة التنفيذية وكل مهام الحكومة فى يد الرئيس مؤقتاً.
حاول قيس سعيد وقتها تبرير هذا الإجراء بقوله:» لا نريد أن نبقى فى ظل التدابير الاستثنائية، لكن سنبقى فى ظلها مادام هناك خطر جاسم فى المجلس النيابي، وعدد من مؤسسات الدولة، لن نسمح للمفسدين بإسقاط الدولة».


البعض يقول إن حكومة «نجلاء» ستكون سلطتها محدودة بناء على التغييرات التى أقرها الرئيس على السلطة التشريعية، والتنفيذية، وسيكون نشاطها مراقباً وتحت إشراف قيس سعيّد لكنها فى أول ظهور إعلامى لها أكدت نجلاء بودن أن من أبرز مهام الحكومة الجديدة مكافحة الفساد، واستعادة الثقة بالدولة، وإعادة الأمل إلى المواطنين، وفتح مجال الاستثمار، وتحسين ظروف المعيشة والاصلاح الاقتصادي، وتشديد مبدأ المحاسبة.


الكل يترقب ما يحدث الآن فى تونس من زوايا مختلفة، فالدولة التى عانت منذ 2011 ولاتزال من محاولة الإخوان السيطرة على الحكم، وتغيير هوية تونس الخضراء، أكثر الدول العربية تحرراً واستنارة، تعبر نفقًا صعبًا لاسترداد هذه الهوية، والقضاء على جبهة الشر التى تحاول جرجرة تونس إلى خندق الإخوان.


لكن إجراءات الرئيس الأخيرة تواجه من البعض بالرفض والغضب المكتوم بسبب احتفاظه بكل السلطات فى يده، حل البرلمان والحكومة، وتعيين رئيسة وزراء بلا خبرة سياسية أعطى الكثيرين إحساساً بأن دورها هى و وزراء حكومتها لن يتعدى أداء التعليمات التى يصدرها الرئيس، لا أكثر.


لاشك أن المرحلة التى تمر بها تونس صعبة وحرجة، لا أحد يمكنه التكهن بنتائج التدابير الاستثنائية الشديدة التى اتخذها الرئيس التونسي، ولا أحد يستطيع أن يلومه فى الوقت نفسه على اتخاذ تلك الإجراءات التى تعطيه حرية التصرف المطلق بوضع كل سلطات الدولة فى يده من أجل إنقاذ الدولة من العابثين بمقدراتها.


أكثر التمنيات تفاؤلاً؛ هو ألا تطول فترة التدابير الاستثنائية كثيراً، وأن يتم انتخاب برلمان حر مستقل عن السلطة التنفيذية سريعاً، كما أن تفاجئنا حكومة نجلاء بأنها قادرة على وضع رؤية وآليات لدفع عجلة الحياة السياسية والاقتصادية فى تونس، ليس فى إمكاننا الآن إلا أن ننتظر ونرى.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة