اصرت باريس التي اكتوت منذ أيام قليلة بنار الارهاب الذي يهدد العالم كله.. أن تواصل التحدي وتستضيف زعماء 150 دولة من كل أنحاء العالم لمواجهة خطر آخر يهدد أيضا العالم كله وهو خطر تغير المناخ.

وكان الحضور المصري قويا في تلك القمة.. ليس لأن الرئيس المصري كان يمثل بلده صاحبة الدور الريادي في التنبيه إلي تلك القضية الهامة.. ولكن لأنه كان يمثل قارة أفريقيا التي تهددها تداعيات التغيرات المناخية ربما أكثر من بعض الدول المتقدمة رغم أنها أقل المناطق المتسببة في الأزمة.
قضية تغير المناخ المتسببة عن الاحتباس الحراري الناتج عن تزايد الاعتماد علي الطاقة المنتجة للانبعاثات الملوثة للبيئة.. هي قضية خطيرة ومتشابكة.. وانتهي الخبراء إلي تحديد آثارها خلال السنوات المقبلة وتتمثل في :
1- زيادة كم ونوع الكوارث الطبيعية السنوية حول الكرة الأرضية مثل الفيضانات العارمة في أوربا وآسيا وإفريقيا وأمريكا.
2- زيادة عدد وشدة الإعصارات الخطيرة، كما حدث في إعصار كاترينا وإعصار ريتا بأمريكا وما نتج عنها من كوارث وفيضانات ودمار وألوف الضحايا.
3- استمرار ذوبان طبقات الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي وكذلك ذوبان وانهيار جبال الثلج العائمة في الشمال مما ينتج عنه مباشرة ارتفاع في منسوب المياه في المحيطات والبحار، وتهديد الحياة البحرية والجوية، الأمر الذي سينتج عنه أيضا إغراق السواحل المنخفضة ودلتا عدة أنهار، وما يستتبعه من دمار واختفاء العديد من المدن والقري الساحلية وتشريد الآلاف وضياع الكيانات العمرانية والطبيعية.
4- انتشار حرائق الغابات واحتراق آلاف الهكتارات من الأشجار التي تعتبر المصدر الرئيسي للأكسجين اللازم لاستمرار حياة الإنسان والحيـوان والنبات، كما شاهدنا في أمريكا وأوربا وآسيا وأفريقيا.
5- انتشار ظاهرة التصحر واختفاء آلاف الهكتارات من المراعي والغابات والأراضي الزراعية.
6- زيادة عدد وقوة الزلازل وتوابعها حول الأرض في القارات وتحت قاع المحيطات بالإضافة إلي ثورات البراكين المدمرة في مختلف مناطق العالم، مما يتسبب في الدمار والتشريد والتلوث ومئات الآلاف من الضحايا.
7- استمرار واتساع ثقوب الأوزون، خاصة فوق القطب الشمإلي مما يهدد حياة وصحة الإنسان والحيوان والنبات في مختلف أرجاء العالم ويخل بالتوازن البيئي والدورة الحياتية الطبيعية المغلقة.
كل هذه الأخطار يمكن أن تنتج لو أهملنا تلك الظاهرة الخطيرة.. ولكن ماذا عن مصر تحديدا؟.
يؤكد التقرير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية أن العديد من التهديدات تواجه مصر نتيجة تغير المناخ رغم أن انبعاثات مصر من غازات الاحتباس الحراري المسببة للتغيرات المناخية لا تمثل سوي 0.57 % من إجمإلي انبعاثات العالم إلا أن مصر تعتبر من أكثر دول العالم تضررا من آثار التغيرات المناخية.. أولها أن ارتفاع مستوي سطح البحر يمكن أن يؤدي علي المدي المتوسط والبعيد إلي تعرض مساحات متفاوتة من دلتا النيل ومحافظات الوجه البحري لاحتمالات الغرق مما يهدد بفقدان مساحات ضخمة من الأراضي الزراعية الخصبة الآهلة بالسكان ويسبب هجرة الملايين من ساكني هذه المحافظات إلي الجنوب وضياع العديد من المنشآت الصناعية والسياحية.
وأما المشكلة الثانية فهي تذبذب إيراد نهر النيل من المياه بحيث يمكن أن يرتفع فجأة بنسبة تصل إلي 28% كما أنه يمكن أن يتناقص فجأة أيضا في سنة أخري بنسبة تصل إلي حوالي 76% وذلك بسبب اختلال توزيع أحزمة المطر كميا ومكانيا وخاصة فوق حوض نهر النيل. كما تشير السيناريوهات المختلفة لانعكاسات التغيرات المناخية علي مصر إلي احتمال حدوث انخفاض ملحوظ في الناتج القومي من الحبوب وليس ذلك في مصر فقط بل في جميع الدول التي تعتمد علي مياه الأنهار في الري.
وكما يقول الخبراء فإن الخسائر الاقتصادية المباشرة الناتجة عن ذلك تقدر بنحو 35 مليار دولار يضاف إليها خسائر اجتماعية وصحية، كما ستكون المنطقة الصناعية ببورسعيد من اكثر المناطق تعرضا للضرر بسبب ارتفاع مستوي سطح البحر.
كانت كلمة الرئيس السيسي أمام هذا التجمع العالمي قوية ومباشرة ومنبهه إلي خطورة القضية علي مصر وأفريقيا والعالم كله.. لعلهم ينتبهون.