الدكتور‭ ‬فوزى‭ ‬فهمى‭
الدكتور‭ ‬فوزى‭ ‬فهمى‭


د‭.‬مصطفى‭ ‬سليم : فوزي فهمي .. ‬الرمز‭ ‬المركزى‭ ‬الخالد‭ ‬فى‭ ‬وجداننا

أخبار الأدب

السبت، 23 أكتوبر 2021 - 04:21 م

د‭.‬مصطفى‭ ‬سليم

 

الكاتب‭ ‬والقائد‭ ‬والأستاذ‭ ‬الدكتور‭ ‬فوزى‭ ‬فهمى‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرى‭ ‬هو‭ ‬البناء‭ ‬العظيم‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬المصرية‭ ‬عامة‭ ‬والأكاديمية‭ ‬خاصة،‭ ‬باعتباره‭ ‬قد‭ ‬وضع‭ ‬الأسس‭ ‬العلمية‭ ‬وأسس‭ ‬الأبنية‭ ‬التعليمية‭ ‬التي‭ ‬تسمح،‭ ‬بالنهوض‭ ‬بفنون‭ ‬الأداء‭ ‬والعرض‭ ‬فى‭ ‬مجالات‭ ‬السينما‭ ‬والمسرح‭ ‬والباليه‭ ‬والموسيقى‭ ‬الغربية،‭ ‬والموسيقى‭ ‬العربية‭ ‬بالاضافة‭ ‬لدراسات‭ ‬الفنون‭ ‬الشعبية‭ ‬وفنون‭ ‬التأليف‭ ‬المسرحى‭ ‬وأصول‭ ‬كتابة‭ ‬السيناريو‭ ‬‭ ‬وعلوم‭ ‬النقد‭ ‬الفنى‭ ‬والأدبى‭.‬

فحين‭ ‬تأسست‭ ‬أكاديمية‭ ‬الفنون‭ ‬كانت‭ ‬اللوائح‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬نظم‭ ‬وخبرات‭ ‬الخبراء‭ ‬الروس‭ ‬وعام‭ ‬‮١٩٦٩‬‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬تعيين‭ ‬أول‭ ‬رئيس‭ ‬لأكاديمية‭ ‬الفنون‭ .. ‬وكانت‭ ‬معاهد‭ ‬الأكاديمية‭ ‬وفرقها‭ ‬محدودة‭ ‬نسبة‭ ‬للطفرات‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬وكانت‭ ‬مساحة‭ ‬الأكاديمية‭ ‬محدودة‭ ‬وفيها‭ ‬مبنى‭ ‬واحد‭ ‬يجمع‭ ‬معاهد‭ ‬الموسيقى‭ ‬العربية‭ ‬والنقد‭ ‬والتذوق‭ ‬الفنى‭ ‬والفنون‭ ‬الشعبية‭ ‬بجانب‭ ‬مدرستى‭ ‬الباليه‭ ‬والكونسرفتوار‭ ‬داخل‭ ‬معهديهما‭ ‬بالإضافة‭ ‬لمبنى‭ ‬معهد‭ ‬الفنون‭ ‬المسرحية‭ ‬ومعهد‭ ‬السينما‭ ‬وقاعة‭ ‬سيد‭ ‬درويش‭ ‬وهي‭ ‬بذلك‭ ‬لا‭ ‬تقارن‭ ‬بمساحتها‭ ‬الآن‭ ‬التى‭ ‬أضيف‭ ‬إليها‭ ‬تسعة‭ ‬عشر‭ ‬فدانا،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬للأكاديمية‭ ‬أى‭ ‬فروع‭ ‬اللهم‭  ‬إلا‭ ‬مدرسة‭ ‬للدراسات‭ ‬الحرة‭ ‬للباليه‭ ‬والكونسير‭ ‬فى‭ ‬الإسكندرية‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬مراكز‭ ‬أو‭ ‬وحدات‭ ‬ذات‭ ‬طبيعة‭ ‬خاصة،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٨٩‬‭ ‬تولى‭ ‬الرائد‭ ‬الراحل‭ ‬المعلم‭ ‬القائد،‭ ‬المبدع‭ ‬المستنير‭ ‬الأستاذ‭ ‬الدكتور‭ ‬فوزى‭ ‬فهمى‭ ‬رئاسة‭ ‬الأكاديمية‭ ‬فصار،‭ ‬بحق‭ ‬مؤسسا‭ ‬جديدا‭ ‬للأكاديمية‭ ‬المتطورة،‭ ‬فقد‭ ‬أسس‭ ‬بنية‭ ‬جديدة‭ ‬ومعاهد‭ ‬جديدة،‭ ‬وفرق‭ ‬جديدة‭ ‬ومهرجانات‭ ‬جديدة‭ ‬ووحدات‭ ‬ومراكز‭ ‬جديدة،‭ ‬وخاض‭ ‬معركة‭ ‬عنيفة‭ ‬مع‭ ‬المجموعة‭ ‬التى‭ ‬استولت‭ ‬على‭ ‬الأراضى‭ ‬التي‭ ‬سعى‭ ‬وزير‭ ‬الثقافة‭ ‬العملاق‭ ‬د‭.‬‭ ‬ثروت‭ ‬عكاشة‭ ‬لتخصيصها‭ ‬للأكاديمية‭ ‬في‭ ‬ستينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضى‭ ‬وبدعم،‭ ‬معنوى‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الدكتور‭ ‬ثروت‭ ‬عكاشة‭ ‬استطاع‭ ‬الدكتور‭ ‬فوزى‭ ‬فهمى‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬التسعة‭ ‬عشر‭ ‬فدانا‭ ‬المخصصة‭ ‬للأكاديمية‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬العقد،‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬وسعى‭ ‬لإقامة‭ ‬صروحا‭ ‬جديدة‭ ‬وفقا‭ ‬لمعايير،‭ ‬الجودة‭ ‬العالمية‭ ‬مستعينا‭ ‬بخبرات‭ ‬مصرية‭ ‬وروسية‭ ‬ولا‭ ‬أنسى‭ ‬حين‭ ‬كنت‭ ‬أصعد‭ ‬لمكتبه‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٩٣‬‭ ‬بعد‭ ‬تكليفى‭ ‬بالعمل‭ ‬معيدا‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬يجلس،‭ ‬أمام‭ ‬الماكيت‭ ‬المجسم‭ ‬الضخم‭ ‬لمشروعات‭ ‬الصروح‭ ‬التي‭ ‬ستقام‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬ليشرحها‭ ‬لى‭ ‬ولزملائى،‭ ‬وكله‭ ‬فخر‭ ‬وسعادة‭ ‬فهنا‭ ‬ستكون‭ ‬قاعة‭ ‬مؤتمرات‭ ‬وهنا‭ ‬مسرح‭ ‬دائرى،‭ ‬وهنا‭ ‬مسرح‭ ‬مكشوف‭ ‬وهنا‭ ‬مستشفى‭ ‬وهنا‭ ‬معهد‭ ‬لفنون‭ ‬الطفل‭ ‬وإلى‭ ‬هنا‭ ‬سينتقل‭ ‬معهد‭ ‬فنون‭ ‬شعبية‭ ‬وإلى‭ ‬هنا‭ ‬سينتقل‭ ‬معهد‭ ‬النقد‭ ‬الفنى‭ ‬وهنا‭ ‬سيكون‭ ‬مجمع‭ ‬المدارس‭ ‬وهنا‭ ‬ستكون‭ ‬معاهد‭ ‬جديدة‭ ‬للترميم‭ ... ‬وهنا‭ ... ‬وهنا‭ .. ‬كان‭ ‬حلمه‭ ‬ضخما‭ ‬ومبهرا‭ ‬ويهدف‭ ‬لبنية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬وخلاقة‭ ‬لتعليم‭ ‬مواد‭ ‬الفنون‭ ‬تنهض‭ ‬بفنون‭ ‬الأداء‭ ‬والعرض‭ ‬ومستقبلها‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬فتم‭ ‬وضع‭ ‬تخطيط‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬ضخامته‭ ‬قياسا‭ ‬بأكاديميات‭ ‬الفنون‭ ‬فى‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.‬

على‭ ‬التوازى‭ ‬مع‭ ‬وضع‭ ‬أساسات‭ ‬الأبنية‭ ‬التعليمية‭ ‬الجديدة‭ ‬أنشأ‭ ‬الدكتور‭ ‬فوزى‭ ‬وحدة‭ ‬إصدارات‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬الأكاديمية‭ ‬وكانت‭ ‬تصدر‭ ‬ترجمات‭ ‬لعدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬الهامة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الفنون‭ ‬من‭ ‬اللغات‭ ‬الأجنبية‭ ‬إلى‭ ‬العربية،‭ ‬بواسطة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المترجمين‭ ‬المتخصصين‭ ‬الذين‭ ‬عينهم‭ ‬فى‭ ‬مركز‭ ‬جديد‭ ‬أطلق‭ ‬عليه‭ ‬مركز‭ ‬اللغات‭ ‬والترجمة‭ ‬وكان‭ ‬يقدم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثين‭ ‬إصدارا‭ ‬سنويا‭ ‬بخلاف‭ ‬مجلات‭ ‬متخصصة‭ ‬محكمة‭ ‬مثل‭ ‬مجلة‭ ‬الفن‭ ‬المعاصر‭ ‬وقد‭ ‬شرفنى‭ ‬الأستاذ‭ ‬حين‭ ‬اختارنى‭ ‬كأول‭ ‬سكرتير‭ ‬تحرير‭ ‬لإصدارات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬فور‭ ‬تعيينى‭ ‬معيدا‭ ‬لخبرتى‭ ‬السابقة‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬الطباعة‭ ‬والتحرير‭ ‬الصحفى،‭ ‬وكنا‭ ‬نطبع‭ ‬إصداراتنا‭ ‬حينها‭ ‬فى‭ ‬مطبعة‭ ‬هيئة‭ ‬الآثار‭ ‬بحى‭ ‬الزمالك‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬أسس‭ ‬الأستاذ‭ ‬الفرقة‭ ‬الطليعية‭ ‬لأكاديمية‭ ‬الفنون‭ ‬التى‭ ‬أنتجت‭ ‬عرض‭ ‬كاليجولا‭ ‬للكاتب‭ ‬الفرنسى‭ ‬ألبير‭ ‬كامى،‭ ‬وإخراج‭ ‬الاستاذ‭ ‬سعد‭ ‬أردش‭ ‬وبطولة‭ ‬نور‭ ‬الشريف‭ ‬وإلهام‭ ‬شاهين‭ ‬وكمال‭ ‬أبو‭ ‬رية‭ ‬وخليل‭ ‬مرسى‭ ‬ومجموعة‭ ‬من‭ ‬أساتذة‭ ‬التمثيل‭ ‬والخريجين‭ ‬والطلاب‭ ‬وسافرنا‭ ‬لمهرجان‭ ‬موتريل‭ ‬بإسبانيا‭ ‬وكنت‭ ‬أحد‭ ‬أعضاء‭ ‬الفريق‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬نجاح‭ ‬العرض‭ ‬فى‭ ‬مسارح‭ ‬إسبانيا‭.‬

كما‭ ‬قام‭ ‬بتحديث‭ ‬اللوائح‭ ‬العلمية‭ ‬للمعاهد‭ ‬المختلفة‭ ‬واستصدر‭ ‬قرارات‭ ‬بإنشاء‭ ‬معاهد‭ ‬جديدة‭ ‬مثل‭ ‬المعهد‭ ‬العالي‭ ‬لفنون‭ ‬الطفل‭ ‬الذى‭ ‬لم‭ ‬يفعل‭ ‬إلا‭ ‬فى‭ ‬فنرة‭ ‬رئاسة‭ ‬الدكتور‭ ‬أشرف‭ ‬زكى‭ ‬للأكاديمية،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬استعان‭ ‬بالخبراء‭ ‬الروس‭ ‬فى‭ ‬الموسيقى‭ ‬والباليه‭ ‬أمثال‭ ‬جيلوفانى‭ ‬وتيمور‭ ‬أباشيزى،‭ ‬وأعاد‭ ‬تهيئة‭ ‬حرم‭ ‬الأكاديمية‭ ‬القديم‭ ‬وتمهيد‭ ‬الطرق‭ ‬غير‭ ‬الممهدة‭ ‬وقام‭ ‬بتحديث‭ ‬البنيات‭ ‬الأساسية‭ ‬للمعاهد‭ ‬القديمة‭ ‬وأسس‭ ‬مهرجان‭ ‬المسرح‭ ‬العربى‭ (‬زكى‭ ‬طليمات‭) ‬وقام‭ ‬بدور‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بنية‭ ‬الأكاديمية‭ ‬فى‭ ‬استمرار‭ ‬ونجاح‭ ‬مهرجان‭ ‬القاهرة‭ ‬الدولى‭ ‬للمسرح‭ ‬التجريبى‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬رئيسه‭ ‬لعقدين‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬منذ‭ ‬الدورة‭ ‬الثانية‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٨٩‬‭ ‬وحتى‭ ‬تولى‭ ‬الدكتور‭ ‬سامح‭ ‬مهران‭ ‬إدارة‭ ‬المهرجان‭ ‬وبرفقته‭ ‬الأستاذ‭ ‬عصام‭ ‬السيد‭ ‬و‭ ‬طوال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬تعلمت‭ ‬منه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدروس‭ ‬في‭ ‬فن‭ ‬الإدارة‭ ‬فقد‭ ‬كنت‭ ‬لاعبا‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬محراب‭ ‬إدارته‭.‬

ويجب‭ ‬أن‭ ‬أعترف‭ ‬بأن‭ ‬الدكتور‭ ‬فوزى‭ ‬فهمى‭ ‬صارحنى‭ ‬مؤخرا‭ ‬حين‭ ‬شهد‭ ‬خطوات‭ ‬الدكتور‭ ‬أشرف‭ ‬زكى‭ ‬بأنه‭ ‬سعيد‭ ‬بتحويل‭ ‬حلمه‭ ‬لحقيقة‭ ‬بعد‭ ‬توقف‭ ‬هذه‭ ‬المشروعات‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬عقب‭ ‬تركه‭ ‬لمنصب‭ ‬رئيس‭ ‬الأكاديمية‭ ‬فى‭ ‬مطلع‭ ‬الألفية‭ ‬الثالثة‭ ‬وقد‭ ‬أوصاني‭ ‬بالعمل‭ ‬مع‭ ‬الدكتور‭ ‬أشرف‭ ‬بإخلاص‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬استكمال‭ ‬الصروح‭ ‬التي‭ ‬وضع‭ ‬أساسها‭.‬

ذكرياتى‭ ‬كثيرة‭ ‬كثيرة‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الرمز‭ ‬المركزى‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬الأكاديمية‭ ‬عامة‭ ‬والمسرحية‭ ‬خاصة‭ ‬وسأذكر‭ ‬منها‭ ‬بعض‭ ‬اللقطات‭ ‬السريعة‭ ‬واللقطة‭ ‬الأولى‭ ‬حين‭ ‬تقدمت‭ ‬للالتحاق‭ ‬بقسم‭ ‬الدراما‭ ‬والنقد‭ ‬المسرحى‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٨٨‬‭ ‬وكان‭ ‬حينها‭ ‬الأستاذ‭ ‬نائبا‭ ‬لرئيس‭ ‬الأكاديمية‭ ‬وكان‭ ‬حينها‭ ‬الشاعر‭ ‬د‭. ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬إسماعيل‭ ‬هو‭ ‬الرئيس‭ ‬وكان‭ ‬د‭. ‬فوزى‭ ‬فى‭ ‬طريقه‭ ‬لرئاسة‭ ‬الأكاديمية،‭ ‬وأثناء‭ ‬امتحاناتى‭ ‬للقبول‭ ‬بقسم‭ ‬الدراما‭ ‬والنقد‭ ‬المسرحي‭ ‬حدثه‭ ‬بعض‭ ‬الأحبة‭ ‬عن‭ ‬طالب‭ ‬الثانوية‭ ‬العامة‭ ‬الشاعر‭ ‬الذى‭ ‬ظهر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مداخلاته‭ ‬الشائعة‭ ‬فى‭ ‬ندوات‭ ‬الدورة‭ ‬الأولى‭ ‬لمهرجان‭ ‬القاهرة‭ ‬الدولى‭ ‬للمسرح‭ ‬التجريبى‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٨٨‬‭ ‬وأصر‭ ‬سيادته‭ ‬على‭ ‬حضور‭ ‬امتحانات‭ ‬القبول‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يحب‭ ‬الوساطة‭ ‬ولكنه‭ ‬أدرك‭ ‬أن‭ ‬الوسطاء‭ ‬زملاء‭ ‬وخارج‭ ‬الدوائر‭ ‬الشخصية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لى‭ ‬وليس‭ ‬لى‭ ‬دخل‭ ‬مباشر‭ ‬بوساطتهم،‭ ‬وفى‭ ‬امتحان‭ ‬القبول‭ ‬وجدنى‭ ‬الأعلى‭ ‬درجات‭ ‬بين‭ ‬المتقدمين‭ ‬فشعر‭ ‬بارتياح‭ ‬مشوب‭ ‬بالشك‭ ‬في‭ ‬احتمالية‭ ‬تدخل‭ ‬الآخرين‭ ‬لصالحى،‭ ‬وفى‭ ‬المقابلة‭ ‬الشخصية‭ ‬أصر‭ ‬رغم‭ ‬انشغاله‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يحضر‭ ‬ويسألنى‭ ‬بنفسه‭ ‬أسئلة‭ ‬تختبر‭ ‬الذكاء‭ ‬وتكشف‭ ‬مصادر‭ ‬ثقافتى‭ ‬وأخيرا‭ ‬ابتسم‭ ‬حين‭ ‬أعجب‭ ‬بردودى‭ ‬وحين‭ ‬حاولت‭ ‬أن‭ ‬ألقى‭ ‬بعض‭ ‬أشعارى‭ ‬رد‭ ‬قائلا‭ (‬خلاص‭ ‬يا‭ ‬بنى‭ ‬كفاية‭ ‬اللى‭ ‬قلته‭ ‬مش‭ ‬محتاجين‭ ‬نسمعك‭ ‬تانى‭ ‬بعدين‭ ‬هنسمعك‭ ‬كتير‭) ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬بمثابة‭ ‬إعلان‭ ‬مبكر‭ ‬لنجاحى‭ ‬وقبولى‭ ‬وخرج‭ ‬ورائى‭ ‬أستاذى‭ ‬النبيل‭ ‬محمد‭ ‬عبد‭ ‬الهادى‭ ‬وقال‭ ‬لى‭ )‬كنت‭ ‬رائع‭ ‬يابنى‭ ‬انت‭ ‬أفضل‭ ‬طالب‭ ‬جالنا‭ ‬فى‭ ‬العشر‭ ‬سنين‭ ‬اللى‭ ‬فاتو‭ ‬انا‭ ‬شايفك‭ ‬معيد‭).‬

منذ‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬وكان‭ ‬اهتمام‭ ‬الأستاذ‭ ‬بى‭  ‬اهتماما‭ ‬خاصا‭ ‬وحين‭ ‬تخرجت‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٩٢‬‭ ‬عينت‭ ‬مباشرة‭ ‬فى‭ ‬مؤسسة‭ ‬دار‭ ‬التعاون‭ ‬كما‭ ‬عملت‭ ‬مع‭ ‬صاحبة‭ ‬الفضل‭ ‬الدكتورة‭ ‬هدى‭ ‬وصفى‭ ‬وحين‭ ‬علم‭ ‬الأستاذ‭ ‬أننى‭ ‬فى‭ ‬طريقى‭ ‬لاستلام‭ ‬العمل‭ ‬بمؤسسة‭ ‬دار‭ ‬التعاون‭ ‬أصدر‭ ‬فورا‭ ‬قرارا‭ ‬بتكليفى‭ ‬بالعمل‭ ‬معيشدا‭ ‬بالقسم‭ ‬طبعا‭ ‬بعد‭ ‬موافقة‭ ‬مجلس‭ ‬القسم‭ ‬بالإجماع‭.‬

ثم‭ ‬أصدر‭ ‬بعدها‭ ‬قرارا‭ ‬بتكليفى‭ ‬بالعمل‭ ‬سكرتير‭ ‬تحرير‭ ‬لاصدارات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬ومنسقا‭ ‬للجنة‭ ‬الندوات‭ ‬بالمهرجان‭ ‬التجريبى‭ ‬وكان‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬الاستاذ‭ ‬سعد‭ ‬أردش‭.‬

كان‭ ‬الأستاذ‭ ‬كتابا‭ ‬مفتوحا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الثقافات‭ ‬وكان‭ ‬يعاملنى‭ ‬كمعيد‭ ‬منذ‭ ‬كنت‭ ‬طالبا‭ ‬وكان‭ ‬لا‭ ‬يدخن‭ ‬سوى‭ ‬سيجارة‭ ‬صباحا‭ ‬يحصل‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬المعيد‭ ‬الأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬عبد‭ ‬الهادى‭ ‬الذى‭ ‬ترك‭ ‬المعهد‭ ‬وبعدها‭ ‬كنت‭ ‬أنا‭ ‬رفيق‭ ‬سيجارة‭ ‬الصباح‭.‬

كان‭ ‬بالنسبة‭ ‬لى‭ ‬المعلم‭ ‬والأب‭ ‬والداعم‭ ‬والنقطة‭ ‬الفاعلة‭ ‬التي‭ ‬نلتقى‭ ‬جميعا‭ ‬أنا‭ ‬وزملائى‭ ‬عندها،‭ ‬فحين‭ ‬تزوج‭ ‬أخى‭ ‬وزميل‭ ‬ثانوى‭ ‬وقسم‭ ‬الدراما‭ ‬إسماعيل‭ ‬مختار‭ ‬رئيس‭ ‬البيت‭ ‬الفني‭ ‬للمسرح‭ ‬حاليا‭ ‬من‭ ‬زميلتى‭ ‬بقسم‭ ‬الديكور‭ ‬راما‭ ‬فاروق‭ ‬كانت‭ ‬أمنيتهما‭ ‬أن‭ ‬يمرا‭ ‬بالركب‭ ‬على‭ ‬الأكاديمية‭ ‬لالتقاط‭ ‬الصور‭ ‬التذكارية‭ ‬مع‭ ‬الأستاذ‭ ‬فاستجاب‭ ‬لهما‭ ‬بتواضع‭ ‬وخرج‭ ‬لهما‭ ‬خارج‭ ‬حرم‭ ‬الأكاديمية‭ ‬بنبل‭ ‬وتواضع‭ ‬وكانت‭ ‬سعادة‭ ‬غمرتهما‭ ‬وغمرتنا‭ ‬جميعا‭.‬

إنه‭ ‬المعلم‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬مصدرا‭ ‬للثقافة‭ ‬الروسية‭ ‬والآسيوية‭ ‬بالأكاديمية‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭ ‬والأوروبية‭ ‬بوجه‭ ‬عام‭ .. ‬‭ ‬وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬الإدارة‭ ‬علمنا‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬فن‭ ‬وعلم‭ ‬ولغة‭ ‬واقتدار‭ ..‬

لا‭ ‬أنسى‭ ‬مقولاته‭ ‬الشهيرة‭ ‬مثل‭: ‬

‮»‬أنتم‭ ‬عقل‭ ‬الأكاديمية‭ ‬يا‭ ‬أبناء‭ ‬قسم‭ ‬الدراما‭ ‬والنقد‮«‬

‮»‬المدينة‭ ‬المحاصرة‭ ‬لا‭ ‬تسقط‭ ‬لكثرة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬يحاصرونها‭ ‬وإنما‭ ‬تسقط‭ ‬حينما‭ ‬يشعر‭ ‬حماتها‭ ‬بلا‭ ‬جدوى‭ ‬حمايتها‮«‬

‮»‬سيأتي‭ ‬يوم‭ ‬ينتهي‭ ‬فيه‭ ‬العذاب‭ ‬الأسود‭ ‬ويصبح‭ ‬الموت‭ ‬عدلا‭ .. ‬طوفان‭ ‬بلا‭ ‬فلك‮«‬

أستاذي‭ ‬الجليل‭ ‬وأبى‭ ‬فوزي‭ ‬فهمي‭ ‬ألم‭ ‬الفراق‭ ‬ألم‭ ‬بى‭ ‬وبتلامذتك‭ ‬فعجز‭ ‬القلم‭ ‬عن‭ ‬كتابة‭ ‬كل‭ ‬شىء‭ ‬ولكن‭ ‬أعدك‭ ‬بكتاب‭ ‬يليق‭ ‬بتاريخك‭ ‬واسمك،‭ ‬وفضلك‭ .. ‬على‭ ‬أمل‭ ‬اللقاء‭ ‬في‭ ‬البرزخ‭.‬

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة