مازلنا نودع عاما ونستقبل آخر منذ ثورة ٢٥ يناير ومازالت الأماني الممكنة والأحلام المشروعة تحتاج إلي ثورة تسمي إرادة التنفيذ مثلما حدث في حفر القناة

في العام الماضي الذي ودعناه منذ 72 ساعة طرقنا بعض المشروعات القومية مثل حفر القناة الجديدة وتدشين المرحلة الأولي لزراعة مليون ونصف المليون فدان من أجل فتح آفاق جديدة تعيد مصر إلي مجدها السابق في إنشاء مجتمعات زراعية وصناعية تقضي علي ارتفاع نسبة البطالة وتحسن الميزان التجاري بزيادة الصادرات.
أيضا دشنا بعض المصانع وهناك محاولات لإنعاش المصانع المتعطلة وبدأ العمل في إنشاء شبكة طرق جديدة تربط محافظات مصر بعضها ببعض من أجل نقل البضائع والعمالة إلي مواقع العمل.. مع حفر أنفاق تحت القناة وإعادة الحياة الاقتصادية للموانئ التي أهملت زمنا طويلا دون تطوير، شأنها شأن الكثير من الخدمات التي من المفروض أن تدر دخلا كبيرا ولكنها تحقق خسائر.
المشروعات القومية كثيرة وفرص الاستثمار واعدة والمشروعات الصغيرة والوسيطة التي هي عماد المشروعات الكبري مازالت تحتاج إلي منهج لتحديد أولوياتها التي تخدم الاقتصاد ولا تترك للأفكار الشخصية دون فائدة حقيقية.
الآمال والطموحات مازالت تطرق الأرض لتعيش فيها حتي تنمو وتكبر وتصبح الكثافة السكانية عاملا ايجابيا من أجل زيادة الإنتاج وليس عبئا عليه.
إننا في حاجة ملحة لعودة الأرضية الأخلاقية التي بدونها لن تجدي أي مشاريع كبيرة أو متوسطة أو صغيرة.. لهذا نحن في حاجة إلي ثورة ليس من أجل مطالب عامة أو خاصة وإنما ثورة علي الفساد علي المستوي الخاص والعام فمازالت مصر تحتل مرتبة مرتفعة في الفساد وعدم الشفافية ومازلنا نبحث عن أموال الوطن التي هربت إلي الخارج سواء بالتآمر واستغلال النفوذ أو من خلال شبكات غسيل الأموال حتي تتوه ونحتاج زمنا طويلا لاستردادها مما يبعث علي اليأس.
إننا نتحدث عن الأخلاق وكأنها مكمل غذائي يمكن الاستغناء عنه حتي صارت الفاحشة والابتذال والحكي الفارغ هي مقومات المجتمع.. فكيف ينهض؟!
لا يمكن لجزء من الوطن يبني ويبذل جهدا كبيرا من أجل إتمام المشروعات وباقي المجتمع وهم أغلبية الشعب في واد آخر لا يملكون الإرادة للتغيير.. لا يملكون المهارات والتدريب علي المهن التي تتطلبها التنمية بحجة أنهم حملة شهادات ورقية لا تفيد.. فالدول العظمي اكتملت تنميتها بالعلم مقرونا بالعمالة المدربة الماهرة والتزام كامل وأمانة لعدم إهدار وقت العمل في ما لا يفيد.
لقد بدأت ثورة حفر الرمال وشق الجبال وحفر الآبار من أجل زراعة الأرض ولن تكتمل ثورة البناء في كل مكان لتحقيق آمال الشعب وطموحاته وتبديد مخاوفه إلا بالعودة إلي أخلاقنا وضرب أوكار الفساد في كل مكان بدءا من تطهير النفس من أوثانها ومحاولات الوصول بأي ثمن لتحقيق ثروة علي حساب الآخرين.
رجال المال والأعمال عليهم واجب وطني بأن يشعروا الناس بأنهم شركاء لهم في هذا المال وأن ما يقدمونه من مشروعات إنما الهدف الأول منها مصلحة الوطن والمواطن قبل مصلحتهم.
بدأ الانطلاق من بعد ثورة 30 يونيو وحتي تكتمل الصورة ويعم الخير جميع أرجاء الوطن ـ كما تمني الناس في بداية العام الجديد ـ علينا أن نراجع أنفسنا ونثور علي أخطائنا الذاتية ونطهر النفس حتي تعود الأخلاق السامية من أجل بناء متماسك ينعم فيه أولادنا وأحفادنا فتكون رسالة العام ثورة علي فساد النفس واليد.