الطفلة جميلة
الطفلة جميلة


بسبب سلسلة فالصو.. «جميلة» عادت من الموت بعد ٧ أيام فى الغيبوبة

أخبار الحوادث

الأحد، 24 أكتوبر 2021 - 03:03 م

حبيبة‭ ‬جمال‭ ‬

هنا‭ ‬داخل‭ ‬غرفة‭ ‬العناية‭ ‬المركزة‭ ‬بمستشفى‭ ‬قصر‭ ‬العيني،‭ ‬كانت‭ ‬ترقد‭ ‬الطفلة‭ ‬‮«‬جميلة‮»‬‭ ‬بين‭ ‬الحياة‭ ‬والموت‭.. ‬سبعة‭ ‬أيام‭ ‬كاملة‭ ‬وهي‭ ‬غائبة‭ ‬عن‭ ‬الوعي،‭ ‬هي‭ ‬والأموات‭ ‬سواء،‭ ‬والأم‭ ‬المكلومة‭ ‬تجلس‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬أمام‭ ‬غرفتها‭ ‬تناجي‭ ‬ربها،‭ ‬تطلب‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يشفي‭ ‬ابنتها‭ ‬وتعود‭ ‬إليها‭ ‬كما‭ ‬كانت،‭ ‬الأم‭ ‬في‭ ‬حيرة‭ ‬لاتصدق‭ ‬أن‭ ‬ابنتها‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تلعب‭ ‬وتجري‭ ‬أمام‭ ‬عينيها‭ ‬منذ‭ ‬دقائق‭ ‬الآن‭ ‬ترقد‭ ‬على‭ ‬فراش‭ ‬المرض‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬آخر،‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬ماذا‭ ‬أصاب‭ ‬ابنتها،‭ ‬ماذا‭ ‬حدث‭ ‬لها‭ ‬لتعود‭ ‬إليها‭ ‬غارقة‭ ‬في‭ ‬دمائها‭ ‬ثم‭ ‬تفقد‭ ‬الوعي‭ ‬بعدها،‭ ‬لم‭ ‬يشغل‭ ‬بالها‭ ‬أن‭ ‬تعرف‭ ‬الحقيقة‭ ‬قدر‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تفيق‭ ‬ابنتها‭ ‬من‭ ‬غيبوبتها،‭ ‬فقلبها‭ ‬يتمزق‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬حزنًا‭ ‬وخوفًا،‭ ‬وكأنها‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬بين‭ ‬الحياة‭ ‬والموت‭ ‬لا‭ ‬صغيرتها،‭ ‬حتى‭ ‬كتب‭ ‬الله‭ ‬للطفلة‭ ‬‮«‬جميلة‮»‬‭ ‬الشفاء‭ ‬لتحكي‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬لها‭ ‬وكأن‭ ‬الله‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬تفضح‭ ‬الصغيرة‭ ‬من‭ ‬أراد‭ ‬قتلها‭ ‬وشوه‭ ‬وجهها‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يهرب‭ ‬من‭ ‬جريمته‭.. ‬في‭ ‬السطور‭ ‬التالية‭ ‬نسرد‭ ‬لكم‭ ‬التفاصيل‭ ‬التي‭ ‬تدمي‭ ‬لها‭ ‬القلوب‭ ‬قبل‭ ‬العيون‭.‬

 

داخل‭ ‬شقة‭ ‬صغيرة‭ ‬بمنطقة‭ ‬المريوطية،‭ ‬تعيش‭ ‬الطفلة‭ ‬جميلة‭ ‬مع‭ ‬والدتها‭ ‬وشقيقتها‭ ‬الكبرى،‭ ‬جميلة‭ ‬طفلة‭ ‬تبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬‮١١‬‭ ‬عامًا،‭ ‬هي‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬اسمها‭ ‬نصيب،‭ ‬جميلة‭ ‬الملامح‭ ‬رقيقة،‭ ‬عيناها‭ ‬تملؤها‭ ‬البراءة‭ ‬والحب،‭ ‬حرمت‭ ‬جميلة‭ ‬من‭ ‬والدها‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬عمرها‭ ‬عامًا،‭ ‬فقررت‭ ‬والدتها‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بدور‭ ‬الأم‭ ‬والأب؛‭ ‬خرجت‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬لقمة‭ ‬العيش‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تلجأ‭ ‬لأحد‭ ‬حتى‭ ‬تربي‭ ‬طفلتيها‭ ‬وتعوضهما‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬لم‭ ‬تبخل‭ ‬عنهما‭ ‬بأي‭ ‬شيء،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬تتمنى‭ ‬إحداهما‭ ‬شيئًا‭ ‬كانت‭ ‬الأم‭ ‬تحضره‭ ‬لهما،‭ ‬أمنيتها‭ ‬كانت‭ ‬بسيطة‭ ‬جدا‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬يكبر‭ ‬الصغيرتان‭ ‬ويصبحان‭ ‬ذات‭ ‬شأن‭ ‬كبير‭ ‬ويعيشان‭ ‬حياة‭ ‬سعيدة،‭ ‬لكن‭ ‬القدر‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬كلمة‭ ‬أخرى،‭ ‬فبين‭ ‬عشية‭ ‬وضحاها‭ ‬انقلبت‭ ‬حياة‭ ‬تلك‭ ‬الأسرة‭ ‬الصغيرة‭ ‬رأسًا‭ ‬على‭ ‬عقب،‭ ‬تحولت‭ ‬من‭ ‬الطمأنينة‭ ‬للخوف‭ ‬والقلق‭ ‬طول‭ ‬الوقت،‭ ‬والسبب‭ ‬صبي‭ ‬أحمق‭ ‬كاد‭ ‬أن‭ ‬يرتكب‭ ‬جريمة‭ ‬قتل‭ ‬بسبب‭ ‬سلسلة‭ ‬فالصو،‭ ‬يالها‭ ‬من‭ ‬مأساة‭.‬

هدية‭ ‬لـ‭ ‬جميلة

يوم‭ ‬السبت‭ ‬الموافق‭ ‬2‭/‬10،‭ ‬بينما‭ ‬كانت‭ ‬جميلة‭ ‬تقاوم‭ ‬النوم‭ ‬مرة‭ ‬ثانية،‭ ‬سمعت‭ ‬خطوات‭ ‬والدتها‭ ‬وهي‭ ‬تدخل‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الشقة،‭ ‬فأحست‭ ‬بفرحة،‭ ‬هبت‭ ‬تجري‭ ‬نحو‭ ‬مصدر‭ ‬الصوت،‭ ‬حتى‭ ‬ارتمت‭ ‬في‭ ‬حضن‭ ‬أمها‭ ‬وأخذت‭ ‬تقبلها،‭ ‬‮«‬جبت‭ ‬لك‭ ‬هدية‭ ‬حلوة‮»‬،‭ ‬هكذا‭ ‬قالت‭ ‬الأم‭ ‬لابنتها،‭ ‬المفاجأة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الأم‭ ‬اشترت‭ ‬لها‭ ‬سلسلة‭ ‬جديدة،‭ ‬كادت‭ ‬الطفلة‭ ‬الصغيرة‭ ‬تطير‭ ‬من‭ ‬السعادة،‭ ‬ظلت‭ ‬في‭ ‬حضن‭ ‬والدتها‭ ‬لبضع‭ ‬دقائق‭ ‬وكأنها‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تفارقه‭ ‬لحظة،‭ ‬فوالدتها‭ ‬اشترت‭ ‬لها‭ ‬هذه‭ ‬السلسلة‭ ‬حتى‭ ‬تحضر‭ ‬بها‭ ‬فرح‭ ‬أحد‭ ‬أقاربها،‭ ‬وبعد‭ ‬تبادل‭ ‬مشاعرهما‭ ‬الجميلة‭ ‬بدأت‭ ‬الأم‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬المنزلية،‭ ‬بينما‭ ‬دخلت‭ ‬جميلة‭ ‬غرفتها‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تنام‭ ‬قليلا‭ ‬قبل‭ ‬موعد‭ ‬الفرح‭. ‬

ليلة‭ ‬الجريمة

استيقظت‭ ‬جميلة‭ ‬من‭ ‬نومها‭ ‬بدت‭ ‬وكأنها‭ ‬ملاك‭ ‬يتهادى‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬سريرها،‭ ‬اسرعت‭ ‬بتجهيز‭ ‬فستانها‭ ‬وتولت‭ ‬امها‭ ‬تصفيف‭ ‬شعرها،‭ ‬لم‭ ‬يبق‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تتحلى‭ ‬بالسلسلة‭ ‬التي‭ ‬اشترتها‭ ‬امها‭ ‬لها،‭ ‬الصغائر‭ ‬دائمًا‭ ‬يحبون‭ ‬الحلوى؛نزلت‭ ‬جميلة‭ ‬لشراء‭ ‬حلوى‭ ‬استقلت‭ ‬توك‭ ‬توك‭ ‬تتدلى‭ ‬ضفائرها‭ ‬الصغيرة‭ ‬تُضفي‭ ‬عليها‭ ‬براءة،‭ ‬لم‭ ‬تتخيل‭ ‬صاحبة‭ ‬تلك‭ ‬الخطوات‭ ‬الصغيرة‭ ‬أن‭ ‬حظها‭ ‬التعس‭ ‬سوف‭ ‬يوقعها‭ ‬بين‭ ‬براثن‭ ‬صبي‭ ‬بدرجة‭ ‬مجرم،‭ ‬سولت‭ ‬له‭ ‬نفسه‭ ‬أن‭ ‬يسرق‭ ‬تلك‭ ‬الطفلة،‭ ‬وبمجرد‭ ‬أن‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬عمارتها‭ ‬كان‭ ‬ينتظرها‭ ‬هذا‭ ‬الشيطان‭ ‬الصغير،‭ ‬فتمكن‭ ‬من‭ ‬نزع‭ ‬سلسلتها‭ ‬ثم‭ ‬فر‭ ‬هاربا،‭ ‬أسرعت‭ ‬خلفه‭ ‬وهي‭ ‬تبكي‭ ‬فقدان‭ ‬هديتها‭ ‬الجديدة،‭ ‬وما‭ ‬أن‭ ‬وصلت‭ ‬لشارع‭ ‬مهجور،‭ ‬اخذت‭ ‬تترجى‭ ‬المتهم‭ ‬أن‭ ‬يترك‭ ‬لها‭ ‬السلسة؛‭ ‬لم‭ ‬تدرك‭ ‬الصغيرة‭ ‬أنها‭ ‬امام‭ ‬مجرم‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬عمره‭ ‬عديم‭ ‬الرحمة؛‭ ‬انهال‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬بقالب‭ ‬طوب‭ ‬دون‭ ‬شفقة‭ ‬أو‭ ‬رحمة،‭ ‬حتى‭ ‬سقطت‭ ‬غارقة‭ ‬في‭ ‬دمائها،‭ ‬اعتقد‭ ‬أنها‭ ‬ماتت‭ ‬ثم‭ ‬فر‭ ‬هاربًا،‭ ‬فاقت‭ ‬الصغيرة‭ ‬وبدأت‭ ‬تزحف‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬أمام‭ ‬عمارتها؛‭ ‬وفجأة‭ ‬انقلب‭ ‬الشارع‭ ‬وكأن‭ ‬زلزالا‭ ‬يضربه،‭ ‬سمعت‭ ‬الأم‭ ‬كلمات‭ ‬مزقت‭ ‬قلبها‭ ‬‮«‬الحقي‭ ‬يا‭ ‬أم‭ ‬جميلة‭ ‬بنتك‭ ‬بتموت‮»‬،‭ ‬جملة‭ ‬وقعت‭ ‬على‭ ‬أذن‭ ‬الأم‭ ‬جعلتها‭ ‬تصرخ‭ ‬وتهرول‭ ‬كالتي‭ ‬فقدت‭ ‬عقلها،‭ ‬هبطت‭ ‬درجات‭ ‬السلم‭ ‬كأنها‭ ‬تطير‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬الشارع،وأخذت‭ ‬طفلتها‭ ‬بين‭ ‬أحضانها‭ ‬التي‭ ‬غابت‭ ‬عن‭ ‬الوعي‭. ‬

رحلة‭ ‬لساعات‭ ‬خاضتها‭ ‬الأم‭ ‬داخل‭ ‬المستشفيات،‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬لمستشفى‭ ‬قصر‭ ‬العيني،‭ ‬كانت‭ ‬المسكينة‭ ‬غائبة‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬الوعي،‭ ‬حملها‭ ‬الأطباء‭ ‬الى‭ ‬غرفة‭ ‬العناية‭ ‬المركزة،‭ ‬مرت‭ ‬عدة‭ ‬ساعات‭ ‬خرج‭ ‬بعدها‭ ‬طبيب‭ ‬الحالات‭ ‬الحرجة‭ ‬يقول‭ ‬للأم؛‭ ‬قمنا‭ ‬بخياطة‭ ‬رأس‭ ‬ابنتك‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬في‭ ‬غيبوبة،‭ ‬ادعي‭ ‬لها‮»‬،‭ ‬اسبوع‭ ‬كامل‭ ‬وجميلة‭ ‬تصارع‭ ‬الموت‭ ‬في‭ ‬صمت‭ ‬الحملان،‭ ‬رفضت‭ ‬الأم‭ ‬أن‭ ‬تغادر‭ ‬المستشفى‭ ‬إلا‭ ‬وهي‭ ‬معها،‭ ‬وكان‭ ‬القدر‭ ‬بها‭ ‬رحيمًا؛‭ ‬كتب‭ ‬الله‭ ‬للصغيرة‭ ‬النجاة‭ ‬وفاقت‭ ‬من‭ ‬غيبوبتها‭. ‬

الأم‭ ‬تتحدث

تواصلنا‭ ‬مع‭ ‬والدة‭ ‬جميلة‭ ‬لتحكي‭ ‬لنا‭ ‬تفاصيل‭ ‬القصة،‭ ‬وهل‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬لابنتها‭ ‬كان‭ ‬بدافع‭ ‬السرقة‭ ‬أم‭ ‬هناك‭ ‬شيء‭ ‬آخر؟،‭ ‬فقالت‭ ‬بنبرة‭ ‬صوت‭ ‬يعتليها‭ ‬الحزن‭: ‬‮«‬اتذكر‭ ‬تفاصيل‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬جيدا،‭ ‬فقد‭ ‬اشتريت‭ ‬لطفلتي‭ ‬سلاسل‭ ‬جديدة‭ ‬ليحضران‭ ‬بها‭ ‬حفل‭ ‬زفاف‭ ‬أحد‭ ‬اقاربنا،‭ ‬وقبل‭ ‬ذهابنا‭ ‬للحفل،‭ ‬قررت‭ ‬جميلة‭ ‬النزول‭ ‬للشارع‭ ‬حتى‭ ‬تشتري‭ ‬حلوى‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬تطلب‭ ‬توك‭ ‬توك‭ ‬لينقلنا‭ ‬لهناك،‭ ‬وبمجرد‭ ‬نزولها‭ ‬وجدت‭ ‬المتهم‭ ‬يقف‭ ‬لها‭ ‬بالمرصاد‭ ‬كأنه‭ ‬ينتظرها،‭ ‬ظن‭ ‬المجرم‭ ‬أن‭ ‬السلسلة‭ ‬ذهب‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬فالصو،‭ ‬لذلك‭ ‬قررت‭ ‬ابنتي‭ ‬أن‭ ‬تجري‭ ‬خلفه‭ ‬لعله‭ ‬يرحم‭ ‬توسلاتها‭ ‬ويعيدها‭ ‬إليها،‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬لأحد‭ ‬الشوارع‭ ‬الجانبية‭ ‬الخالية‭ ‬من‭ ‬كاميرات‭ ‬المراقبة‭ ‬والناس‭ ‬وانهال‭ ‬عليها‭ ‬بالضرب‭ ‬حتى‭ ‬سقطت‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬اعتقد‭ ‬أنها‭ ‬ماتت،‭ ‬لكنها‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬الزحف‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬لشارعنا‭ ‬وفجأة‭ ‬علا‭ ‬الصراخ‭ ‬والعويل،‭ ‬ونقلتها‭ ‬للمستشفى‭ ‬وأنا‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬ماذا‭ ‬حدث‭ ‬لها،‭ ‬لأنها‭ ‬دخلت‭ ‬في‭ ‬غيبوبة‮»‬‭. ‬

طلبنا‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬تحكي‭ ‬كواليس‭ ‬‮٧‬‭ ‬أيام‭ ‬عاشتهم‭ ‬مع‭ ‬ابنتها‭ ‬داخل‭ ‬المستشفى،‭ ‬صمتت‭ ‬قليلا‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تجيب‭ ‬وكأنها‭ ‬تتذكر‭ ‬هذه‭ ‬الساعات‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬عليها،‭ ‬ثم‭ ‬بدأت‭ ‬تحكي‭ ‬والدموع‭ ‬تملأ‭ ‬عينيها،‭ ‬قالت‭: ‬‮«‬ساعات‭ ‬وأيام‭ ‬مرت‭ ‬عليّ‭ ‬وكأنها‭ ‬دهر،‭ ‬قلبي‭ ‬يتمزق‭ ‬كل‭ ‬دقيقة‭ ‬وأنا‭ ‬أراها‭ ‬لا‭ ‬تتحرك،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لدي‭ ‬أي‭ ‬علم‭ ‬عن‭ ‬ماذا‭ ‬حدث،‭ ‬فقط‭ ‬كنت‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬كما‭ ‬كانت،‭ ‬وبمجرد‭ ‬أن‭ ‬عادت‭ ‬للحياة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬قالت‭ ‬لي‭ ‬كلمات‭ ‬مزقت‭ ‬قلبي‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر»أنا‭ ‬هموت‭ ‬يا‭ ‬ماما‮»‬،‭ ‬حاولت‭ ‬تهدئتها‭ ‬حتى‭ ‬بدأت‭ ‬تتحسن‭ ‬حالتها‭ ‬وحكت‭ ‬لي‭ ‬القصة‭ ‬كاملة،‭ ‬فهذا‭ ‬الشخص‭ ‬من‭ ‬المنطقة،‭ ‬لكننا‭ ‬لا‭ ‬نعرفه‭ ‬معرفة‭ ‬شخصية،‭ ‬فقط‭ ‬جميلة‭ ‬قابلته‭ ‬مرتين،‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬حمام‭ ‬السباحة‭ ‬بنادي‭ ‬قريب‭ ‬منا،‭ ‬ومرة‭ ‬أخرى‭ ‬عندما‭ ‬أرادت‭ ‬أن‭ ‬تشتري‭ ‬منه‭ ‬كلبًا،‭ ‬ولكني‭ ‬رفضت،‭ ‬ولا‭ ‬أعرف‭ ‬لماذا‭ ‬فعل‭ ‬بها‭ ‬هذا،‭ ‬كل‭ ‬ده‭ ‬عشان‭ ‬سلسلة‭ ‬وياريتها‭ ‬دهب،‭ ‬فمنذ‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬وابنتي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬نفسية‭ ‬سيئة‭ ‬تستيقظ‭ ‬من‭ ‬النوم‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬رعب،‭ ‬حتى‭ ‬شقيقتها‭ ‬منعتها‭ ‬من‭ ‬الخروج‭ ‬وحدها‭ ‬خوفا‭ ‬على‭ ‬حياتها،‭ ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬أريده‭ ‬هو‭ ‬حق‭ ‬ابنتي‭ ‬التي‭ ‬تشوهت‭ ‬جسديًا‭ ‬ونفسيًا‮»‬‭. ‬

حاولنا‭ ‬الحديث‭ ‬مع‭ ‬الطفلة،‭ ‬فكانت‭ ‬كلماتها‭ ‬قليلة‭ ‬ولكنها‭ ‬مليئة‭ ‬بالألم‭ ‬النفسي‭ ‬والجسدي،‭ ‬حكت‭ ‬لنا‭ ‬التفاصيل‭ ‬كما‭ ‬سردناها،‭ ‬ثم‭ ‬قالت‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬خايفه‭ ‬افضل‭ ‬كده‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الخياطة‭ ‬في‭ ‬راسي‭ ‬تبقى‭ ‬باينه‭ ‬والناس‭ ‬تشوفها‭ ‬أنا‭ ‬مش‭ ‬عارفه‭ ‬هو‭ ‬عمل‭ ‬كده‭ ‬ليه‮»‬‭. ‬

المتهم‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هاربًا

 

‭‬تواصلنا‭ ‬أيضا‭ ‬مع‭ ‬محمد‭ ‬كساب‭ ‬محامي‭ ‬الطفلة،‭ ‬قال‭: ‬‮«‬ذهبت‭ ‬مع‭ ‬الأم‭ ‬لقسم‭ ‬شرطة‭ ‬الهرم،‭ ‬بعدما‭ ‬أخبرتها‭ ‬الطفلة‭ ‬بكل‭ ‬شيء،‭ ‬وحررنا‭ ‬محضرا‭ ‬سردنا‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬التفاصيل،‭ ‬وأكدت‭ ‬تحريات‭ ‬المباحث‭ ‬صحة‭ ‬الواقعة،‭ ‬حتى‭ ‬كاميرات‭ ‬المراقبة‭ ‬رصدت‭ ‬الطفلة‭ ‬وهي‭ ‬تجري‭ ‬خلفه،‭ ‬وبعد‭ ‬دقائق‭ ‬عادت‭ ‬وهي‭ ‬غارقة‭ ‬في‭ ‬دمائها،‭ ‬حتى‭ ‬أمرت‭ ‬النيابة‭ ‬بضبط‭ ‬وإحضار‭ ‬المتهم،‭ ‬ونحن‭ ‬ننتظر‭ ‬ضبطه،‭ ‬ففي‭ ‬خلال‭ ‬ساعات‭ ‬سيكون‭ ‬ماثلا‭ ‬أمام‭ ‬جهات‭ ‬التحقيق‮»‬‭.‬

وعن‭ ‬العقوبة‭ ‬التي‭ ‬تنتظر‭ ‬المتهم،‭ ‬قال‭: ‬‮«‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬سن‭ ‬المتهم‭ ‬تحديدًا‭ ‬ولكنه‭ ‬مازال‭ ‬حدث،‭ ‬ويواجه‭ ‬تهمتين؛‭ ‬سرقة‭ ‬بالإكراه‭ ‬وشروع‭ ‬في‭ ‬قتل،‭ ‬وسيعاقب‭ ‬عليهما‭ ‬بأقصى‭ ‬عقوبة‭ ‬بقانون‭ ‬الطفل‮»‬‭. ‬


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة