المسجد النبوي
المسجد النبوي


بعد فتح الكعبة بكامل الطاقة.. «توسعة الحرم» تاريخ طويل في خدمة ضيوف الله

أحمد عبدالنبي زكريا

الأحد، 17 أكتوبر 2021 - 02:34 م

أعلنت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي جاهزيتها لاستقبال المعتمرين والمصلين والزائرين بالحرمين الشريفين بكامل الطاقة الاستيعابية وجميع الإجراءات الاحترازية، وفق ما أعلنته وزارة الداخلية  السعودية في ما يخص صدور الموافقة الكريمة على تخفيف الإجراءات الاحترازية الصحية ابتداء من الأحد 17 أكتوبر 2021.

وأكد الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس جاهزية المسجد الحرام والمسجد النبوي باستخدام كامل الطاقة الاستيعابية في ظل ما توفره الحكومة من إمكانيات وخدمات تسخرها الرئاسة العامة للمحافظة على سلامة قاصدي وزوار الحرمين الشريفين وتسهيل مناسكهم وعباداتهم ننشر لكم تاريخ توسعة المسجد الحرام منذ الخلفاء الراشدين حتى عهد آل سعود:

المسجد الحرام هو أعظم مسجد في الإسلام ويقع في قلب مدينة مكة غرب المملكة العربية السعودية، تتوسطه الكعبة المشرفة التي هي أول بيت وضع للناس على وجه الأرض ليعبدوا الله فيه تبعاً للعقيدة الإسلامية، وهذه هي أعظم وأقدس بقعة على وجه الأرض عند المسلمين، والمسجد الحرام هو قبلة المسلمين في صلاتهم، وإليه يحجون، سمي بالمسجد الحرام لحرمة القتال فيه منذ دخول النبي محمد إلى مكة المكرمة منتصراً، ويؤمن المسلمون أن الصلاة فيه تعادل مئة ألف صلاة.

توسعة المسجد الحرام

ولأهمية المسجد البالغة لدى المسلمين أولى الخلفاء الراشدين ومن بعدهم الحكام والملوك اهتماما كبيراً بتوسيع مساحة المسجد نظراً لتزايد أعداد المسلمين في العالم وكانت أول توسعة للمسجد في التاريخ على يد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عام 17 للهجرة ومن بعدها وحتى اللحظة لاتزال توسعة المسجد في اتساع.

فترة الصحابة

- عمر بن الخطاب

كانت توسعة عمر بن الخطاب في العام السابع عشر من الهجرة وفيها تم زيادة مساحة المسجد 560 م2، فقد كان المسجد الحرام على عهده قد أتاه سيل جارف عرف بسيل «أم نهشل» نسبة إلى سيدة جرفها السيل، وقد اقتلع السيل مقام إبراهيم من موضعه الحالي فقام عمر برد الحجر إلى مكانه، ولم يكن بالمسجد جدران تحيطه، إنما كانت الدور مطلة عليه من كل مكان، فضاق على الناس المكان فاشترى عمر البيوت القريبة من الحرم وهدمها، وقد رفض البعض أن يأخذ ثمن البيت، وامتنع أخرون عن البيع، فوضعت أثمان بيوتهم في خزانة الكعبة حتى أخذوها فيما بعد، ثم أحاط المسجد بجدار قصير، وقال عمر: " إنما نزلتم على الكعبة فهَو فناؤها، ولم تنزل الكعبة عليكم "".

- عثمان بن عفان

قام أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، في عام 26 هــ بزيادة مساحة المسجد لتصبح حوالي 4390 م2 ، وتقدر الزيادة بـ 2040 م2 تقريباً ، وفيها تم هدم البيوت التي تحيط بالمسجد الحرام، وأدخلت أرضها في المسجد، و كان عثمان بن عفان هو أول من أدخل الأروقة المسقوفة والأعمدة الرخامية للمسجد الحرام، حيث كان المسجد قبل ذلك متسعاً فسيحاً . وقد تعرض عثمان لما تعرض له عمر بن الخطاب من امتناع أصحاب البيوت عن بيعها واستلام أثمانها من أجل التوسعة، فما كان منه إلا أن ثمنها وأمر بهدمها على أصحابها، فصاحوا به فقال: " جرّأكم علي حلمي عنكم، فقد فعل بكم عمر هذا فلم يصح به أحد" فأمر بهم إلى الحبس، فشفع فيهم عبد الله بن خالد بن أسيد أمير مكة فأخرجهم وأخذوا قيمة دورهم .

فترة الدولة الأموية

- عبد الله الزبير

قام عبد الله بن الزبير ، بإعادة بناء الكعبة بعدما شب فيها حريق أثناء حصار جيش يزيد بن معاوية لمكة في نزاعه مع عبد الله بن الزبير، وانتهى الحصار بموت يزيد، وكانت هذة التوسعة في عام 60

- الوليد بن عبد الملك

في عهد الوليد بن عبد الملك كانت التوسعة الرابعة للمسجد سنة 91 هجرية، بعد أن أصابها سيل جارف، وقد زاد من مساحة المسجد، وأجمع كثير من المؤرخين على أن الوليد كان أول من استعمل الأعمدة التي جلبت من مصر والشام في بناء المسجد، وشيد الشرفات، ليستظل بها المصلون من حرارة الشمس .

فترة الدولة العباسية

- أبي جعفر المنصور

كانت تلك الزيادة في الفترة من سنة 137 هـ إلى سنة 140 هـ فقد زاد في مساحة الركن الشامي الذي كانت به دار النخلة ودار الندوة في أسفله، وقد شيد منارة بالركن الشمالي والغربي، كما أمر بتبليط حجر إسماعيل بالرخام وأمر بتغطية فوهة بئر زمزم بشباك.

- المعتضد بالله

قام المعتضد ببعض الترميمات والتوسعة من سنة 281 هـ إلى سنة 284 هـ، فأمر بهدم دار الندوة وجعلت رواقاً من أروقة المسجد، وأدخل فيها من أبواب المسجد الحرام ستة أبواب، وأقيمت فيه الأعمدة، وسقف بخشب الساج، كما قام بإنشاء اثني عشر باباً من الداخل، وثلاثة أبواب من الخارج، وتمت الزيادة في ثلاث سنوات .

- المقتدر بالله

في فترة المقتدر بالله أضاف مساحة دارين للسيدة زبيدة أضيفت إلى مساحة المسجد سنة 306هـ، وأقام لها باباً كبيراً وهو المعروف الآن باسم "باب إبراهيم".

فترة الدولة السعودية

-توسعات الحرم المكي في عهد آل سعود

عبد العزيز بن عبد الرحمن اّل سعود

-التوسعة السعودية الأولى للمسجد الحرام.

-عام 1344 هـ تم صيانة المسجد وإصلاحه كلياً.

-عام 1346 هـ تم ترميم الأرقة وطلاء الجدران والأعمدة وإصلاح قبة زمزم .

-تم تركيب مظلاّت لوقاية المصلين من حرارة الشمس.

تم تبليط ما بين الصفا والمروة بالحجر.

-في شعبان 1347هـ تم تجديد مصابيح الإنارة في المسجد الحرام وزيادتها حتى بلغت ألف مصباح.

-في 14 صفر 1373هـ عندما دخلت الكهرباء إلى مكة المكرمة أُنير المسجد الحرام ووضعت فيه المراوح الكهربائية.

سعود بن عبدالعزيز آل سعود

بدأ مشروع توسعة المسجد في عهد الملك سعود في ربيع الآخر 1375هـ، حيث كانت مساحة المسجد حينها 28 ألف م2 يسع حوالي 50 ألف مصلٍ، وقد استغرقت التوسعة حوالي 10 سنوات، ووضع حجر الأساس للتوسعة في يوم الخميس 23 شعبان 1375 هـ 5 أبريل 1956م، وقد شملت التوسعة على عدة مراحل بحيث تضم كل أجزاء المسجد وكانت الزيادات والصيانة لكل جزء على الشكل الأتي :

في سنة 1374هـ انشاء بناية لسقيا زمزم أمام بئر زمزم، وصار بئر زمزم في القبو.

بناء ثلاثة طوابق، والأقبية، والطابق الأرضي، والطابق الأول، مع بناء المسعى بطابقيه، وتوسعة المطاف، وقد زود قبو زمزم بصنابير الماء ومجرى للماء المستعمل.

في سنة 1375هـ تم استبدال الشمعدانات الست بحجر إسماعيل عليه السلام بخمس نحاسية تضاء بالكهرباء.

وفي سنة 1376هـ تم إضافة سلم متحرك للكعبة، وكان مغلفًا بالفضة ومنقوشًا بالذهب، وفي عام 1377هـ تم ترميم الكعبة، واستبدال سقفها الأعلى القديم بسقف جديد، وأبقى على السقف السفلي بعد ترميمه وتغيير الأخشاب التالفة فيه .

فهد بن عبدالعزيز آل سعود

التوسعة السعودية الثانية للمسجد الحرام :

وضع الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود حجر الأساس لما عرف بمشروع أكبر توسعة للمسجد الحرام منذ أربعة عشر قرناً، في 2 صفر 1409هـ الموافق 13 سبتمبر 1988م، وشملت هذه التوسعة إضافة جزء جديد إلى المسجد من الناحية الغربية، والاستفادة من السطح العلوي للمسجد والذي وصلت مساحته إلى -61 ألف م2 - استيعاب عدد أكبر من المصلين ليصل إجمالي القدرة الاستيعابية للحرم المليون ونصف المليون مصلي . كذلك تم بناء مئذنتين جديدتين ليصبح إجمالي عدد المأذن في وقتها 9 مآذن بارتفاع 89 متراً للمأذنة.

واشتملت التوسعة على إضافة مبنى جديد إلى الحرم، يتكون من ثلاث أدوار بالإضافة إلي تهيئة السطح إستقبال الزيادات في الحج ومواسم العمرة، وتم تزويد مبنى التوسعة بنظام تكييف، وأنشئت محطة تبريد مركزية لتلطيف الجو بالماء المبرد على بعد 450 متراً في منطقة أجياد، وتصبح بذلك مساحة المسجد الحرام شاملة مبنى المسجد بعد توسعته، والسطح، وكامل الساحات (356,000) م2 تتسع لحوالي (773,000) مصل في الأيام العادية، أما في أوقات الحج، والعمرة، ورمضان فيزيد استيعاب الحرم ليصل إلى أكثر من مليون مصل. كما يضم مبنى التوسعة مدخلاً رئيساً جديداً، و 18 مدخلاً عادياً، بالإضافة إلى مداخل المسجد الحرام الحالية، والبالغ عددها 3 مداخل رئيسة، و27 مدخلاً عادياً. 

- التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام

المرحلة الأخيرة التي بدأت في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وهذه المرحلة مازالت تحت التنفيذ حيث يستكملها الملك سلمان بن عبد العزيز.

ستنفذ هذه التوسعة من خلال ثلاثة محاور رئيسية، الأول هو التوسعة ذاتها للحرم المكي، ليتسع بعد التوسعة لمليوني مصل، والثاني الساحات الخارجية، وهي تحوي دورات المياه والممرات والأنفاق والمرافق الأخرى المساندة والتي تعمل على انسيابية الحركة في الدخول والخروج للمصلين.

أما الثالث فمنطقة الخدمات والتكييف ومحطات الكهرباء ومحطات المياه وغيرها، وتصل مساحة التوسعة إلى 750.000 متر مربع، ويشتمل المشروع على توسعة ساحات الحرم من جهة الشامية، تبدأ من باب المروة وتنتهي عند حارة الباب وجبل هندي بالشامية وعند طلعة الحفائر من جهة باب الملك فهد. وهذه التوسعة عبارة عن ساحات فقط ومقترح إنشاء 63 برجاً فندقياً عند آخر هذه الساحات.

وتوسعة صحن المطاف بهدم التوسعة العثمانية وتوسيع الحرم من الجهات الثلاث وقوفاً عند المسعى، حيث إن المسعى ليس من الحرم وتوسيع الحرم من جهة أجياد، كما تتم تعلية أدوار الحرم لتصبح 4 أدوار مثل المسعى الجديد حالياً، ثم تعلية دورين مستقبلاً ليصبح إجمالي التعلية 6 أدوار، وتشمل توسعة الحرم من ناحية المسفلة بهدم فندق الإطلالة وفندق التوحيد إنتركونتيننتال.

في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، نفذ أكبر مشروع تاريخي لتوسعة المسعى وصحن الطواف ومشروع جسر الجمرات وإنشاء قطار المشاعر الذي ساهم في تنقلات الحجاج بين المشاعر وأمر بتوسعة المسجد النبوي من الجهة الشمالية والشرقية لتبلغ الطاقة الاستيعابية 1.8 مليون مصل.

- الملك سلمان بن عبد العزيز:

وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، تواصلت جميع التوسعات في الحرم المكي من المشاريع. ليؤدي حجاج ومعتمرون وزوّار مكة والمدينة مناسكهم بكل يسر وسهولة واطمئنان.

وقد تم إغلاق توسعة الحرم وعلقت العمل في المشاريع في إطار التدابير المتخذة للحد من انتشار كورونا وحفاظا على سلامة المواطنين والمقيمين في 25 مارس 2020 وقد تم استئناف مشروع التوسعة السعودية الثالثة بالمسجد الحرام في 28 يوليو  2021 ومن ضمنها مشروعات توسعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ومشروع رفع الطاقة الاستيعابية لمبنى المطاف، ويشمل استئناف الأعمال على سبيل المثال لا الحصر أعمال البوابات والمنارات الرئيسية (باب الملك عبدالعزيز، وباب العمرة، وباب الفتح)، استكمال أعمال تركيب الأسقف المعلقة بأدوار مبنى المطاف، واستكمال أعمال مشروع ميزانين الدور الثاني.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة