بعيدا عن العواطف تمر العلاقات المصرية السعودية بمرحلة دقيقة ومهمة نظرا لرؤية كلا البلدين الشقيقين للتحديات الداخلية والاقليمية والدولية التى تواجههما وبداية اريد التأكيد على ان مصر والسعودية متفقتان فى الرؤى والاهداف بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ولكن الاختلاف فى الوسائل للوصول الى هذه الاهداف التى هى بحق تؤكد شراكة استراتيجية فى شتى المجالات وعلى كل المستويات.
وأيا كان الأمر فإن المجلس التنسيقى المصرى السعودى المقرر عقد اجتماعه الثالث 5 يناير القادم بالرياض هو حجر الزاوية فى العلاقات المشتركة ويمثل اطارا متحضرا للشراكة التى يحتذى بها فى المنطقة للحفاظ على الأمن والاستقرار وتعزيز ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية.
كما ان هذا المجلس يدشن مرحلة مهمة وصفحة جديدة فى العلاقات المشتركة الأمر الذى يسهم بصورة ايجابية فى تعزيز أواصر التعاون والتبادل التجارى والاقتصادى والاستثمارى وهذا كله يمثل قاطرة التنمية الحقيقية فى الدولتين لرؤية مشتركة تصون الأمن القومى العربى.. علما بان مصر لم ولن تتوانى يوما عن الدفاع عن أمن دول الخليج الذى يعد بحق جزءا من الأمن القومى المصري.
والشعب المصرى دائما ينظر الى شقيقه شعب المملكة على ان الشقيق الكريم الذى لا يمكن ان ينسى العلاقات الحميمة والصداقة والاخوة الخالصة، وان التحديات الداخلية لمصر فى مقدمتها الإرهاب والازمة الاقتصادية التى تستحوذ على النصيب الاكبر من جهود الدولة.. وعلى الرغم من نجاح جهود الدولة فى القضاء على الإرهاب فى سيناء الا ان تنظيم داعش الإرهابى يطل برأسه على مصر من حدودها الغربية مع الشقيقة ليبيا ويلقى كل الدعم من التحالف الصهيوأمريكى وذيله التركى وماكينة الصراف الآلى القطرية.
فهناك تحديات أخرى مثل الديون المحلية التى ارتفعت لتصل الى 2.5 تريليون جنيه والديون الخارجية جاوزت الـ50 مليار دولار.. فضلا عن الزيادة السكانية الرهيبة التى تبتلع أى تحسن ـ ولو طفيفاً ـ فى مؤشرات الاقتصاد العام.. وعلى المستوى الاقليمى يتصدر موضوع سد النهضة هذه التحديات لان السلوك الاثيوبى يستند على عوامل دعم خارجية.
الخلاصة ان كلا من مصر والسعودية تواجهان تحديات محلية واقليمية ودولية عديدة وخطيرة، ويمكن التعامل مع هذه التحديات من خلال توحيد الرؤى والاهداف وتوحيد الوسائل للوصول الى هذه الاهداف.. وعلى سبيل المثال ـ وليس الحصر ـ تتفق رؤية كل من مصر والمملكة على ضرورة الحفاظ على الدولة السورية موحدة دون تفكيك أو تقسيم والانتقال السلمى للسلطة فى سوريا من خلال انتخابات رئاسية تحت اشراف عربى ودولي.. وقد اكد مجلس الامن فى قراره رقم 2254 وجهة نظر مصر.
والحق يقال خالص الشكر لخادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله لتوجيهه بضرورة ضخ استثمارات جديدة فى مصر 8 مليارات دولار وأيضا اقرار جلالته بتلبية احتياجات مصر من المشتقات البترولية خلال الـ 5 سنوات المقبلة.. واؤكد لجلالته ان مصر تنتظر منكم الكثير والكثير.