اليك يا من علمتني كل دعائي الي الله ان يعيدك الي اهلك

وبيتك سالما يقولون
إنها معجزة ولكن الله قادر علي كل شيء



صباح الخميس الماضي ذهبت اليه في منزله فنحن نسكن منطقة واحدة اتصلت به لألقاه وانا لا ادري ان تلك هي المرة الاخيرة التي اراه فيها قبل ان تهاجمه ازمة حادة ذهبت به الي غيبوبة كبيرة، اصطحبني الي اهم مكان في حياته مكتبته الكبيرة التي كان يقضي فيها كل وقته تقريبا ساعات الليل والنهار تحدثنا في احوال الدنيا والجريدة والمشاكل الخاصة والعامة طاف بي اركانها هنا التراث هنا الادب هنا الموسيقي هنا كتب الفنون بكل انواعها وهنا كلاسيكيات السيمفونيات تحملها مئات الاسطوانات التي لم يعد لها اهمية بعد ان تطورت اجهزة التليفونات لتحملها كاملة ويمكنك بسهولة سماعها.
امتد بي اللقاء مع استاذي الكبير جمال الغيطاني لاكثر من ساعتين كاملتين تخللها مكالمة أجراها من أجلي باللواء يس طاهر محافظ الاسماعيلية لمشكلة تتعلق بسكن خاص بي وتطوع بالتدخل لحلها، ثم مكالمة اخري اجريتها بالمطار لعمل تصريح له لدخول الدائرة الجمركية كما تعودنا دائما لوداع ابنته ماجدة عند سفرها الي امريكا حيث تقيم وزوجها، كان لقاء جميلا وكان الاستاذ رائعا لا يشكو شيئا اللهم الا غفوة بسيطة عاد بعدها كامل الوعي والصحة، وتركته بعد ان اهداني الجزء الثاني من اعماله الروائية الكاملة ومر يوم الجمعة وفي السابعة والنصف صباح السبت فاجأني صوت الزميل صلاح عبدالغني سائقه الخاص الذي كان يعتبره الامين علي صحته وهو يبكي وادركت ان شيئا ما حدث واخبرني ان جمال في العناية المركزة في المركز الطبي العسكري بالجلاء في حالة خطيرة اسرعت الي المستشفي وانا امني نفسي ان تكون الازمة قد ذهبت وعاد الاستاذ لوعيه وهو مازلنا ندعو الله ان يهبه له متعلقين بالامل رغم صعوبة الحالة وتداعيات انقطاع الاكسجين في الوصول للمخ بعد توقف عضلة القلب لربع الساعة تقريبا كانت في المسافة بين البيت والمستشفي علي طريق المطار.
بين يدي الله رقد جمال الغيطاني ذلك القيمة والقامة الذي رأيته وكأنه عريس في ليلة تكريمه بمناسبة عيد ميلاده السبعين في شهر مايو الماضي، الاطباء يبذلون كل الجهد وهم يعلمون خطورة الحالة وهم يصفون ما حدث في عودة الحياة للقلب بأنه معجزة بعد التوقف ويتمنون مثلنا ان تستكمل بإرادة الله وتعود الحياة لوظائف المخ كاملة وهم يتحسبون الخطوات لا نملك لك ايها الاستاذ يا من علمتني وغيري من تلاميذك الالتزام وحب العمل وقبلهما حب الوطن الذي هو اغلي علي الانسان من اي شيء في الدنيا الا الدعاء لله ان تتحقق معجزة العودة من المجهول. لقد كنا نستمد منك قوة الاحتمال فلكم مرت بك من المواقف الطارئة صحيا تجاوزتها بفضل الله وحتي وان كانت هذه المرة جاءت قاسية علينا وعليك فلازال الامل يراودنا ان تتجاوزها بأمر الله وقدرته.
استاذي يا من ترقد بين يدي الله ونرجو لك رحمته ان يعيدك الينا لازلت اتذكر تلك اللحظات العصيبة التي عشتها انا والراحل الشاعر الكبير عبدالرحمن الابنودي لما ذهبت الي كليفلاند لاجراء الجراحة في القلب منذ سنوات كنت تشعر انها النهاية ولما جاء موعد العملية استلمت لقضاء الله واذكر انني والابنودي لم نذق طعم النوم ليلتين بعد ان تأخر اجراء الجراحة حتي جاء الخبر بنجاحها وعدت لنا سالما.
لا نملك استاذي الكبير الا ان ندعو الله ان يعيدك الينا انه قادر علي كل شيء.