لواء د. سيد غنيم
لواء د. سيد غنيم


«قلم ووطن»

مناورات الكبار

لواء دكتور سيد غنيم

السبت، 16 أكتوبر 2021 - 05:35 م

إن نجاح الصين فى تحقيق «سياسة صين واحدة» وبقائها كدولة عظمى يتوقف على عدة عوامل، أهمها تحقيق السيطرة على بحر الصين الجنوبى ومضيق تايوان وضمان نفوذها فى جنوب شرق آسيا ووسط آسيا، وضمان تأمين مصادر الطاقة فى الشرق الأوسط بالتعاون مع روسيا، وبكسر عزلتها عن العالم من خلال مبادرتها العالمية «الحزام والطريق»، وبما يهدد استراتيجيات ومصالح الولايات المتحدة وحلفائها فى آسيا وأوروبا والشرق الأوسط بل وفى أمريكا اللاتينية.


ولذا تتخذ أمريكا التدابير السياسية والعسكرية من خلال التواجد العسكرى فى بحر الصين الجنوبي، وإنشاء النظم الدفاعية فى اليابان وكوريا الجنوبية، ودعم تايوان والمشاركة فى المبادرة الرباعية اليابانية «إندو-باسيفيك منطقة حرة ومفتوحة»، بل والتدابير الاقتصادية، مستغله الاقتصاد المتشابك بين تايوان والصين لصالح تايوان، لتهيئة الظروف وبما يمنع الصين من فرض سيطرتها على مناطق اهتمامها، وذلك دون تجاوز الخطوط الحمراء التى تفرضها الصين، وعلى رأسها إعلان تايوان حق تقرير المصير للإنفصال أو محاولة عودة انضمامها للأمم المتحدة بعد منح مقعدها للصين فى أكتوبر عام ١٩٧١ وبعد أن تربعت تايوان عليه طوال ٢٦ عاماً منذ نشأة الأمم المتحدة. وفى المقابل ستبقى «سياسة صين واحدة» هدفاً استراتيجياً للصين يستحيل الرجوع عنه دون اللجوء للخيار العسكرى.


خلال محاضرتى بمؤتمر الأمن القومى الثانى فى تايوان (يوليو ٢٠١٧) عرضت رؤية مستقبلية تصور احتمالات سعى أمريكا لمحاولة فرض سياسة معاكسة لـ»سياسة صين واحدة» أسميتها «سياسة كوريا واحدة» بهدف مصالحة الكوريتيين، الأمر الذى شرع فى تنفيذه الرئيس الأمريكى دونالد ترمب بعد أقل من عام. كما تصورت أن يعقب المصالحة ضم الكوريتين الذى يتبعه تسيد النظام الديمقراطى الاقتصادى الكورى الجنوبى وسقوط النظام الديكتاتورى الأمنى الكورى الشمالي. يلى ذلك قيام الولايات المتحدة بنقل قواتها من كوريا الجنوبية إلى حدود الصين البرية داخل كوريا الشمالية المتحولة للديمقراطية، وهو ما تتصدى له الصين ولو بالعمل العسكرى، باعتباره أخطر الخطوط الحمراء، فكوريا الشمالية تمثل عمقاً استراتيجياً للصين فى مواجهة منافسيها.


أرى أن أمريكا بالتعاون مع اليابان تستغل موقف تايوان كورقة ضغط ضد الصين من خلال تطبيق قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير، رغم أنه حالة هجوم الصين على تايوان لن تتدخل الولايات المتحدة فى حرب عسكرية ضد الصين.

فى المقابل تستغل الصين تطورات القضية الفلسطينية كورقة ضغط ضد الولايات المتحدة وليس إسرائيل (ذات التعاون المتعدد مع الصين)، أيضا من خلال نفس القيم، ومهما فعل الإسرائيليون مع الفلسطينيين فلن تتدخل الصين إلا بما يمكن أن تستغله ضد الولايات المتحدة.


وهنا يتضح أدوات ورسائل اللعب بين الكبار والتى تستغل فيها القضايا والأزمات الإقليمية والدولية كأوراق ضغط رئيسية بينهم. 


زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا


أستاذ زائر بالناتو والاتحاد الأوروبى

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة