د.خالد قنديل
د.خالد قنديل


قضية ورأى

القمة الثلاثية وانفتاح مصر على أوربا

الأخبار

الخميس، 21 أكتوبر 2021 - 06:30 م

يستطيع كل متابع للشأن المصرى ملاحظة هذا النجاح الملموس للدولة المصرية فى سياساتها الخارجية منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولية، واستعادة مكانتها ودورها المحوري، وقد شهد لها العالم كله بمواجهتها للفكر المتطرف وأصحابه ومجابهة الإرهاب نيابة عن العالم، كما نجحت فى عقد العديد من الاتفاقيات الضامنة لدوران عجلة التعاون المثمر ودعم الاقتصاد المصرى ومن ثم دفع عملية البناء والتنمية بكل قوةٍ وإصرار، وقد سعت الدولة المصرية لإعادة بناء سياستها الخارجية اعتمادًا على مبادئ الندية والالتزام والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية لها، وتحقيق مصالح الشعب المصرى فى إطار الشراكة ودعم إرادة الشعوب ودعم الحلول السياسية السلمية للقضايا المتنازع عليها، مما حقق عديدًا من أهداف ومصالح الدولة، وأدى إلى تفهم ودعم المجتمع الدولى لجهود تحقيق الاستقرار والتنمية والتقدم، وأعاد شبكة علاقات مصر الإقليمية والدولية إلى المستوى المأمول، وساهم فى تحقيق أهداف الأمن القومى المصرى ودعم قدرات مصر العسكرية والاقتصادية.


وقد تبلورت نتائج هذه السياسة عبر مواقف الدولة الواضحة تجاه القضايا الإقليمية والدولية الراهنة والمُلحة المطروحة على الساحة، وأبرزها التعامل مع الإرهاب والفكر المتطرف، وعلاقتها المباشرة بالأزمات التى تمر بها بعض دول المنطقة والقضايا الدولية متعددة الأطراف، وقضايا الاقتصاد والتعاون الدولي، والعلاقات الخارجية سواء على المستويين الثنائى والجماعي.


ويأتى فى هذا السياق البارز والناجح المشاركة الفارقة للرئيس السيسى بقمة آلية التعاون الثلاثى مع نظيره القبرصى نيكوس أناستاسياديس، ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس، والتى عقُدت بالعاصمة اليونانية أثينا الثلاثاء الماضى فى مسعى إلى تعزيز التعاون بين الدول الثلاث، حيث عكست القمة التزاماً متبادلاً يترجم بوضوح التوافق السياسى نحو المشروعات المثمرة فى مختلف القطاعات الاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية، فضلاً عما شهدته من تعاون مشترك خلال الآونة الأخيرة للتصدى للتحديات والأزمات الطارئة مثل حرائق الغابات، ومواجهة التداعيات الصحية والاقتصادية لجائحة كورونا، كما أن القمة فى جولتها التاسعة رسخت هذا التعاون المثمر فى ظل الملفات الأساسية المهمة بين مصر واليونان وقبرص، وفى الصدارة منها ملف «الغاز» بشرق المتوسط، والتعاون فى حماية منصات استخراج الغاز ضد أى تجاوزات، وكذا مشروعات الربط الكهربائى مع قبرص واليونان، مما سيكون له تأثيره الفعال من خلال هذا التعاون الاستراتيجي، ورأينا كيف أن الرئيس السيسى قد ثمن التقدم المحرز فى هذا الإطار، وقد أكد أهمية الانطلاق بالآلية إلى آفاق أرحب فى إطار الانفتاح والحرص المتبادل على تعزيز ركائز الأمن والاستقرار فى المنطقة والعالم بأسره، وبما يعكس الاهتمام بتحقيق الاستفادة القصوى من الإمكانات والموارد التى تؤهل الدول الثلاث نحو تلبية تطلعات شعوبها فى المزيد من الرفاهية والرخاء.


ولأن ملف الطاقة فى مصر يمنح القوة للدولة ويعزز موقفها إقليميا ودوليا باعتبارها داعمة للاقتصاد العالمي، فمصر تسعى لتعزيز موقعها كمركز إقليمى للطاقة فى إقليم شرق المتوسط استنادا على البنية التحتية الهائلة التى تم إنشاؤها خلال السنوات الماضية، والاكتشافات الجديدة للغاز والبترول، من هنا تأتى أهمية توقيع اتفاقيتين متتابعتين للربط الكهربائى الأولى مع اليونان، والثانية مع قبرص، واللتين تضمنتا إنشاء شبكة ربط مباشر لتبادل الكهرباء بين مصر وقبرص من ناحية، ومصر واليونان من ناحية أخرى، تمهيدا للربط الكهربائى مع دول الاتحاد الأوربي، لتصل الكهرباء المصرية إلى بيوت الأوربيين وتنيرها عبر بوابتى قبرص واليونان، ومصر تسابق الزمن لتحقيق هذا الهدف الكبير، وسوف تكون الطاقة المصرية هى العصب الرئيسى للاستثمارات والمشروعات فى أوربا.


وكان لافتا ومهما استعراض التطورات المتعلقة بسد النهضة، فلم يفت على الرئيس أن يشدد على ما توليه مصر من أولوية قصوى لمسألة الأمن المائى وحقوق مصر فى مياه نهر النيل، باعتبارها قضية مصيرية تستوجب بذل الجهود الممكنة كافة؛ للتوصل لاتفاق قانونى مُلزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، خصوصًا فى ظل البيان الرئيسى الأخير الصادر عن مجلس الأمن الدولي.


إنها صورة مشرفة للتعاون المصرى الذى يدعم موقف الدولة ويسهم بجدارة فى مساعى البناء الدءوبة حيث تناول الزعماء الثلاثة المشروعات القائمة والمقترحة فى قطاعات الطاقة، والغاز، والكهرباء، والسياحة والنقل والزراعة وغيرها، مع التأكيد على وجود آفاق أرحب بقطاعات أخرى حيوية كالبيئة ومواجهة ظاهرة التغير المناخي.


ولعلنا نلاحظ هنا كيف أن الرئيس حريص فيما يوجهه من حديث للعالم، على تأكيد فكرة النزوع للاستقرار على مستوى العالم ولجميع الشعوب، عبر مساعى مواجهة الإرهاب وبذوره بالإصرار على التصدى له، لما تمثله الظاهرة مع الفكر المتطرف من خطر بسبب التأثير السلبى لمناخ عدم الاستقرار والفوضى على تعطيل جهد الشعوب للحاق بركب التقدم والتنمية، وكذا مواجهة الهجرة غير الشرعية وما تخلفه من أزمات للدول وتأثير على أمنها واستقرارها، عبر ما يرتبط بها من أنشطة الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر.


لترسخ الشراكة المصرية القبرصية اليونانية نمطًا جديدًا من التحالفات فى منطقة شرق المتوسط، وتكون حائط صد ضد أية تهديدات تؤثر على مصالح تلك الدول أو استقرار الإقليم بشكل عام، الذى شهد نوعًا من الاضطرابات السياسية، ولتؤكد مصر كل يومٍ أنها تتحركُ بثبات وحكمة وقوةٍ وعقلانية وحسن إدارة فى مسار علاقاتها بالخارج وبالشركاء فى مسيرة التنمية والمستقبل الآمن للأجيال.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة