رسالة عابرة
رسالة عابرة


رفعت الجلسة | رسالة عابرة

جودت عيد

الخميس، 14 أكتوبر 2021 - 09:42 م

تحدثت معها بصراحة، اخبرتها اننى عاجز عن الارتباط بها وعليها أن تعذرنى، كان يجب أن أغادر، أن اترك عالمها الثرى، وأعود إلى ذلك العالم البسيط الذى دائما ما كان سكنى وطمأنينة قلبى مهما كانت الخسائر.


نعم أنا ذلك الفتى الولهان العاشق الفقير، ابن الصعيد، الذى لايملك من حطام الدنيا سوى وجه، زعم الأقارب والزملاء أنه ملائكى، يحمل صفاء وطيبة وشهامة ورجولة تفوق أجساد أصحاب المال والثراء.


لست سوى ذلك الفتى الذى تئن عليه كرامته، فيختار أن يهرب من المواجهة، وأن يضع رأسه فى التراب عندما يتحدث عن المال، فيشعر بالعجز وقلة الحيلة ،وتأخذه التنهيدات الى التفكير مليا فى الخروج من هذه الدنيا بأى طريقة كانت.


كثيرا ما قرأت قصص العاشقين ،وادركت نهاية حبهم ، ووضعت لنفسى سيناريو لن يكون بعيدا عنهم، فأنا عاشق لابنة فنان كبير فارق الحياة منذ سنوات ، لكنه ترك مالا وثروة كبيرة لأسرته وكرامة واحتراما يشهد لهم الجميع.


تولد الحب فى قلبى لحظة أن شاهدتها فى أحد الكافيهات الذى اصطحبنى صديقى إليه فى مدينة الرحاب ، لم انظر الى كونى أو نسبى أو عائلتى، كل ما اتذكره أن عينى استقرت اتجاهها ، صمت قلبى، ولم استطع التحدث، أصابنى الذهول لدقائق، بعدها سيطر الإحمرار على وجهها، ثم اختبأت خلف ستار اراقبها من بعيد وكأنى وجدت الروح التى كنت افتقدها فى حياتى.


ساعة كاملة وأنا فى ذهول، لم انتبه إلى حديث زميلى، كنت أنظر إليها فقط، توقفت عينى عندها، وفجأة وأنا أراقبها، رمقتنى بعينها، ثم ألحقتنى بابتسامة وكأنها أرادت أن تقول لى نعم أنا أراقبك كذلك.


ظللت أرمقها واراقبها وهى تلقى الى بابتسامات وكأنها تخبرنى ان ما اشعر به تجاهها ، تشعر به هى الاخرى تجاهى ، حتى اقترب من طاولتها رجل فى الخمسينيات من عمره ، ألقى عليها التحية ثم ترحم على والدها ، فأدركت وقتها ان مدخلا إليها قد جاء، وانه يجب ان اتحدث معها، فوالدها الفنان الراحل احبه وأعشق أغانيه .


بعد دقائق تركت الفتاة الجميلة مقعدها واتجهت للتحدث فى الهاتف خارج الكافيه ، استأذنت صديقى ،وخرجت خلفها ، انتظرت حتى انتهت من المكالمة ، ثم تحدثت معها ، اخبرتها اننى اعشق أغانى والدها ،حقيقة كان فنانى المفضل دون مجاملة ، أدركت انها سعدت كثيرا بحديثى عن والدها ، تبادلنا حسابات التواصل الاجتماعى معا ،وبعدها تحدثنا كثيرا ..

ايام ونحن نتحدث عبر الهاتف، لم نلتق كثيرا ، فدائما أهرب من كل مقابلة أو مناسبة تدعونى إليها، أنا لا أملك سوى بعض الجنيهات، وأى لقاء قد يكلفنى آلاف الجنيهات ، لذلك كنت اعتذر بحجج سفرى الى بلدى فى الصعيد لزيارة أمى المريضة أو بسبب عملى..

تطورت علاقتنا ، أصبحت تشاركنى كل لحظة فى حياتها ، حتى أسرتها بادلتنى الحب وكأننى ابن من ابنائهم ، الجميع يحاول أن يقربنى إليها ،وانا ابتعد ، لست قادرا على مجاراة هذا الثراء الفاحش ، انا ابن الأب الصعيدى الفقير الذى مات بعد ان عجز عن توفير العلاج ، وابن الأم الصعيدية التى تكفلت برعاية 8 من ابنائها دون دخل أو طين .


لست عبد الحليم حافظ حتى تعشقه شادية فى معبودة الجماهير ويصبح ثريًا ، انا لا املك أى مواهب ، ما املكه فقط هو حبى لتلك الفتاة، تمنيت أن تكون فقيرة مثلى، تشاركنى أحلامى البسيطة ، لكن الواقع يقول عكس ذلك مهما حاولت تبرير الأسباب .


انا الآن اعيش كابوسا ، اشعر أن قلبى مقيد داخل حلم مستحيل ، فما زلت شابا عازباً اعيش مع زملائى فى شقة ايجار ،وأعمل موظفًا بالنقل العام .
نهاية لقد طويت هذه الصفحة بكل ما تحمله من ذكريات جميلة ، لم أعد فى حاجة إلى ذكرها نهائيا ، تقدمت بطلب نقل وغادرت الى موطنى أسيوط ، أعيش فى سلام بعيدا عن معاناتى.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة