هيثم مصطفى
هيثم مصطفى


فؤاد الظاهري .. الذى اعطى للشاشة روحًا

أخبار النجوم

الجمعة، 22 أكتوبر 2021 - 01:08 م

هيثم‭ ‬مصطفى

[email protected]

منذ‭ ‬الصغر‭ ‬ونحن‭ ‬نستعجب‭ ‬صوت‭ ‬كونسير‭ ‬للقانون‭ ‬وهو‭ ‬يعلن‭ ‬عن‭ ‬الآذان‭ ‬في‭ ‬التلفزيون،‭ ‬وكأن‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬ضرباته‭ ‬يكاد‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬الله‭ ‬أكبر‭ ‬الله‭ ‬أكبر،‭ ‬وللعجب‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الموسيقى‭ ‬قد‭ ‬سمعنا‭ ‬بصمتها‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬فجر‭ ‬الإسلام،‭ ‬وكذلك‭ ‬سمعنا‭ ‬نفس‭ ‬البصمة‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬فيلم‭ ‬تسجيلي‭ ‬عن‭ ‬التراث‭ ‬الإسلامي،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬موسيقى‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬بحواري‭ ‬مصر‭ ‬القديمة‭ ‬كالسيدة‭ ‬زينب‭ ‬والحسين‭ ‬وغيرها‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬قنديل‭ ‬أم‭ ‬هاشم‭ ‬وشباب‭ ‬إمرأة،‭ ‬فتجدنا‭ ‬نتجول‭ ‬بأرواحنا‭ ‬ونحن‭ ‬نتلقى‭ ‬ما‭ ‬تبدعه‭ ‬قريحة‭ ‬هذا‭ ‬الموسيقار‭ ‬العملاق،‭ ‬الذي‭ ‬تنوع‭ ‬فنه‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬التفخيم‭ ‬الجاذب‭ ‬لألبابنا‭ ‬كما‭ ‬فيلم‭ ‬الناصر‭ ‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬وفيلم‭ ‬رد‭ ‬قلبي،‭ ‬وكذلك‭ ‬موسيقاه‭ ‬الرومانسية‭ ‬الراقصة‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬مثل‭ ‬أميرة‭ ‬حبي‭ ‬أنا،‭ ‬وخلي‭ ‬بالك‭ ‬من‭ ‬زوزو،‭ ‬وموسيقى‭ ‬زمن‭ ‬الملكية‭ ‬بفيلم‭ ‬بمبة‭ ‬كشر،‭ ‬وبديعة‭ ‬مصابني،‭ ‬وشفيقة‭ ‬القبطية،‭ ‬وموسيقى‭ ‬المأساة‭ ‬مثل‭ ‬بداية‭ ‬ونهاية،‭ ‬خان‭ ‬الخليلي‭ ‬وباب‭ ‬الحديد،‭ ‬وعن‭ ‬الوطنية‭ ‬مثل‭ ‬بورسعيد‭ ‬وفي‭ ‬بيتنا‭ ‬رجل‭.‬

هو‭ ‬فؤاد‭ ‬جرابيد‭ ‬بانوسيان،‭ ‬مصري‭ ‬مسيحي‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬أرمني‭ ‬ولد‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬أكتوبر‭ ‬1916في‭ ‬حي‭ ‬الظاهر‭ (‬الذي‭ ‬تلقب‭ ‬به‭ ‬عوضًا‭ ‬عن‭ ‬اسمه‭ ‬الأصلي‭)‬،‭ ‬وبالبحث‭ ‬عن‭ ‬تاريخه‭ ‬الشخصي‭ ‬سنجد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬العثور‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬صورة‭ ‬شخصية‭ ‬له،‭ ‬إذ‭ ‬اختلف‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الصورة‭ ‬المتداولة‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬أو‭ ‬للموسيقار‭ ‬اليوناني‭ ‬العملاق‭ ‬أندريا‭ ‬رايدر‭ (‬الذي‭ ‬كان‭ ‬بدوره‭ ‬مؤلفًا‭ ‬للموسيقى‭ ‬التصويرية‭ ‬الخالدة‭)‬،‭ ‬إذ‭ ‬عُرف‭ ‬عنه‭ ‬إنطوائيته‭ ‬الشديدة،‭ ‬وبعده‭ ‬التام‭ ‬عن‭ ‬الأضواء،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬إجتماعيًا‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

درس‭ ‬الظاهري‭ ‬في‭ ‬الفرير‭ ‬وتخرج‭ ‬منها‭ ‬ليتلقاه‭ ‬أستاذه‭ ‬في‭ ‬الموسيقى‭ ‬قسطندي‭ ‬خوري‭ ‬الذي‭ ‬لقنه‭ ‬الكمان،‭ ‬ليدرس‭ ‬بمعهد‭ ‬فؤاد‭ ‬الأول‭ ‬للموسيقى‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬البولندي‭ ‬أليكسندر‭ ‬كونتروفيتش‭ ‬فيعمل‭ ‬بعدها‭ ‬مدرسًا‭ ‬للأناشيد‭ ‬بوزارة‭ ‬المعارف‭.‬

وجاءت‭ ‬فرصته‭ ‬الحقيقية‭ ‬بنقله‭ ‬للعمل‭ ‬بمعهد‭ ‬الفنون‭ ‬المسرحية،‭ ‬مسجلًا‭ ‬أعماله‭ ‬الإذاعية‭ ‬بكونسير‭ ‬القانون‭ ‬والكمان،‭ ‬إذ‭ ‬عمل‭ ‬جاهدًا‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬توافق‭ ‬بين‭ ‬موسيقى‭ ‬القانون‭ ‬والأوركسترا‭ ‬ليصنع‭ ‬لنا‭ ‬مقطوعات‭ ‬موسيقية‭ ‬وتابلوهات‭ ‬تصويرية‭ ‬لا‭ ‬توصف‭ ‬مثل‭ ‬لوحة‭ ‬قافلة‭ ‬الحجاج،‭ ‬والمولد،‭ ‬وفاء‭ ‬النيل‭.‬

ومن‭ ‬المثير‭ ‬للدهشة‭ ‬هو‭ ‬إبداعه‭ ‬لإعطاء‭ ‬الطابع‭ ‬الديني‭ ‬المميز‭ ‬للصورة‭ ‬الوجدانية‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬الدينية،‭ ‬فنجده‭ ‬يخرج‭ ‬لنا‭ ‬طاقات‭ ‬من‭ ‬النور‭ ‬فيها،‭ ‬فتحسبه‭ ‬بها‭ ‬أحد‭ ‬الدراويش‭ ‬أو‭ ‬المريدين،‭ ‬ليجعلنا‭ ‬نخشع‭ ‬لضربات‭ ‬القانون‭ ‬السريعة‭ ‬بحالٍ‭ ‬يدهشنا‭ ‬وهو‭ ‬الأرمني‭ ‬المسيحي،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬أعطانا‭ ‬الشعور‭ ‬الطاغي‭ ‬بالإيمان،‭ ‬بل‭ ‬أبدع‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬وضع‭ ‬موسيقى‭ ‬عزف‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬الدينية‭.‬

وبعد‭ ‬محاولات‭ ‬لحصر‭ ‬أعماله‭ ‬التي‭ ‬تعدت‭ ‬الثلاثمائة‭ ‬قطعة‭ ‬موسيقية‭ ‬مختلفة‭ ‬قضاها‭ ‬عبر‭ ‬مشواره‭ ‬الفني‭ ‬الحافل‭ ‬بالأعمال،‭ ‬وجدت‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬له‭ ‬لقاءً‭ ‬تلفزيونيًا‭ ‬أو‭ ‬إذاعيًا‭ ‬واحدًا،‭ ‬إذ‭ ‬بقى‭ ‬دومًا‭ ‬راهبًا‭ ‬لعمله،‭ ‬مقلًا‭ ‬تمامًا‭ ‬في‭ ‬الظهور،‭ ‬فلقد‭ ‬عاش‭ ‬لفنه‭ ‬ولعمله‭ ‬ولفكره،‭ ‬ورحل‭ ‬في‭ ‬صمت،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬يريد‭ ‬منا‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬نستمتع‭ ‬بما‭ ‬أبدعه‭ ‬من‭ ‬مقطوعات‭ ‬تتفرد‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬التنوع‭ ‬والخلود،‭ ‬خلودًا‭ ‬يجعلنا‭ ‬نبكي‭ ‬شوقًا‭ ‬وحنينًا،‭ ‬ليرحل‭ ‬في‭ ‬صمت‭ ‬بعد‭ ‬صراع‭ ‬مع‭ ‬المرض‭ ‬في‭ ‬1أكتوبر‭ ‬1988‭.‬

و‭..‬

والله‭ ‬زمان‭ ‬يا‭ ‬فن‭!!‬

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة