مملوك فاطمى سعى للمنصب الرفيع وصديقه تآمر عليه
مملوك فاطمى سعى للمنصب الرفيع وصديقه تآمر عليه


وزير لمدة نصف يوم فقط!

حكاوى الحضرى | مملوك فاطمى سعى للمنصب الرفيع وصديقه تآمر عليه

إيهاب الحضري

السبت، 16 أكتوبر 2021 - 06:02 م

تجمّع الجنود أمام باب القصر الفاطمي.

بدتْ على وجوههم علامات الغضب، وارتفعتْ أصواتهم بالاحتجاج. حركة الرسل مستمرة لتبادل وجهات النظر. الجنود معترضون على وزير جديد، اختاره أمير أصبح مسئولا مؤقتا عن الخلافة فى صفقة تقوم على تبادل المصالح.

وفى النهاية رضخ الأخير وقرر عزل الوزير الذى لم يجد وقتا ليفرح بوزارة قضى فيها نصف يوم فقط!

لكن الجنود رفعوا سقف مطالبهم، وطالبوا بأن يتسلّموا المعزول، زاد حدة الأزمة ما شهدته القاهرة من أعمال نهب، مما دفع الخليفة المؤقت لأن يطلب من الوزير السابق الاختباء حتى يرى كيف يواجه الأزمة، ثم أمر بقتله وألقى برأسه إلى الجنود فعاد الهدوء!

بطلا هذه القصة مملوكان هما جوامرْد وبرْغش! بغض النظر عن غرابة اسميهما فقد حرّكا مسارات الأحداث بدافع من الطمع ثم الغيرة. بدأتْ وقائع الحكاية قبل هذه الأحداث بساعات، عندما اغتيل الخليفة الآمر بأحكام الله فى أحد أيام أكتوبر عام 1130، ولم يترك ابنا يخلفه.

قرّر المملوكان القريبان منه استغلال الفرصة، واستعانا بأمير اسمه أبو الميمون عبدالمجيد، كى يساعدهما فى تنفيذ مُخططهما.

اعتمد المخطط علي «تيمة» انتشرت فى العصر الفاطمي..

هى الأحلام. وزعم المملوكان أن الخليفة المقتول رأى رؤيا قبل قتله بأن إحدى زوجاته حامل وستلد ذكرا، تكون كفالته مسئولية الأمير أبى الميمون الذى حمل بعد ذلك لقب الحافظ لدين الله. سارت خطة المملوكين بشكل جيد، لكن يبدو أن جوامرْد تلاعب ليفوز بنصيب الأسد، وسعى لأن يصبح وزيرا. أفاق المملوك الآخر  برغش على الصدمة، فكيف يكون مشاركا فى الخطة ويستأثر رفيقه بالوزارة.

وبينما هو يفكر فيما تعرض له من خداع، كانت عيناه اليائستان تمسحان وجوه الحاضرين فى حفل التنصيب، وفجأة خطرتْ له فكرة جُهنمية، بعد أن استقرتْ نظراته على الأمير أبو على أحمد بن الأفضل شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجمالي. ولمن لا يعلمون يجب أن نوضح أن بدر الجمالى هو أعظم وزراء الدولة الفاطمية طوال قيامها، قام بتوريث الوزارة لابنه شاهنشاه، الذى استمر فيها إلى أن تآمر الخليفة الراحل لقتله!

وظل الحفيد أبو على يتمتع بمكانة لا يُستهان بها بين الجنود رغم ابتعاده عن السُلطة.

اقترب منه برْغش، وأظهر له استنكاره من أن يظل جالسا إلى أن يتم تنصيب الوزير الجديد، لأن المراسم لو اكتملتْ فسيخرج فى ركابه كأنه أحد خدّامه.

لم تكن نصيحة المملوك خالصة للأمير القوي، بل سعى من خلالها لإشعال الفتنة، فهو يعلم جيدا أن خروج أبو على مُبكّرا سيجعل الجنود يرونه ويطالبون بأن يتولى الوزارة. اقتنع الأمير وقام لينصرف، فمنعه أحد كبار المسئولين لأنه تنبأ بما يُمكن أن يحدث، لكن برْغش قام بتعنيفه وخرج مع الأمير بنفسه، لتشتعل الأمور فجأة ويتحقق السيناريو الذى رسمه المملوك الناقم بدقة. تدافع الجنود حول الأمير أبو علي، فمعظمهم من أتباع أبيه وجده، وصاحوا قائلين:» هذا الوزير ابن الوزير ابن الوزير».

حاول أن ينصرف بحجة أنه تعاطى دواء فلم يقبلوا ذلك، ونصبوا له خيمة فدخلها. واضطر الوصى على الخلافة أن يستجيب فى النهاية. فقد المملوك جوامرد حياته نتيجة طمعه فى الوزارة، وقدمها هدية دون أن يقصد لأمير لم يكن يتوقعها، لكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد، حسبما ذكر المؤرخ ابن الطُوير بكتابه «نُزهة المُقلتين فى أخبار الدولتين»، الذى حقّقه وأعاد نشره الدكتور أيمن فؤاد سيد.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة