رحل عام 2015.. وهلَّ علينا العام الجديد.. ولكن قبل أن يرحل أختتم أيامه بطاقة أمل جديدة تبعث التفاؤل في قلوب المصريين.. طاقة أمل قادمة من قلب الصحراء الغربية.. التي تحولت رمالها الصفراء القاحلة إلي واحة خضراء ومساكن معمورة تقول للعالم كله للمرة الثانية خلال ستة أشهر : ها هم المصريون.. صانعو المعجزات.
العام 2015 شهد العديد من الخطوات العظيمة إلي الأمام.. علي طريق التنمية والازدهار.. أهمها بالطبع مشروع ازدواج قناة السويس.. والمرحلة الأولي لمشروع زراعة 4 ملايين فدان بدأت كمرحلة أولي بمليون ونصف مليون فدان.. شاهدنا أمس إخضرار عشرة آلاف فدان.
انجازات أخري عديدة عشناها في العام 2015.. أهمها الانطلاقة الاقتصادية التي تتحسس الطريق منذ مؤتمر شرم الشيخ لدعم مصر.. والذي رسم ملامح تلك الانطلاقة.. وكان يمكن أن يكون المردود أفضل لولا العديد من العقبات.. منها انهيار الدخل من السياحة بسبب حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء.. وتراجع الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية.
المواطن المصري هو البطل الحقيقي وراء أي نجاح تحقق أو في طريقه إلي التحقيق.. هذا المواطن بكل الحب الذي يملكه لبلده قادر علي صنع المعجزات.. بشرط وجود القدوة.. والحمد لله هي موجودة.. ووجود الإرادة وهي أيضا موجودة رغم وجود من يريد جرجرة البلد إلي الخلف.
لكننا لابد أن نتذكر اليوم وكل يوم.. أن هناك أبطالا يقفون وراء أمن وأمان واستقرار البلد.. هؤلاء الأبطال يقدمون أرواحهم من أجلي وأجلك.. من أجل أولادي وأولادك.. يموتون لكي نعيش.. يفتدون الوطن والمواطنين كي نشعر أنا وأنت بالأمان.. وقد هالني عدد التضحيات التي قدمها شباب من أبنائي الذين نذروا أنفسهم لحماية الوطن.. أرضا وشعبا. وأثر فيّ كثيرا الموضوع الذي كتبه زميلي عمرو جلال المحرر العسكري للأخبار عن عدد من الشباب الذين استشهدوا خلال العام من أجلي وأجلك.
أختار من القصص التي كتبها ثلاث ملاحم تستحق كل منها أن تكون قصة العام وأن تسجل مكتوبة ومصورة رمزا للبطولة والتضحية والفداء لتعطي القدوة للأجيال القادمة.. ولنقول لهم وهم أحياء عند ربهم يرزقون.. ولأسرهم ولمحبيهم : إننا لا ننسي من ضحي من أجل مصر.. ولنقول لهؤلاء المناضلين من مدينة الإنتاج الإعلامي.. كفاية بقي.. زهقنا من الكلام.. هناك نجوم تستحق كل التقدير والاحترام.
المجند الشحات فتحي شتا، 22 عاماً.. بطل الكتيبة ١٠١.. شاهد سيارة محملة بـ12 طن متفجرات كسرت سور بوابة الكتيبة في يوليو الماضي، واندفع وراءها ميكروباص به 5 تكفيريين مرتدين أحزمة ناسفة ومتجهين لمخزن الذخيرة بالكتيبة لتفجيره. ووزع التكفيريون، أنفسهم في أماكن تجمع الجنود لتفجيرهم، ولكن الشهيد الشحات عندما شاهد الإرهابي يقترب منهم وحول خصره حزام ناسف.. تصدي له واندفع نحوه يحمله لمسافة ١٠٠ متر، لينفجر بعيدا عنهم.
«محدش يزعل مني وأنا مسامح كل الناس»، كانت تلك آخر كلمات الشهيد مجند الشرطة محمد سعد علي صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» قبل يوم من استشهاده خلال هجمات العريش في يوليو الماضي، عندما استهدفت مقر الكتيبة ١٠١ العسكرية ومديرية أمن شمال سيناء. «فوجئ محمد سعد مع منتصف مباراة الأهلي والزمالك بسيارة نصف نقل «ثلاجة» تتقدم نحو مديرية الأمن بسرعة، فصرخ فيها طالباً أن تتوقف فلم تستجب لندائه فأطلق النيران باتجاه السائق الانتحاري وأصابه إلا أن السيارة لم تتوقف، وأصر الانتحاري علي تنفيذ مهمته رغم إصابته فتوقف الشهيد محمد سعد أمامها بجسده، وهي مسرعة وأطاحت به بعيداً، وانحرف الانتحاري بالسيارة ليصطدم بساتر ترابي لتنفجر بعيداً عن المبني الذي تهدمت واجهته بسبب قوة الانفجار».
أما مارد سيناء الشهيد الجندي محمد أيمن شويقة فقد حصل علي إعجاب الملايين.. وأبكت قصته كل المصريين، وطالبوا بصنع تمثال له، ومنحوه لقب مارد سيناء. احتضن شويقة الموت ليحيا الأمل وتحيا مصر، ركض نحو الموت قبل أن يصل إلي زملائه واحتضن إرهابياً يرتدي حزاماً ناسفاً قبل أن يُفجر نفسه في زملائه ومنعه من تفجير نفسه في أفراد الكتيبة التي كانت تداهم منطقة زراع الخير بالعريش.. وانفجر الاثنان.. الشهيد العظيم والإرهابي الخسيس.. ونجا باقي أفراد الكتيبة.
رحمكم الله جميعا وكل زملائكم في الجيش والشرطة.. وشكرا لكم ولكل من يقف الآن علي الحدود وفي الشارع ليحميني ويحمي وطني.