إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد


مصر الجديدة:

فيلم «ريش» ومحاولة تقطيع اللحم

إبراهيم عبدالمجيد

الخميس، 21 أكتوبر 2021 - 05:39 م

صادم ما أثير حول فيلم «ريش» للمخرج الشاب عمر الزهيرى من أنه يسىء إلى سمعة مصر، بينما الفيلم حائز على جائزة النقاد الأولى بمهرجان «كان» الفرنسى وهو أمر يدعو إلى الفخر.

ما جرى عند عرضه فى مهرجان الجونة وحتى الآن، جعلنى أنظر حولى أبحث عن شياطين فى الفضاء! معظم أفلامنا ومسلسلاتنا عن البلطجة والبلطجية وعالم العصابات والمخدرات وغيرها ولا أحد اتهمها اتهامات سياسية.

طبيعى جدا للفن أن يذهب إلى ما هو خارج عن المألوف. أعظم أفلام الدنيا ومسلسلاتها حول ذلك. والدراما فى مثل هذه الأفلام ترتفع جدا.

الفقر مطروح فى السينما المصرية منذ الأربعينيات وفيلم مثل «السوق السوداء» لكامل التلمسانى عام 1945 حدثت به نقلة فى موضوعات السينما.

مئات الأفلام بعده كان الفقر والاستغلال موضوعها أو خلفيتها. نحن نعيش فى أزمة فقد قفز إلى حياتنا منذ خمسين سنة أن الفن يعكس الواقع والفن رسالة.

ما أكثر ما تحدثت مفندا ذلك.

هل الصور السيئة حولك فى شارع  أو زقاق، مثل أكوام الزبالة أو المشاجرات أو غيرها، تراها برغبتك وأنت جالس تستمع الموسيقى كما يحدث وأنت تشاهد الفيلم. الفن عالم موازٍ أجمل حتى فى تصويره للقبح، ويصنع انسانا أجمل وأكثر خيرا حتى وإن كان عن الأشرار.

 قل لى كم قام بتقليد شرير الشاشة الأول محمود المليجى وعادل أدهم اللذين أعجب بهما المتفرجون إعجابا لا ينتهى. للشر فى الدنيا مصادر أخرى غير الفن أولها التعليم والتربية وظروف النشأة.

كما أن صورة مصر تُظهرها الحياة الواقعية والسياسية فيها ومستوى التعليم والصحة والعدالة مثل غيرها من البلاد.

مناقشة الأفلام تكون حول براعة الإخراج والتصوير والسيناريو والتمثيل، إلخ مفردات صناعة الفيلم، لكن موضوعات الأفلام لا تتغير مع الزمن.

ولو كنت تعيش مثلا فى كامباوند أو مدينة مثالية للجمال يمكن أن تصنع فيلما تسجيليا دعائياعنها، لكن لو فكرت فى صناعة فيلم روائى فلن يكون إلا عن الغائب عن الأعين. المثير أن من بدأ بقول ذلك فنانون لهم أدوار لو أخذناها بنفس التفكير فستكون ضد مصر أيضا.

كنت أحب أن يناقشوا الفيلم فنيا كما ناقش الآخرون أفلاما شاركوا فيها بأدوارمفاجئة فى جرأتها، ويكون هناك مبرر فنى لعدم اعجابهم. المبرر الفنى نسبى وليس مطلقا كما أنه ليس دعويا لتدخل السلطات.

أذهلنى ما قرأت عن إثارة الموضوع فى مجلس النواب وهو السلطة التشريعية التى يجب أن تحرص على الحريات!

لن أتحدث عما شاع على الميديا من نوايا المنتقدين للفيلم، أو رسالتهم لأحد من السلطة، أو الغيظ من نجاح البطلة الأمية البسيطة التى لم تمثل من قبل «دميانة نصار» ومن معها فى العالم.

أذكركم فقط بسؤال، إلى أين انتهت السلطات التى قيدت على الإبداع بنفسها وببلادها؟ ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية والاتحاد السوفييتى ودول عربية أيضا، وكيف لم ينجح أحد فى كتم صوت المبدعين.

أولى بالفنانين النضال لتوسيع مساحة الحرية فى الفن وتقليل الرقابة على المسلسلات والأفلام لتعود السينما إلى مجدها.

حديث متهمى الفيلم بالإساءة لمصر فتح الباب أيضا لمهاجمة منتج الفيلم محمد حفظى الذى انتج من قبل أفلاما طليعية جميلة، ومهاجمة مهرجان الجونة الذى تأخذ منه ملابس الفنانات الاهتمام كله، رغم أن ذلك يحدث فى كل مهرجانات العالم، ولا حديث عن ندواته والأفلام المعروضة.

هناك من قفز وطالب بمنع المهرجان، ومن تقدم ببلاغ فى المهرجان. لقد انفتحت المحفظة السياسية واللى عايز يكسب يدخل.

أو من يتصور أنه سيكسب. بينما العقل يقول انظر حولك وخلفك وتذكر السؤال القديم، من كسب من محاصرة الفنون وأين انتهى به وببلاده الحال؟

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة