إيهاب فتحى
دار الإفتاء تحارب الظلامية.. وتعليق يرسم خارطة طريق
الجمعة، 29 أكتوبر 2021 - 01:02 م
إيهاب فتحى
بدأت دار الأفتاء حملة عبر كافة وسائط السوشيال ميديا تحت عنوان «أعرف الصح» ،من خلال هذه الحملة تقدم دار الأفتاء الرأى الصحيح والموثق فى مسائل دينية شائعة كثر السؤال حولها وفتحت أبواب من الخلاف أكثر من الأتفاق .
من خلال متابعة حملة دار الأفتاء نجد أنها تهدف الى التيسير وأتاحة الرأى الشرعى السليم المتوافر بين أكثر من رأى فقهى ، وهذا بالتأكيد عمل محمود طال أنتظاره من الدار العريقة خاصة لأنها تستخدم فى حملتها الوسيط الأكثر أنتشارا الأن وهو وسائل السوشيال ميديا فهى ذهبت بعلمها الى المواطن من خلال الوسيلة الأكثر أستخداما فى حياته الشخصية .
تشير الحملة الى جانب أخر وهام فالفتوى المقدمة ورائها علماء أجلاء مما يعنى أنها تحمل الثقة الكاملة فى محتواها وتبتعد عن مدعى الفتوى ومن يفتون بغير علم ويضعون الحرام قبل الحلال مخالفين كل منهج عقلى بعد أن كثر هذا النوع من المدعين خلال العقود الماضية بدعم من الفاشية الأخوانية والمتسلفة .
لم تكن دار الأفتاء بعيدة عن خطر هؤلاء المدعين ومن يدعمهم ففى فتوى بتاريخ 17ديسمبر 2003وتحمل رقم 16300 وتتصدر الموقع الألكترونى للدار أجاب فضيلة الدكتور على جمعة وقت أن كان مفتيا للديار المصرية عن سؤال هو محور هذه الفتوى الهامة «ساهم بعض المتصدرين للفتوى وهم غير مؤهلين لها في تشويه صورة الإسلام، فأفتوا بغير فهم ولا إدراك، وليس لديهم أيُّ فكرٍ أو علمٍ يتعلق بفقه الموازنات الشرعية، بين المصالح والمفاسد، وكذلك بفقه المآلات، فكيف نعيد الثقة مع الناس بعدما أضعفها هؤلاء؟» وهذا بعض مما أوضحه دكتور على جمعة فى أجابته « الإفتاء في الإسلام من الأمور الخطيرة؛ لأن المفتي هو الذي يُبلغ الشرع للناس، وفي ذلك يقول الإمام الشاطبي رحمه الله في الموافقات المفتي قائم في الأمة مقام النبي صلى الله عليه وسلم. والدليل على ذلك أمور أحدها النقل الشرعي ففي الحديث الشريف: «العُلماءُ ورثةُ الأنبياءِ، وإنَّ الأنبياءَ لم يورِّثُوا دِينَارًا ولا دِرْهَمًا، وإِنَّمَا وَرَّثُوا العِلمَ» والثاني أنه نائب عنه في تبليغ الأحكام؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «ألا فليُبلِّغ الشَّاهدُ منكم الغَائبَ».ولقد حذر الإسلام من الإفتاء بغير علم، وبيَّن لنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن من علامات فساد الزمان أن يكثر عدد الذين يفتون بغير علم ( ...)وأخرج أبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من أُفتِيَ بغيرِ عِلْمٍ كَانَ إِثْمُهُ عَلَى مَن أَفْتَاهُ». أي: من أفتاه شخصٌ بغير علمٍ فعمل بالفتوى كما سمع وكان فيها ذنبٌ فهو على مَن أفتاه. ويمكن إعادة جسور الثقة والتغلب على هذه المشكلة عن طريق بيان الأحكام الشرعية وأصول الإسلام الصحيح للمسلمين وغيرهم بالصورة الصحيحة، بعيدًا عن التشدُّد والتعصُّب والغلوِّ في الدين، عن طريق العلماء المتخصصين في المراكز الإسلامية المتخصصة؛ كالأزهر الشريف، ودار الإفتاء المصرية (...)»
بالتأكيد فأن حملة دار الأفتاء على السوشيال ميديا تهدف كما جاء فى فتوى الدكتور على جمعة قبل 18 عام إعادة جسور الثقة وبيان الأحكام الشرعية وأصول الإسلام الصحيح بعيدا عن الغلو فى الدين والتشدد والتعصب لكن مع ظهور فتاوى الدار على وسائل السوشيال ميديا يمكن أن نرى بوضوح أننا أمام حالة تسمم عقلى أصابت المتلقى والعقل المصرى نتيجة عقود من التسلط الأجتماعى للفاشية الأخوانية وأذنابها من المتسلفة ويمكن ملاحظة هذا ببساطة من حجم التعليقات وطبيعتها فأغلبها لايبحث عن التيسير الذى هو الأصل والفائدة التى هى الغاية بل يبحث عن التحريم والغلو والتشدد رافضا التيسير ولم يكتف هذا العقل الرافض للمنطق بموقفه بل تحول كل معلق من الألاف الذين علقوا الى مفتى سوشيالى معترضا على المنهج العلمى والشرعى الذى تقدمه دار الأفتاء ،ولم يلاحظ هذا «المفتى السوشيالى « كم الأخطاء اللغوية والأملائية التى كتبها فى تعليقه والتى تدل على حجم العلم «الغزير» الذى يتمتع به صاحب التعليق والذى لايعرف من التدين سوى الشكل دون العقل .
هناك الكثير من الفتاوى التى تناولتها حملة «أعرف الصح» لدار الأفتاء ولكن هناك عدد من الفتاوى أنتبه لها المعلق أو «المفتى السوشيالى « أكثر من غيرها رغم أنها فتاوى ترتبط بأمور ومعاملات حياتية يبحث فيها العاقل عن التيسير وليس التضييق أو التحريم لكن ماذا نتوقع من عقل أصابته الفاشية الأخوانية والمتسلفة بالتسمم وأصبح غير قادر على استخدام أليات التفكير والتدبر ولايملك سوى التطاول على المنهج العلمى.
ذكرت دار الأفتاء أن حلق اللحية من الأمور المختلف فيها بين الفقهاء ولا مانع شرعا من حلقها ،قدمت هنا دار الأفتاء رؤيتها الميسرة لهذا الأمر الحياتى فهى وضحت أنه لا يوجد ألزام بأطلاق اللحية وأيضا لايوجد أى مانع فى حلقها ويمكن لأى عاقل هنا أختيار مايناسبه لكن أغلبية التعليقات خرجت من عقول طبعت عليها الفاشية الأخوانية والمتسلفة التشدد والغلو والأحساس المشوه بوجود مؤامرة كبرى على الإسلام وطالب أغلب المعلقين أو مفتى السوشيال بأنه يجب على دار الأفتاء تحريم حلق اللحى ولم تكتف هذه التعليقات بهذه المظاهرة من الغلو والتشدد بل تطاولت على الرأى العلمى السليم فى مسألة حياتية بسيطة لا تؤثر بشكل جذرى فى حياتنا اليومية .
الفتوى الثانية التى خرجت تطاردها العقول المطبوعة على الغلو والتشدد تعلقت بأستثمار الأموال فى البنوك حيث أوضحت دار الأفتاء فى فتواها « لا يوجد أى شبهة ربا فى أيداع الأموال فى البنوك فالمعاملات البنكية أستثمار للأموال « تأتى هنا فتوى دار الأفتاء واضحة لا لبس فيهالتيسر وتنهى عقود من الشك زرعتها الفاشية الأخوانية وأذنابها من المتسلفة فى المؤسسات الاقتصادية الوطنية المصرية من أجل أن تنتقل أموال البسطاء الى جيوب أخوان الشر وشيوخ التسلف فالأمر لم يكن يتعلق بدين أو فقه بل كانت هذه الحملة من التشكيك غرضها الأول والأخير نهب أموال المصريين لصالح الفاشية الأخوانية والسيطرة على مفاصل الاقتصاد المصرى .
