دخلت سيناء لدائرة النسيان وضاعت الملايين التي تم إنفاقها.. وصارت مأوي للارهابيين وتبذل الدولة حاليا الكثير من المال والشهداء من أجل السيطرة عليها وإستعادتها لأحضان الوطن

منذ ثورة ١٩٥٢ يحاول كل رئيس جمهورية في مصر المحروسة أن يقيم مشروعا ينسب إلي انجازاته.. ولكن للأسف الكثير منها لا يستمر ويتوقف بسبب مشكلة التمويل.. يستثني من هذا مشروع السد العالي الذي أقامه الرئيس عبدالناصر بتمويل من الاتحاد السوفيتي.. ولكن هناك مشروع مديرية التحرير.. وفيه تم توزيع الأراضي علي الفلاحين لخلق مجتمع زراعي جديد.. ولكن تاه المشروع بسبب الدخول في حرب ١٩٦٧ ثم حرب الاستنزاف.
وبعد وفاة الرئيس عبدالناصر عام ١٩٧٠ وتولي الرئيس السادات الحكم.. قاد البلاد إلي نصر اكتوبر ١٩٧٣.. ثم اتفاقية السلام مع إسرائيل واسترداد مصر لسيناء.. من هنا جاءت فكرته بربطها بالوادي.. فقرر إنشاء ترعة السلام لنقل مياه النيل إليها لزراعة ٦٢٠ ألف فدان علي ٣ مراحل وخلق مجتمع زراعي صناعي عمراني جديد بغرض التخفيف عن الوادي مع ربط سيناء بمنطقة الدلتا واستغلال الطاقات البشرية في أغراض التنمية واتاحة فرص عمل جديدة.. ولكن للأسف لم يتم تنفيذ سوي المرحلة الأولي.. وتوقف المشروع عام ٢٠١٠ بسبب العجز في التمويل وارتفاع ملوحة الأرض في منطقة سهل الطينة.. وتحتاج إلي غسيل لمدة خمس سنوات مما يزيد من تكلفة المشروع.. وبالتالي دخلت سيناء لدائرة النسيان وضاعت الملايين التي تم إنفاقها.. وصارت اليوم مأوي للإرهابيين وتبذل الدولة حاليا الكثير من المال والشهداء من أجل السيطرة عليها وإستعادتها لأحضان الوطن والقضاء علي هؤلاء المجرمين الذين باعوا أنفسهم للشيطان بأقل القليل.
وبعد وفاة الرئيس السادات عام ١٩٨١ وتولي الرئيس مبارك الحكم أعلن عن عدة قرارات ومشروعات.. ولكن للأسف كلها كانت للشو الإعلامي بعيدا عن الواقع.. منها مشروع توشكي الذي أقيم في منطقة مفيض توشكي ويهدف إلي خلق دلتا جديدة جنوب الصحراء الغربية مواز للنيل تساهم في حل انقراض الأراضي الزراعية باضافة ٥٤٠ ألف فدان ويتم ري أراضيها بمياه النيل والمياه الجوفية ويتم ربطها بنهر النيل عن طريق ترعة الشيخ زايد.. وتم الترويج للمشروع علي أنه مستقبل مصر لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء وتم انفاق المليارات من الجنيهات علي المشروع من خلال شق وتبطين ترعة الشيخ زايد وإقامة محطة الرفع العملاقة التي ترفع المياه من مفيض توشكي إلي ترعة الشيخ زايد.. وبدأت زراعة بعض المساحات الصغيرة وتم تصوير الرئيس مبارك وسط هذه الزراعات حتي يتم الترويج له.. ولكن توقف المشروع بسبب ارتفاع درجات الحرارة هناك وصعوبة انشاء مجمعات سكانية في هذه المناطق النائية والاهم من ذلك هو ارتفاع التكلفة المالية للمشروع مع وجود عجز كبير في التمويل.. فلم تستمع الحكومة في ذلك الوقت لتحذير الخبراء من فشل المشروعات للظروف المناخية للمنطقة وصممت علي الاستمرار فيه وفي النهاية الفشل هو النتيجة.
وبعد تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي قيادة البلاد مع انقراض الرقعة الزراعية قرر استصلاح ١٫٥ مليون فدان بدأت في منطقة الفرافرة وتولت الادارة الهندسية للقوات المسلحة تنفيذ المشروع.. وانشأت القري المصاحبة للمشروع وشقت الطرق وساعدت في انشاء منظومة الري بعد حفر الآبار الجوفية مما يؤكد الجدية في التنفيذ.. خاصة وأن كل المشروعات التي تقوم بها قواتنا المسلحة علي درجة عالية من الدقة في التنفيذ ولكن ما يشعرني بالقلق أن يفْتَر الحماس ويتوقف المشروع مثل المشروعات السابقة وأتمني أن نتعلم من اسباب فشل المشروعات السابقة ونأخذ من هذا الفشل وسيلة للنجاح.