رأينا وجوها تتعمد الوقوف أمام الكاميرات رغم النداءات المتكررة بالتزام المقاعد والغريب أن كلا منهم انشغل بطلب أهله وناسه علي المحمول ليريهم أنه هنا

عادتنا ولن نشتريها نحول الأفراح إلي مآتم والذكريات الجميلة إلي مشاهد رعب.. ننشغل في تبسيط المبسط وفي تعقيد المعقد وكأننا ألفنا اللعب في الشراشيب والضحك والبكاء بغير مبرر بمسلسلات الألف حلقة مع الاعتذار لمسلسل ليالي الحلمية الذي غيب الموت بطله منذ أيام وهو النجم الكبير المحترم ممدوح عبد العليم.
هذا الحديث مثاره موقفان، الاول انطلاق البرلمان بما يمثله من استكمال لاستحقاقات خريطة المستقبل التي وضعت بعد ثورة الشعب في الثلاثين من يونيو.. وفيما يفترض أن نفرح ونباهي العالم باستكمالنا خريطة المستقبل في ظروف صعبة بل معوقة وتحديات اقليمية ودولية أقل ما توصف بأنها طاحنة، نجد أنفسنا في حالة رعب من اقتراب ذكري ثورة الخامس والعشرين من يناير المبدعة.
لا يجب أن ترعبنا دعوات جماعات موتورة لتشويه هذه الذكري بدعوات غير مبررة للتظاهر أو ارتكاب أعمال إرهابية هنا أو هناك.. فإذا تملكنا الرعب فهذا هو المطلوب اثباته من أعداء الوطن الذين لا يستحون بأعمال تثير الرثاء وليس الضحك والسخرية بعقد برلمانهم المزعوم في تركيا تزامنا مع الجلسة الأولي للبرلمان.
علينا ألا نكترث لدعواتهم المشبوهة والمظلوميات التي يستهدفون بها تشويه مجتمع ينهض بكل المقاييس ويصحو من سبات دام أكثر من أربع سنوات.. لا أحد ينكر أن هناك تطورا نحو تحقيق أهداف ثورتي يناير ويونيو وهي العيش والحرية والعدالة الاجتماعية وإن كان هذا التطور ليس بالمعدلات المطلوبة لكن علي الأقل فإن الثابت للمواطن المصري الذي لا يري سوي مصلحة بلده أننا نسير في الطريق الصحيح.
علينا أن نجعل من ذكري ثورة ينايرعيدا بحق وحقيق.. نذهب لأعمالنا نخرج للحدائق نلعب الكرة.. باختصار نمارس الحياة فحتي الآن لا أجد تفسيرا مقنعا لعدم إقامة مباريات كرة القدم أيام الجمعة التي كانت في الماضي موعدا مفضلا لمباريات كبيرة ومهرجانات في كافة المجالات.. ممارستنا لأعمالنا وحياتنا بشكل طبيعي في ذكري يناير سيكون أكبر درس لهؤلاء البشر من كارهي الحياة.. كما سيكون في اعتقادي أكبر داعم لقطاع السياحة المستهدف من قبل الارهاب.. خروج هذا اليوم بشكل طبيعي وبنكهة المصريين سيبعث رسالة أمان للعالم أجمع بأن «ادخلوها آمنين سالمين».
الموقف الثاني يتعلق بمشاهد الجلسة الاجرائية لمجلس النواب والتي جاءت مليئة بالهرج والمرج والحوارات الساخنة والاستخفاف حتي بالقسم الدستوري ما جعل شكل المجلس قبيل انقعاد جلساته الفعلية «مايطمنش».. فالعالم كله كان يشاهد الجلسة كونها استكمالا لخارطة المستقبل وكان ينبغي الإعداد لها بشكل جيد لتخرج أكثر شياكة وبهاء ولتخلو من الاحاديث الساخنة غير المبررة والتي لاتتناسب مع الظرف والتوقيت.
الجلسة اجرائية يتم من خلالها ترتيب البيت وانتخاب رئيس المجلس والوكيلين والنظر في اللوائح المطلوب تعديلها لضمان أداء المجلس لمهامه علي غير وجه.. لكن رأينا وجوها تتعمد الوقوف أمام الكاميرات رغم النداءات المتكررة بالتزام المقاعد والغريب أن كلا منهم انشغل بطلب أهله وناسه علي المحمول ليريهم أنه هنا وعلي حد تعبير الاعلان الشهير: «متوقفيش الضحك عندك».. هؤلاء تناسوا أنهم نواب عن الأمة وأنهم تحت قبة البرلمان وليسوا روادا لموقف ميكروباص أو محطة قطار أو رواد دار سينما لحظة انتظار الدخول.
ما كان يجب استغلال «البعض» لحظة أداء القسم الجليلة بإظهار مواقف سياسية معينة بعيدا عن مراعاة التوقيت والظرف المناسبين فهذا ليس وقته وأمام كل نائب أن يظهر في الجلسات المقبلة مواقفه وتوجهاته بشكل واضح ومحدد وليس في لحظة معروف سلفا أنها لا تحتمل التسييس، وعلي رأي المأثور الخليجي: إلي الميدان يا حميدان.. وبالبلدي الفصيح: بكرة نسمع ونشوف.
ما أعرفه وما تعلمناه أن النائب بمجرد انتخابه وأدائه القسم الدستورية أصبح نائبا عن الأمة بأسرها وليس فقط الدائرة المحدودة التي انتخبته لذا نتمني أن نري 596 مشرعا ورقيبا علي أداء الحكومة ومتحدثا باسم مصالح الأمة وليس فقط حامل طلبات لاهل الدائرة لتخليصها من الوزراء والمحافظين وهنا سيجد احترام وتقدير المصريين جميعا وليس فقط أهل دائرته.. نتطلع لأن يحمل النائب أحلام وتطلعات ناس بلده جميها فعندما يطالب بعلاج مشكلة الصرف الصحي علي سبيل المثال عليه أن يتحدث في عموم المشكلة ولايلخص الأزمة في ماسورة صرف «ابو محمد» الذي سانده في النجاح والوصول للبرلمان.. إنها مجرد أمنيات.