المخرج تيمو نيكى والممثل بيترى بويكولاينين على كرسيه المتحرك مع المنتج چانى بوسو فى المهرجان
المخرج تيمو نيكى والممثل بيترى بويكولاينين على كرسيه المتحرك مع المنتج چانى بوسو فى المهرجان


فيلم فى حب السينما والإنسانية و«بويكولاينين»

«الرجل الأعمى الذى لم يرغب فى مشاهدة تايتانيك»

هويدا أحمد

الثلاثاء، 26 أكتوبر 2021 - 05:20 م

 

فى الفيلم يرينا المخرج المتمكن فقط ما يراه چاكو «بقلبه»، نتلمس معه عالمه وما دون ذلك خيالات مطموسة أو مبتورة لا قيمة لها.. وتبدأ الأحداث وچاكو على الفراش يفيق من حلم يجرى فيه لاهثا على صوت صديقته «سيربا» تطمئن عليه وتداعبه.. يذكره الموبايل بتناول دواء ارتخاء العضلات ونعرف من صوت التطبيق المساعد لذوى الاحتياجات الخاصة أنه كفيف.. يعتمد على الموبايل فى كل تفاصيل حياته تقريبا.. ينتقل لكرسيه المتحرك وينجز وحده بعض المهام الشخصية اليومية دون مساعدة، وفى اتصال تليفونى مع «سيربا» نعرف أنها مريضة تنتظر قرارا مصيريا من طبيبها وندرك أنه يحبها رغم أنه لم يلتق بها أو يراها أبدا، يداعبها فيعرض عليها الزواج لترث ثروته، مكتبة أفلامه التى يحبها، تطلب منه برهانا على وجود المكتبة الثروة فيفتح كاميرا التليفون لترى المكتبة، تلمع عيناه وهو يستعرض بحب عشقه الأول وشغفه الذى لم ينته بعدما فقد بصره، السينما وأشرطة الأفلام التى أحبها ويحفظها تقريبا - خاصة أفلام چون كاربنتر - تعيش بداخله ويعيش معها.. فيلم واحد مازال بغلافه لم يشاهده، يخبرنا مع سربيا أنه «تايتانيك»! وهو الفيلم الوحيد الذى لم يحبه لجيمس كاميرون ويعده أقل أفلامه رغم أنه أكثرها جماهيرية وإيرادات.. يقترب من المكتبة بكرسيه المتحرك ليلتقط الفيلم فيقع الموبايل على الأرض، يحاول أن يصل إليه بحاسة السمع فيسقط على الأرض ليشعر - ونحن معه - بعجزه ويصرخ طالبا العون والحرية.تدخل ممرضته كإنسان آلى ترعاه دون مشاعر فهو بالنسبة لها مجرد عمل تريد أن تنجزه وحسب..

وفي اليوم التالى يتكرر الحلم والمشاهد الصباحية والتى يذكره بها الموبايل، فى التليفون الصباحى لسربيا يبدو صوتها باكيا حزينا، نعرف أن الطبيب أخبرها بسوء حالتها، فيقرر چاكو أن يكون معها مهما كلفه الأمر، يفصلها عنه مسافة قطار واحد وسيارتى أجرة، والاستعانة بخمسة غرباء.. يبدو الأمر بسيطا لدى عاشق يريد أن يكون بجوار حبيبته فى محنتها لكن الحياة ليست بهذه البساطة والبراءة التى تبدو فى عيونه العمياء عن قسوة وبشاعة العالم حوله.

يبدأ العاشق جميل الروح والملامح خفيف الظل رحلته، يستعين بأول الغرباء ليصل بسلام إلى محطة القطار، وفى المحطة يكتشف أحد اللصوص أنه أعمى، يحاول سرقته لكنه يهرب عندما يصرخ چاكو مستنجدا، ينقله آخر لكرسيه بالقطار، لكن اللص يجاوره ويتلصص عليه، ليفاجأ بعدها أن تليفونه - رفيقه الأمين - قد سُرق، يطلب من جاره العون وإيصاله لتاكسى، فيأخذه بهدوء وفى المحطة يسمع صوت تليفونه فيدرك أن من طلب منه العون هو سارق الموبايل لكنه يلتزم الصمت بعدما يهدده بالقتل.

ويقع چاكو فريسة للصَّين تجردا من الرحمة، يستغلان عجزه وضعفه، يعذبانه طمعا فى ماله وعندما يفشلان يلقيان به فى الخلاء.. بعد السواد يأتى النهار ومعه إنسان يمد له يد العون، ليكمل مشواره الصعب، ويصل فى النهاية لحبيبته ومعه «تايتانيك»، يلتقيان ويحتميان بحضنيهما فى واحد من أروع المشاهد على الإطلاق.

ساعتان تقريبا مع ممثل واحد حبيس العمى والمرض يتجول بمقعده فى مساحة ضيقه تشبه عالمه واللقطات قريبة فى معظم الأحوال حتى لا نرى إلاه، وعينيه وابتسامته الهادئتين، وعالمه المحدود جدا.. ساعتان دون ملل احتفظ المخرج خلالهما باهتمام وتوتر المشاهد الذى شعر من الظهور الأول لچاكو أنه ينتمى إليه، يصرخ معه يطلب الحرية من السماء، ثم يبتسم بهدوء وينتظر لقاءه بحبيبته، ويبكى معه منتصرا على قسوة الحياة فى النهاية العبقرية ككل تفاصيل الفيلم الإنسانى الجميل.

الممثل الجميل بيترى بويكولاينين فقد بصره فى ٢٠١١ ويعيش كما چاكو على كرسيه المتحرك والفيلم رسالة حب من صديقه المخرج والمنتج اللذين تحمسا لإعادته للسينما مرة أخرى وتصوير فيلم بعيونه وكما يرى عالمه الآن.. والطريف أنه أكد فى مهرجان ڤينيسيا الـ ٧٨ أنه شاهد «تايتانيك» وأحبه جدا وظل يبكى حتى النهاية!

الفيلم فاز أيضا بجائزة الجمهور فى مهرجان فينيسيا، وأعتقد سيكون له نصيب كبير فى جوائز أخرى.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة