كلنا ينتظر بشغف نتائج التحالفات الجديدة في برلمان مصر الأول بعد 30 يونيو. تجربة تغير خريطة التحالفات الانتخابية التي تتكون من اجل دخول البرلمان ثم تفككها لتشكيل تحالفات برلمانية جديدة بعد الوصول إلي مقاعد مجلس النواب قد تكون جديدة علي مصر لكنها مألوفة في بعض دول العالم كإسرائيل مثلاً.
التجربة المصرية تشبه التجارب الخارجية في أن ما جمعته الانتخابات تفرقه مقاعد البرلمان ولجانه. لكنها تتسم بخصوصية معينة، ولأنها وليدة فإن المعايير السياسية المعروفة في دول العالم لتكتلات ما بعد الانتخابات مازالت لا تتوافر في التجربة المصرية باصطفاف الأحزاب المتقاربة في التوجهات السياسية والاقتصادية، أو تكتل الأحزاب من أجل تحقيق أهداف معينة كسن تشريعات تحظي باهتمام الجمهور أو صد سياسات وتشريعات أخري تكون في الطريق وتحتاج لمصادقة البرلمان، لكنها تتصادم مع المصالح العامة لغالبية فئات الشعب.
الكل ينتظر لمتابعة أداء مجلس النواب الجديد في ملفات معينة أهمها التعامل مع القرارات الرئاسية التي صدرت في غياب البرلمان والقوانين ذات الصبغة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية مثل قوانين الطوارئ ومكافحة الإرهاب أو البلطجة والضريبة المتصاعدة، وفرض الضرائب الجديدة ومراقبة أداء الحكومة.
برلماننا القادم عليه مسئوليات جسام، ومع دخول العديد من الفائزين بعضوية المجلس للمرة الأولي لذلك أصابت أمانة المجلس في ترتيب الدورة التثقيفية لأعضائه لتزويدهم بالمعرفة اللازمة التي تساعدهم علي أداء دورهم النيابي. وتوضيح الفوارق المهمة بين دور نواب المجالس التشريعية والمجالس المحلية وإعلامهم بكيفية تقديم الاستجوابات والأسئلة وطلبات الإحاطة وهي ثقافة كانت غائبة عن كثيرين من نواب الشعب خدشت الدور الرقابي والتشريعي للبرلمان. وكان من العار أن يستهل النواب الجدد دورتهم بالتصارع والمطالبة بامتيازات شخصية قبل أن «يرموا بياضهم» و»يظهروا كراماتهم» في الأداء البرلماني الأمر الذي خصم من ثقة الشعب وجعلهم يظهرون بمظهر المتهافت علي الغنيمة والمتسربل بالحصانة. يجب أن يعلم نوابنا الأفاضل ان الشعب والحكومة يعلق عليهم آمالاً كثيرة يأتي علي رأسها نبذ السلوكيات المشينة التي التصقت بالمجالس السابقة علي ثورتي يناير ويونيو. ويجب أن يعلم السيد النائب انه جاء ليكون «وكيلاً» للشعب لا «واكلاً» له.
تحيا مصر بأبنائها المخلصين
تعقيباً علي مقالي في الأسبوع الماضي بعنوان: «إحنا آسفين يامصطفي» وصلتني علي بريدي الإلكتروني هذه الرسالة التي تقطر ألماً من الدكتور/صلاح الدين عبد الرحمن الصفتي، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة عين شمس. يقول فيها: «لقد طالعت مقالكم المُحترم المعنون «إحنا آسفين يا مُصطفي»، ومزقت قلبي أيضًا جملة الأم عن ابنها « في مصر كأنه ميت يجب دفنه، وفي الإمارات عريس الكل فرحان به». سيدتي الكريمة الإشكالية في مصر في وجهة نظري هو أن الشخص المناسب ليس في المكان المناسب وهذه هي الطامة الكبري، فمنذ حوالي خمسة أشهر تقدمت باقتراح لحل مشكلة تراكم القمامة في شوارع مصر وذلك عن طريق اتباع طريقة حضارية موجودة في كثير من بلدان العالم «المُحترمة» بل موجودة في بعض الكومباوندات في مصر، حيث تقدمت بهذا الاقتراح (الفكرة والفوائد والتمويل اللازم) للسيد اللواء نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية وحاولت مقابلته ولكن للأسف بل وللعجب لم أتمكن من مقابلته بأعذار واهية وكان كل أملي أن أسعي كمصري يحب وطنه أن أكون أحد أيادي الإصلاح في هذا الوطن وأن نُفعّل جديًا فكرة التفكير خارج الصندوق. المشكلة سيدتي «في الأشخاص».. «في المسئول» الذي لا يبالي ولا يهتم إلا بمصلحته وليذهب البلد للجحيم، العجيب والغريب عدم المُحاسبة أو المُتابعة من قبل الجهات المنوط بها ذلك، والإصرار علي إحباط كل صاحب فكرة أو مشروع...عفوًا سيدتي لن تحيا مصر وهؤلاء الأشخاص قابعون علي كراسي مُتخذي القرار، دعيني سيدتي اختم كلماتي معك وآسف علي الإطالة، فليكن مقالكم القادم بعنوان «آسفين لكل شخص مد يده للإصلاح ولم يجد من يستجيب».
مع خالص الشكر والتقدير.... وتحيا مصر بأبنائها المخلصين