العنوان صحيح، فأنا أتحدث عن عرايا الدولة الذين تركتهم تنهشهم الرأسمالية ومافيا السياسة فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة. تركت الدولة رعاياها الذين تقدموا ورشحوا أنفسهم معتمدين على غطائها الدستورى والقانونى لحمايتهم فتركتهم نهشًا لأصحاب المال الحرام الذى تدفق بإسراف إلى جيوب البلطجية فحكموا الانتخابات وحددوا الفائزين بدون أن ترمش عين للدولة التى تزعم أنها دولة القانون.
اعتقد الناس أن مصر تغيرت وصارت أفضل بعد ثورتين قامتا تغير بعدهما النظام السياسى الحاكم عدة مرات لكن يبدو أن يد الدولة ارتخت فصارت الساحة مرتعًا لمن يقدر ونفضت الدولة يدها فأشاحت بعيدًا حتى لا يبدو عجزها واضحا جليا معلنة ضمنا وصراحة أنها تنقض العقد الاجتماعى بينها وبين الشعب وبين الشرفاء من هذا الشعب الذين وثقوا فيها ورشحوا أنفسهم فى انتخابات انتظرها الناس كثيرا معتقدين أنها ستكون الأفضل لكنها صارت الأسوأ متشبهة بانتخابات 2010 سيئة السمعة.
تلاعب البعض من المدعومين من أجهزة الدولة أو على الأقل ادعوا ذلك بالقوائم التى تعد عارا على الدستور بوضعها الحالى الذى جعل من أشخاص لا يعرفون ∩الألف من كوز الذرة∪ فى السياسة نوابا بينما تم تجريف نخب من صفوة السياسيين بدون مبرر وهو ما خلق حالة عداء بين تيار كبير من المتعقلين العاقلين.. وبين هواة السلطة ممن نسبوا لأنفسهم صفة وسمة الوطنية. أين المستشارة تهانى الجبالى من البرلمان وهى التى حاربت وحاربها الإخوان حربا شعواء لأنها تصدت لهم فى أوج جبروتهم. أين قدرى أبو حسين المخضرم الذى تولى العديد من المناصب ومنها منصب المحافظ وغيره لكى يكون وقائمته خارج البرلمان وفيها شخصيات محترمة ومنهم محافظون سابقون. أين د. محمود شريف الرجل العلامة والسياسى الكبير من البرلمان. أين عمرو الشوبكى صاحب الفكر السياسى المتميز والذى تركته الدولة نهشا لسطوة المال السياسى وغيره من الأسباب التى أبعدت مثله عن البرلمان. أين د. صبرى طه الذى عاش عمرا سياسيا طويلا فى نزاهة وسمعة طيبة وكفاءة عالية من البرلمان وهو الذى أعطى كل سنوات العمر للوطن.
أين هؤلاء وغيرهم فى الوقت الذى صار فى البرلمان ومن أعضائه شخصيات يعاف الناس أن يذكروا أسماءهم. ربما يتفلسف البعض ويقول إن الشعب اختار هؤلاء وأقول لا أحجر على الشعب فى اختياره ولكنى أصرخ فى وجه الدولة _ لا الحكومة العاجزة _ أن أفيقى.. أن احم المحترمين.. أن وفرى انتخابات نزيهة.. لأن اللجنة العليا تجلس فى برج عاجى ولا تقدر على السيطرة على كل المخالفات التى حدثت فى الانتخابات. من الذى يراقب الشوارع لكى يقدر حجم الدعاية لمرشح ؟ من الذى يمكنه السيطرة على الإعلام فيوفر العدالة لكل المرشحين ؟ من يستطيع أن يحجم عملية الرشاوى السياسية التى كتبت عنها الصحف وصارت عينى عينك فى الشوارع ؟.
هل منعت اللجنة العليا التصويت الطائفى لصالح مرشحى حزب هو حزب دينى فى الواقع لكنه يضم مرشحين مختلفى الديانة حتى لا يوصم بالطائفية فينزل الجميع موجهين دينيا للتصويت لمرشحى هذا الحزب بينما تراقب الدولة وتسكت !!. كان جمال عبد الناصر على حق عندما جاء أحد أهم مبادئ ثورة يوليو المجيدة − المجيدة بحق − القضاء على سيطرة رأس المال على الحكم.
حلمنا بوطن جديد.. حلمنا فيه بالسمو فوق مخلفات الماضى القمىء.. حلمنا بدولة تحمى رعاياها.. لا تتركهم عرايا فى مواجهة بطش المصالح ووحشية رأس المال.. حلمنا بنخبة جديدة تعمل لصالح الوطن وتدفع فى اتجاه التقدم والتنمية واحترام المواطن.. لكن الدولة تركت الرعايا عرايا ولم تحم سوى المرشحين من الضباط السابقين أو من يلوذ بهم وكأنها تحرص على وجودهم داخل البرلمان لحمايته من اختطاف الرأسماليين الجدد له.
أقول للمحترمين: اغضبوا فعندما تغضبون تصلح الأحوال.. وإلا اعتقد أصحاب الأيدى المرتعشة أنكم راضون وهو ما أربأ بكم أن تكونوا عليه.