ثورة المرأة  والمطالبة بحقها أمام الكونجرس
ثورة المرأة والمطالبة بحقها أمام الكونجرس


فى بلاد تدعى أنها ملاذ الحريات وحقوق الإنسان

فتيات الغرب يسقطن فى بحر التحرش

آخر ساعة

السبت، 23 أكتوبر 2021 - 10:38 ص

دينا توفيق

تذهب إلى التدريب يوميًا راغبة فى تحقيق النصر لبلادها.. تتعرض لمضايقات تتجاهل ذلك مرة واثنتين فربما تكون غير متعمدة.. تستمر فى طريقها، كل هدفها التتويج بالفوز لكونها إحدى نجمات المنتخب الوطنى الأمريكى لكرة القدم النسائية.. يتكرر الاعتداء عليها من مدربها، تلجأ إلى المسئولين للإبلاغ عنه ولكن دون جدوى ولا أحد يجيب، حالة من الصمت تخيم على أجواء المنتخب وتراخى مسئوليه.. تغضب اللاعبة وتبدأ فى التصعيد، خاصة مع انضمام لاعبات أخريات إليها، ليتحدثن مع الإعلام عن الانتهاكات التى تعرضن لها لعلها تحرك الساكن.

حالة من الثورة انتابت نجمة المنتخب الأمريكى لكرة القدم األيكس مورجانب وانتقدت تعامل رابطة الدورى مع مزاعم سلوك جنسى سيئ لمدربهم ابول رايليب؛ حتى غرّدت مورجان عبر موقع التواصل الاجتماعى اتويترب قائلة: اقومى بحماية لاعبيكب، موجهة التغريدة إلى مفوّضة رابطة الدورى اليزا بيردب، التى لم تتأخذ أى إجراء لتتأكد من الواقعة. يعتصر قلب مورجان ولاعبات أخريات فى الفريق ألمًا، يتساءلن اهل هذا كابوس؟ب، هل حقًا ظلت ابيردب صامتة لعقد من الزمن وعدم قيامها بفتح تحقيق عندما علمت بموضوع التحرش الجنسى من قبل بعض مدربيه. وتأتى تعليقات مورجان فى أعقاب تقرير موقع اذا أثليتيك الإنجليزى الذى يشرح بالتفصيل سوء سلوك المدرب السابق للدورى رايلى، والذى امتد إلى عدة فرق ودوريات منذ عام 2010.

تضيف مورجان فى حديثها إلى برنامج اتوداىب الذى تبثه شبكة اNBCب الأمريكية، لقد بدأنا الآن فى وضع هذه الأشياء فى مكانها، بناءً على طلب اللاعبات، وليس من خلال مفوّضة الدورى، الذى كان من المفترض أن يكون استباقيًا وليس رد فعل. وأدت مزاعم سلوك المدرب الأمريكى رايلى إلى استقالة المفوضة، وفتح الاتحاد الدولى لكرة القدم افيفاب تحقيقًا بعدما أشارت لاعبات أنه تم إبلاغ رابطة الدورى سابقًا دون أن تتخذ أى إجراءات. 

وهذه لم تكن الحالة الوحيدة بين مشاهير المجتمع الأمريكى، حيث استقال حاكم ولاية انيويوركب، اأندرو كوموب، خلال أغسطس الماضى بعدما خلص تحقيق إلى أنه تحرش جنسياً بعدة نساء، وفقًا لصحيفة انيويورك بوستب الأمريكية. وكما اتُهم الكاردينال الكاثوليكى الأمريكى السابق، اثيودور ماكاريكب، بالاعتداء الجنسى على صبى كان يبلغ من العمر 16 عامًا منذ خمسة عقود. وخلال عام 2019 عزله البابا فرانسيس بعد أن توصل تحقيق الفاتيكان إلى أنه اعتدى جنسيًا على القصر والبالغين. وسيمثل ماركاريك، 91 عامًا، أمام المحكمة مجددًا نهاية الشهر الحالى لتوجيه ثلاث اتهامات له بالاعتداء غير اللائق وضرب مراهق يزيد عمره عن 14 عامًا، وفقًا لوثائق المحكمة، التى نشرتها شبكة “NBC” الأمريكية.

وفى أوروبا، وبالتحديد فى فرنسا قال رئيس لجنة مستقلة، تحقق فى انتهاكات جنسية بالكنيسة الكاثوليكية فى فرنسا إن 216 ألف طفل تعرضوا لاعتداءات جنسية من قبل القساوسة ورجال الدين منذ عام 1950، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية “BBC”. وخلال يناير الماضى، استجاب عشرات الآلاف من النساء لحملة أطلقت على منصات التواصل الاجتماعى فى فرنسا تحمل اسم اأنا أيضا ضحية اعتداء جنسى فى الأسرةب تهدف إلى تسليط الضوء على مشكلة الاعتداء الجنسى داخل الأسرة، على غرار حركة اأنا أيضاب المناهضة للتحرش ضد المرأة. ويأتى ذلك فى أعقاب اتهام الباحث السياسى البارز اأوليفييه دوهاميلب، على يد اكاميل كوشنرب، ابنة زوجته، التى قالت بعد صمت دام عقود إنه اعتدى جنسيا على شقيقها التوءم. وفى خطوة تستهدف حماية القصر من العنف الجنسى، أقر البرلمان الفرنسى مطلع الشهر الحالى تشريعا يعتبر ممارسة الجنس مع طفلة دون 15 عاما اغتصابا وتستحق عقوبة تصل إلى السجن 20 عامًا. 

وفى بريطانيا، خلص تحقيق مستقل إلى وجود إخفاقات صادمة ونفاق صارخ فى طريقة تعامل الجماعات الدينية الرئيسية فى المملكة المتحدة مع المزاعم المتعلقة بالانتهاكات الجنسية بحق الأطفال. وذكر التحقيق المستقل فى الانتهاكات الجنسية بحق الأطفال إن بعض المؤسسات الدينية فى إنجلترا وويلز خذلت الأطفال أخلاقيًا. 

وخلال العام الماضى فى مارس 2020، قدر مكتب الإحصاءات الوطنية البريطانى (ONS)  أن 4,9 مليون امرأة كانت ضحايا للاعتداء الجنسى فى حياتهن. وشمل ذلك 1,4 مليون امرأة تعرضت للاغتصاب، والتى لم تلاق أى حلول. وكان الاعتداء الجنسى أكثر شيوعًا بين الفتيات، حيث وقعت ضحية واحدة من كل 10 نساء تتراوح أعمارهن بين 16 و24 عامًا فى العام الماضى. وقالت واحدة من كل 40 فتاة إنهن تعرضن للاغتصاب فى العام الماضى، وكانت واحدة من كل خمس فتيات ضحية للمطاردة منذ سن السادسة عشرة، ضعف عدد الرجال، الذين يتعرضون هم أيضًا للاعتداءات الجنسية؛ حيث وصل عددهم إلى ما يقرب من 989 ألف رجل. كما أن ما يقرب من ثلث النساء لا يخبرن أحدا ما إذا كن ضحايا محاولات الاغتصاب، وفقًا لإحصائيات مسح الجريمة لإنجلترا وويلز. ولا تقدم الإحصاءات الرسمية تقديرات لعدد النساء اللاتى يواجهن التحرش الجنسي. ومع ذلك، تشير الدراسات الاستقصائية إلى أن المشكلة شائعة؛ حيث أظهر استطلاع حديث أجرته YouGov لهيئة الأمم المتحدة للمرأة فى مارس الماضى، أن سبعا من كل 10 نساء قد تعرضن لشكل من أشكال التحرش المختلفة فى الأماكن العامة. ووجد الاستطلاع أكثر من نصف النساء عانين من النكات والتهكم، أربع من كل عشر تعرضن للتحرش الجنسي. وكشف استطلاع آخر لـ YouGov، فى عام 2016 ، أن نصف النساء كن ضحايا للتحرش فى العمل سواء بالتعليقات أو المضايقات.

ووفقًا لتقرير مؤسسة اراندب الأمريكية، فهناك واحدة من كل 16 امرأة وواحد من بين 143 رجلا يتعرضون للاعتداء داخل وزارة الدفاع الأمريكية. وفى أكاديميات الخدمة، تتعرض واحدة من كل ست نساء وواحد من كل 29 رجلًا للاعتداء. 

القوانين لا تزال تتسم بالتعقيد فى مثل هذه القضايا، فإثبات اتهامات تتعلق بالاغتصاب أو الاعتداء، بما فى ذلك الاتهامات بممارسات ضد الأطفال، يلزم إثبات استخدام العنف أو التهديد أو المفاجأة أو الإكراه، لهيئة الاذاعة البريطانية. لذا بدأ الضحايا بعد كل هذا التقاعس من جعل الـاهاشتاجب وسيلة لدعم الناجيات من التحرش، فضلاً عن كونه صرخة لمعركة من أجل الإصلاح.

وفى الولايات المتحدة جلبت حركة MeToo لمناهضة التحرش فى مكان العمل إلى مقدمة المرحلة القانونية وأجبر أصحاب العمل على اتخاذ خطوات عملية لإنهائه. ويتجنب الكثيرون الكشف عن التحرش فى مكان العمل بسبب زيادة مخاطر الانتقام والشك وإلقاء اللوم على الضحية وغير ذلك من الاستجابات الضارة والمتحيزة. كما كشف استطلاع آخر على الإنترنت أطلقته منظمة غير ربحية تسمى اأوقفوا الاعتداء فى الشارعب عن أن 81% من النساء و43% من الرجال تعرضوا لأشكال مختلفة من التحرش خلال حياتهم، يتضمن ذلك الاعتداء اللفظى والتحرش الجسدى والإلكتروني. وللوقوف على أسباب عدم إبلاغ الضحايا عن الجريمة التى ارتكبت فى حقهم، أرجع مكتب الإحصاءات الوطنية البريطانى الأمر إلى عدة أسباب منها الإحراج وفقدان الثقة للوصول إلى حلول ولن يحرك ساكنًا والخوف من الذل والمهانة. هذا بجانب عدم الارتياح فى التعامل مع الشرطة فى مثل هذه الوقائع أو عدم رغبة الضحية تحويل الأمر إلى المحكمة. ووفقًا للمكتب فإن هناك مخاوف من زيادة العنف ضد الضحية أو سينظر إلى الأمر كونه لا يستحق والتقليل من شأنها.

فى الولايات المتحدة، كانت النساء تتحمل مسئولية التحكم فى دوافع الرجال لارتكاب هذه الجريمة، وتحويلها إلى سوء سلوك وخطأ الضحية بدلاً من المعتدى، وفقًا لمجلة اتايمب الأمريكية. ومع ذلك، فإن النساء اللائى لا يفعلن شيئًا قد يُلمن على إساءة معاملتهن، نظرًا لأن وجودهن وحده يُنظر إليه على أنه إغراء كاف. وبطبيعة الحال، يتم لوم الضحايا على ارتداء ملابس استفزازية، والابتسام، والانخراط فى محادثات جانبية، وعدم إيجاد طريقة لوقف الاعتداء أو التحرش، وما إلى ذلك. ويحظر الباب السابع من قانون الحقوق المدنية لعام 1964 التحرش فى مكان العمل. ومع تزايد الاعتداءات سن المجلس التشريعى فى كاليفورنيا قوانين أكثر صرامة من قوانين الولاية والقوانين الفيدرالية الأخرى لمكافحة التحرش فى مكان العمل. تعمل المجالس التشريعية الأخرى فى الولايات على تعزيز قنوات الإبلاغ لضحايا التحرش. كما سعى المشرعون فى ولايات مثل أريزونا ورود آيلاند وماساتشوستس إلى تمرير تشريعات للقضاء على استخدام اتفاقيات عدم الإفصاح فى حالات المضايقات فى مكان العمل وتوفير طرق إبلاغ أفضل. ورغم المحاولات إلا أن هذه السلوكيات لا تزال تمثل مشكلة مستمرة ومتوغلة وتواجه ثغرات فى القوانين تحتاج إلى إعادة النظر بها.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة