كثيرا ما يناقش الاعلام قضية معينة ويظل الجدل فيها مستمرا، حتي ينتشر الحوار عنها في المجتمع كالنار في الهشيم، ويتصاعد الخلاف في وجهات النظر بين الطرفين المختلفين عبر الفضائيات أو في مواقع التواصل الاجتماعي أو علي صفحات الجرائد إلي ان ينتصر الحق علي الباطل فيزهقه، إلا انه بعد فترة قصيرة نجد نفس الاشخاص الذين يجادلون العلماء في تخصصهم يطلون مرة أخري لترديد نفس الكلام بنفس الاسلوب وكأن شيئا لم يحدث وكأنهم يسعون لتحقيق هدف معين بعيدا عن الوصول للحق أو نقطة مع أهل التخصص.
كل هذا الجدل المسموم العقيم المبني علي أهواء شخصية من وجهة نظري يفضح دائما أصحابه ويظهر مدي انتشار البقع السوداء في الثوب الأبيض الذي يحاولون دائما إظهار التلحف به بدعوي تصحيح المفاهيم، إلي أن يفصل القضاء في هذا الخلاف ويصدر حكمه فإن جاء الحكم لصالحهم أصبح نصرا لهم علي عكس ما يروجون له من باطل، وإن جاء الحكم لصالح الطرف الآخر صار العويل والصراخ والنواح هو الطريق للمطالبة بإلغاء الحكم انتصارا لحرية التعبير المزعومة وكأن القضاء يجب أن يكون علي هواهم.
ولعل الحكم الصادر بالحبس لمدة عام ضد اسلام بحيري هو خير شاهد علي ذلك، بعد أن ظل لفترة طويلة عبر برنامجه الذي كان يقدمه في إحدي القنوات الفضائية يطعن في كثير من الاحاديث النبوية بخلاف تهكمه علي رواة الحديث وأئمة الفقه وسبهم علي الهواء إلي ان صدر عليه حكم بالسجن لازدراء الدين الاسلامي، مما أثار غضب من يصفون أنفسهم بأنهم المفكرون أو المحسوبون علي الثقافة في مصر وعلت أصواتهم مطالبة بالعفو عنه لأنه باحث ومفكر، دون التنويه أو التنديد بما خرج من فمه من تجاوز وسباب، وكأن التجاوز والاساءة التي نراها جهارا نهارا أصبحت الان جزءا أصيل من مكونات الشخصية الثقافية في مجتمعنا الشرقي، علي عكس ما يطالبون به عندما يكون السباب أو الإساءة من طرف آخر لا ينتمي إلي فسطاطهم، وهذا لا يصح ولا يستقيم مع العقل والمنطق إذا كانا معتدلين.