أظهرت التعليقات على فتوى استثمار الأموال فى البنوك أن أثار حملة التشكيك الى تولتها الدعاية السوداء للفاشية الأخوانية مازالت باقية فى العقول التى أنخدعت وسارت وراء هذه الدعاية المسمومة ،فأغلب التعليقات ترى التحريم وليس الأباحة بشكل فج وساذج فى طرح الرأى وكأن من يعلقون لا يمتلكون أى عقل أو بمعنى أدق غاب هذا العقل وراء ظلام الدعاية الفاشية .
فى نفس الوقت ستجد هؤلاء المعلقون المغيبون يبكون دما عندما تضييع أموالهم بعد أن يسلمونها ببلاهة الى « المستريحين « ومن ورائهم من شيوخ التسلف الذين يتولون تقديم المبررالزائف بأسم الدين والدين منهم براء لهؤلاء النصابين والمنصوب عليهم لأستثمار أموالهم بطريقة « شرعية «، وكأن هؤلاء المعلقون المغيبون فى ظلام الدعاية الفاشية الأخوانية لم يتعلموا الدرس القاسى من أكبر عملية نصب تمت تحت الشعارات الدينية بأسم توظيف الأموال والتى أدارتها الفاشية الأخوانية وأذنابها من المتسلفة ، لكن كيف لعقل مغيب أن يتعلم درس أو يكتسب خبرة ؟.
مع كل فتوى تنشرها دار الأفتاء فى حملتها « أعرف الصح « تجد هذه التعليقات المغيبة ولكن وسط هذا التغييب لا تتراجع الشخصية المصرية عن حكمتها وذكائها وتعطى الأمل والحل ببساطة ففى أحد التعليقات كتب صاحب التعليق « للمرة الألف الناس معذورة ليهم سنين مابيسمعوش غير من المتنطعين مدعى العلم لكن قريبا أن شاء الله سيعودون الى صحيح الفقه « وكأن الجمع المغيب أنتبه فحاز التعليق على الكثير من التأييد
رغم بساطة كلمات هذا التعليق ألا أنه يعطى أشارات هامة بل يرسم خارطة طريق لكيفية استعادة العقل المصرى من ظلام التغييب و براثن الدعاية السوداء وأعادته الى مكانه الصحيح على طريق نور الوعى.
أشارة الأمل التى يعطيها هذا التعليق أن مخزون الحكمة المصرية لايتأثر بأى تغييب مهما كان حجمه وتظل هذه الحكمة بوصلة الشخصية المصرية تعيدها دائما الى موقع الوعى والتصدى للتغييب .
أما الحل أو خارطة الطريق التى يطرحها هذا التعليق ببساطة فتقول لنا أن المعركة مع الفاشية الأخوانية وأذنابها لم تنته والحل هو الأصرار على أنهاء هذا التغييب بمزيد من أظهار الحقيقة وبيان صحيح هذا الدين العظيم ومواجهة الهجمة الظلامية التى ضربت العقل المصرى قبل عقود .
لا يجب أن يقتصر المشاركون فى هذه المعركة المصيرية التى محورها العقل المصرى ومستقبل هذه الأمة على دار الأفتاء فقط بل يجب أن تشارك فيها كافة مؤسسات المجتمع لتكن نتائجها النهائية النصر على الظلامية والتغييب فيحدث أرتقاء مجتمعى حقيقى ويصبح العقل الواعى هو الأساس فى حركة هذا المجتمع والقائد لمستقبل هذه الأمة.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة