لا يفوت جون كاسن السفير البريطاني بالقاهرة فرصة، إلا ويحاول أن يظهر كمن تأثر بحب مصر، وأحب عيشة أهلها.. فمن الجلوس علي مقاه وتناول الطعام في أحيائنا العتيقة إلي استقدام عربة من عربات الفول الشعبية إلي قلب السفارة ثم الحديث عن تناول السحلب كما أولاد البلد في برودة الشتاء.. وغير ذلك، ـ يبدو ـ سفير حكومة جلالة الملكة إليزابيث.. لحوحاً في إيصال رسالة إلي المصريين بأنه محب حقيقي لبلدهم، مقدر لعاداتهم متأثراً بها..
ربما يقول منطق التحضر الإنساني، بأن علينا التعاطي مع السفير ومسلكه الذي يبدو ودوداً تجاهنا، بالمثل، لكن الحادث وربما تأتي سعادته تقارير رأي عام من تلك التقارير التقليدية التي يجريها عادة موظفي السفارات، لتؤكده.. «يقول « بأن غالبية المصريين لا ينظرون بثقة حقيقية إلي أداء السفير.. بل ويرتابون في نواياه.. ولهذا فإن رسالته إلي المصريين حتي وإن صدقت نواياه الشخصية تضل أهدافها. !!
و ليست المسألة في شخص السفير كاسون نفسه، فربما كان صادقاً، والراجح إنه كذلك،» فمن» عساه يقيم بالقاهرة ويعيشها فلا يعشقها، وتأخذه روح حواريها..، فلماذا إذن يناقض استقبال المصريين للظاهر من مشاعر السفير التي تبدو ودية، ـ منطق ـ التحضر الإنساني لا سيما وهم المعروفون باحتضان الغريب والأكيد أن حاله عندهم ليس هو حال الصهيوني افيخاي أدرع المتحدث باسم جيش العدوان العبري الذي اشتهر بمغازلة العرب !؟
الإجابة ليست صعبة الإدراك ولا عصية علي الفهم، ببساطة ليس في تاريخ علاقات المملكة المتحدة (بريطانيا) ومصر وشعبها كله ما قد يبعث علي الاعتقاد باحتمالية حسن النويا.. نعم قد يكون السفير وبشخصه محباً لمصر كما آلاف من المستشرقين الذين زاروا بلادنا، لكن الواقع يقول بأن كاسون هو سفير البلد الذي احتل مصر لأكثر من 70 عاما، وحتي بعد جلاء قواته عنها، فهي لم تتخل عن عدوانيتها تجاهنا، فمن مشاركة مباشرة بالعدوان عام 56 إلي دعم لوجستي ومالي للصهاينة في حروب 67 و73، إلي مناصرة عصابة مبارك الفساد وورجاله الذين حكموا بلادنا فسرقوها.. وحموا هم لهم ما نهبوا ليحرموا شعبنا من ماله، إلي مناصرة الظلاميين والإرهابيين والإصرار علي تمكينهم منا بعدما خلصنا من طغيانهم، كل هذا هو فقط في مصر، فلم نأت علي ذكر لبلدان أخري من أمتنا..
عفواً سعادة السفير من مواطن مصري : ألف مرحب «واجبك عندنا» ولكن المسألة ليست بالفول والسحلب..، «لنصدقك» ننتظر تقارير معلنة موجهة من السفارة إلي خارجية بلادك.. تقول فيها بأن المصريين كرهوا عدوانيتكم وأنهم شعب متحضر محب للحياة ولن يغفروا لمن يناصر الظلام ويريد ببلدهم الخراب..
علي جنب يا عم كاسون وتعا اشرب شاي