حتي الطب فقد إنسانيته وإلا فما معني مانراه كل يوم داخل مستشفياتنا ومراكزنا الطبية العامة قبل الخاصة، الكل في اهمال المريض وشفط ما في جيوبه سواء، أما الحديث عن العلاج والشفاء والرحمة بالمريض فحدث ولا حرج صارت في قواميسنا شعارات قديمة أمام غزوة المال وانعدام الاخلاق.
رفض استقبال المرضي، الا بعد سداد المقدم وهو بالآلاف صار شعار كل المستشفيات وما رأيناه من امتناع احدها بقبول احد المرضي الذين اصيبوا في حادث طريق ودفعه للتنقل من مستشفي لاخر علي مدي ٣ أيام كاملة جعلته يفقد حياته، والسيدة التي وقفت في احد دور العلاج العامة تشكو لوزير الصحة من انها اضطرت لدفع ٦ آلاف جنيه لكي يجري المستشفي لابنها عملية جراحية فانتفض الوزير ليقول سأترك الوزارة اذا لم ترد لك اموالك التي دفعتيها وهو ما تم بالفعل واستعادت ما سددته ثم كانت الطامة الكبري بالاخطاء التي لا حصر لها والتي نسمع بها كل يوم فوطة في بطن مريض حقنة بينج زائدة مقص تم نسيانه في امعاء فتاة واخيرا تلك الواقعة المشينة في احد مستشفيات الفيوم حيث تسبب احد الاطباء في بتر العضو الذكري لطفل عمره ٣ سنوات بعد دخوله العمليات لاجراء عملية الختان وهي في عرفنا كان يجريها حلاق الصحة في بلادنا بكفاءة واقتدار ولم نسمع يوما عن أن واحدا منهم بتر لطفل عضوه باهمال فما بالكم بطبيب درس الطب وتخرج في جامعاتنا التي نزهو كل يوم بأنها تفتح كلية جديدة لتخريج اطباء من المفترض ان يخدموا المجتمع لا ان يكونوا مصدر عكننة لاهله.
صحيح انها اخطاء فردية تلك التي يرتكبها اطباء ولكنها تتم باهمال يستحق العقاب واذا كنا نبحث عن العيب وبيت الداء فعلينا ان نتلمسه في ضعف الخريجين خاصة في كليات الاقاليم حيث لا معامل ولا اماكن للتدريب يتخرج الطبيب ومن الدار للنار يتسلم عمله فورا دون انتظار في أي مستشفي دون اختبارات صلاحية أو كفاءة.
ما يحدث في المستشفيات ومن الاطباء ليس بغريب ولا بعيد عن الوزير ولا مسئولي الصحة فهم يعرفون تماما أن كل ذلك يحدث واكثر منه بل ان هناك بعض المستشفيات تخرج ألسنتها لقرارات الوزارة في تحد وكأنها في دولة وزمن غير الزمن واللي مش عاجبه يخبط دماغه في الحيط كما يقول المثل العامي الدارج.
كنت اتمني ان يسارع وزير الصحة الذي قام مشكورا برد المبلغ للسيدة بعد ان تم تحصيله منها لعلاج نجلها بالاستعلام عن الاف الشكاوي المشابهة في عشرات المستشفيات العامة ويكفي ان يعرف ان أي مستشفي قبل ان يقبل مريضا إلا بعد دفع المعلوم يطلب من اهله مبدئيا قبل مثوله للعلاج التبرع بالدم وشراء الشاش والقطن والمراهم والحقن والدواء ورأيت بنفسي في احد المستشفيات من يتفاوض مع اهل المريض من اجل العلاج بفيزيتة خاصة بعد ان اصيب بكسر في الحوض في حادث وعرضوا عليه العلاج «الشافي» بكذا اما العلاج الذي لا يغني من جوع فهو التجبيس وعليه احضار الجبس بنفسه!
لقد اثارتني القصة التي اوردها زميلي محيي عبدالغفار مدير تحرير الاخبار حول ما تعرض له شقيقه في احد المستشفيات وهو يعاني سكرات الموت لاصابته بالسرطان وكان في ايامه الاخيرة وبدلا من ان يقدم المستشفي العلاج له، راحوا يبحثون في اسباب تقدمه بشكوي ضد ادارة المستشفي لاهمالها وللاسف لم يرد عليه أحد للآن.
نحن نبحث عن العلاج لكل مواطن بالتأمين الصحي بينما نفتقد لإنسانيات الطب ومبادئه وعلي رأسها الأخلاق.